ولاتة: حلم بحيرة الظهر يكاد يتبدد!

كتب ملاي عمر ولد اكَيك

الزمان أنفو ـ سنوات من الظلم والحرمان قضّاها الولاتيون والولاتيات وهم يمارسون حقهم في النضال والمطالبة من أجل ربط مدينتهم ببحيرة الظهر. بدأت تلك الرحلة حينما تأكد الجميع أن المدينة الأقرب للبحيرة والأحوج للربط بها سقطت سهوًا أو عمدا من قائمة المستفيدين من المشروع في مُركبته الأولى والتي جاوزت 48 ما بين مدينة وقرية. صار الموضوع يطرح في كل اللقاءات مع رئيس الجمهورية آنذاك خلال زيارته للمقاطعة أو الولاية وكذلك أثناء زيارات مختلف المسؤولين الرسميين ثم تصاعد الأمر إلى أن أخذ شكل الاحتجاج وتنظيم الوقفات أمام وزارة المياه والبرلمان والقصر الرئاسي كل شهر وبشكل منتظم خلال تلك الفترة. وقد تخلل ذلك الكثير من المراسلات الإدارية مع جميع المعنيين بالموضوع، بدءً بالسلطات المقاطعية والجهوية ورئاسة الجمهورية. كما تم، من خلال مختلف وسائل الإعلام (مقابلات تلفزيونية، حوارات، تغطيات وتدوينات…)، إطلاع الرأي العام الوطني على مدى فداحة الظلم الذي تعرضت له هذه المدينة التاريخية وذلك بإقصائها من مشروعٍ حيوي وعملاق طالما اشرأبت أعناقهم طمعا في الاستفادة من مائه الزلال بدلا من الماء الأجاج الذي تجرعوه على مدى أكثر عقد من الزمن وسبب لهم الكثير من الأمراض والمضاعفات الصحية.

في اليوم الثامن من مارس 2019 وخلال الزيارة التي أداها صاحب الفخامة، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وهو إذ ذاك ما زال مترشحا، للمقاطعة وتعهد، ولم يُخلف، لسكان ولاتة بربطهم ببحيرة الظهر، حينها تنفس الجميع الصعداء وبدأوا يعدون الدقائق والساعات في انتظار انتخاب رئيس الجمهورية وهو ما تحقق، لتبدأ وزيرة المياه في تشكيلة الحكومة الأولى، السيدة: الناها منت مكناس في البحث عن التمويل من أجل إنجاز تعهد رئيس الجمهورية. وهو ما تحقق عن طريق قرض من البنك الإسلامي للتنمية قدره: 1 565 458 720 أوقية قديمة.

بتاريخ 29 أبريل 2021 تم إعلان فتح المناقصة الدولية لربط ولاتة ببحيرة الظهر، ليتم فتح العروض في 15 يونيو 2021 وترسو الصفقة بشكل نهائي على شركة BIS TP يوم 28 سبتمبر 2021 على أن يتم التنفيذ في مدة لا تتجاوز 12 شهرا. وشملت الأشغال:

1. إنجاز وتجهيز بئرين على بحيرة الظهر بسعة ضخ 32 متر مكعب في الساعة؛

2. توفير وتركيب أنابيب طولها 70 كلم وذات أقطار تتراوح بين 75 ملم و 315 ملم؛

3. بناء خزانات للمياه من الإسمنت المسلح تتراوح سعتها بين 200 و 300 متر مكعب؛

4. بناء كل المباني الضرورية لاستغلال المشروع؛

5. إنجاز 1000 توصيلة منزلية أي توصيل الماء إلى 1000 منزل؛

6. نزع أنابيب الشبكة القديمة؛

7. توفير وتركيب المعدات الألكتروميكانيكية والهيدروميكانيكية والكهربائية لمحطات الضخ.

في 25 نوفمبر 2021 تم وضع حجر الأساس للأشغال من طرف معالي الوزير الأول السيد: محمد ولد بلال. رغم ذلك لم تبدأ الاشغال إلا بعد ثمانية أشهر من ذلك التاريخ شهدت الكثير من تضييع الوقت والمماطلة والتسويف، وقد تخلل تلك الفترة عدد من اللقاءات مع مسؤولي وحدة تنفيذ مشروع الظهر والامينة العامة لوزارة المياه والصرف الصحي آنذاك وكذلك رئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين من أجل طلب تذليل الصعوبات التي تعترض انطلاق الاعمال رغم استكمال جميع الإجراءات الإدارية.

عند انتهاء الاشغال ظهر عديد الاختلالات بعضها بادٍ وأغلبها مستتر لكنه سرعان ما انكشف عند الاستغلال، وإلى اليوم، ما زال المشروع، رغم مرور ستة (6) أشهر على بدء تشغيله عاجزا عن تزويد أحياء المدينة بالماء لأكثر من عشرين (20) دقيقة خلال كل 48 ساعة في أحسن الأوقات. للتغلب على هذه المشاكل والاختلالات تدخل الكثير من الفاعلين سواء على مستوى السلطات الإدارية (حاكم المقاطعة ووالي الولاية) أو على مستوى الشركة المنفذة للأشغال أو وحدة تنفيذ مشروع الظهر، إلا أن كل هذه التدخلات ظلت عاجزة عن التغلب على المشكل الحقيقي الذي يحول دون تدفق المياه فترة كافية من الزمن خلال اليوم. والسبب في ذلك هو عدم وضع اليد حتى الساعة على المكمن الحقيقي للخلل.

يجمع أغلب الفنيين على أن هناك خلل بنيوي على مستوى المقطع الرابط بين R2 (أعليب المهراز، الذي جاء في الدراسة أن الماء يأتي منه بميل طبيعي بالتدفق الحر) وR3 (الخزان الرئيسي بالمدينة) وأن الحل الجذري لهذه المشكلة يتمثل في تصحيح ذلك الخلل الممتد على طول 7كلم وأن ما عدى ذلك يبقى حلا مؤقتا وإطالةٌ في عمر المشكل وبالتالي استمرارُ معاناة الساكنة وهدرٌ كذلك لجهود السلطات الادارية، التي تواكب بشكل فعال ويومي وضعية المشروع، وتضييعُ وقتٍ بالنسبة لأبناء المدينة، الذين حملوا على عواتقهم متابعة وحل مشاكلها وبالأخص موضوع المياه، و تبذيرُ مالٍ كان من الأجدى والأنفع أن يخصص لمعالجة الإشكال الحقيقي للمسألة بدل إنفاقه في حلول ترقيعية تصدق عليها العبارة الشعبية: أطَّلِي أعْلَ الزْغَبْ. وهكذا تظل الدولة والمواطن هما الخاسران الأكبران في العملية، فالدولة أنفقت وما زالت تنفق إلى اللحظة، والمواطن لم تصله الخدمة على الوجه المطلوب. كل هذا بسبب تهاون وتقصير الشركة المنفذة للأشغال ومغالطات وتغطية بعض مسؤولي وحدة تنسيق مشروع بحيرة الظهر. الذين زادوا الطين بلة عندما عمدوا الى ترخيص فتح أنبوب لسقي الحيوانات بين الخزانين R2 و 3R.

الثلاثي: شركة BIS TP ووحدة تنفيذ مشروع الظهر ومكتب CIRA/SGEI للمراقبة هو المسؤول عن سوء التنفيذ وغياب الرقابة والمتابعة. هذا الثلاثي هو المسؤول عن تبدد وتلاشي حلم الولاتيين والولاتيات بعد أن كاد أن يكون واقعا معاشا.

سكان ولاتة يوجهون نداءَ لرئيس الجمهورية، السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني، يا صاحب الفخامة: إن مشروع ربط ولاتة ببحيرة الظهر الذي ظل يشكل حلما لولاتة وأهلها وسهرتم على تنفيذه ومتابعة تطوراته وتذليل الصعوبات التي تعتريه إلى أن تم تدشينه من قِبل فخامتكم يوم الجمعة الموافق 8 دجمبر 2023م، هو اليوم أحوج ما يكون لتدخل منكم من أجل تصحيح الخلل وجعل منه إنجازا يرقى لتطلعات شعوبكم ولمستوى إنجازاتكم.

السيد الرئيس، إلى متى يستمر هذا الاستهتار بمصالح المواطن والتلاعب بتنفيذ الصفقات العمومية التي هي وسيلة لتطبيق برنامجكم ”تعهداتي”؟

وإلى متى تستمر سياسة اللاعقاب وترك الحبل على الغارب للمسؤولين والمشرفين على المشاريع التي ينفق عليها من أموال الشعب؟

مولاي عمر ولد أكيك، مستشار في بلدية ولاتة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى