رسائل إلى فخامة الرئيس غزواني(3) / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو _ ستكون الخمس أشهر الأولى من هذه المأمورية (2024)، كافية لتحديد توجهات الرئيس غزواني و الحكم على مستقبله و مستقبل البلد : هل سيقول لأصدقائه “اللدد” لقد أفسدتم خمسيتكم و اتركوا لي خمسيتي أو يترك لهم الحبل على الغارب للعبث بما تبقى من زمنه الصعب !؟
كل الموريتانيين يحبسون أنفاسهم اليوم ، في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة . و أسوأ ما ينتظره الشعب اليوم هو أن يحاول الرئيس إقناعهم بأنه سيحارب الفساد بأيادي المفسدين !
و حين يحصل ذلك (لا قدر الله) ، لن يجد من يحتج عليه أو حتى ينتقده و إنما سيتضح لكل مهتم بالشأن العام ، ماذا عليه أن يفعل لتأدية واجبه الوطني في انتخابات 2029 !!؟
على الرئيس غزواني أن يفهم أن من ضمن من يتمسك بهم بإصرار يحيِّر الجميع ، شخصيات لا يمكن إقناع هذا الشعب بأي عمل جاد هم جزء من آلية تنفيذه .
لقد أحرقوا أنفسهم بالتزلف و النفاق و القدح في الآخرين إرضاءً لنزوات ولد عبد العزيز و فتحوا صراعات كبيرة مع من لا يساوون شسع نعلهم ..
و ولغوا في كل أواني الفساد و انتحلوا كل صفات الشرف و الوفاء ؛ فبماذا تجيب الشعب حين يسألك اليوم : *ما حقيقة هؤلاء* !!؟
و أخشى أن يكون سؤال الشعب القادم موجه إلى هؤلاء : ما حقيقة فخامة الرئيس !!؟
*لم نعد نفهم أي شيء* !!
فماذا يبقى من الدولة بعد تمرد الشرائح و صراع أجنحة النظام ، بسبب تَعَرُّضِ هذه المجموعة التي تبني أمجادها بالوقيعة و الوشاية و أبخرة العلوم السيميائية !!؟
و تحاول هذه المجموعة (مجموعة أجْدَرْ) اليوم ، أن تقنع غزواني بأن زمن الانتصارات السياسية مربوط حصريا في جذع بقائهم من حوله .
و لا شك أن الانتخابات النيابية و البلدية و الرئاسية من بعدها ، أثبتت للرئيس أنهم لا يملكون أي وزن و يفسدون في الغالب كل ما يصلحه الآخرون.
و “مجموعة أجدر” (أي “مقطوعة من اجدر” كما ترسم العبارة الشارحة على صفحة الحكمة الشعبية) ، هي مجموعة من نخبة التزلف ، توحدها عوامل مشتركة أصيلة في طباعها :
ـ الكذب المرضي ،
ـ شجاعة منقطعة النظير في نفي أي حقيقة مهما كانت صارخة بالدم و الدموع ،
ـ مهارات عالية في تشويه سمعة الآخرين ،
ـ قدرات فريدة في “تدوير” الرئيس في أضيق حلقات اهتماماته ،
ـ سرقة أفكار كل من يلتقونهم و تقديمها لفخامته ـ في اتجاهات خاطئة ـ كإبداعات من عبقريتهم ،
ـ استعدادهم الدائم ليكونوا قطعة قماش الميكانيكي المشبعة دهونا التي يمسح فيها أياديه..
# قدراتهم العلمية متواضعة حد العدم ،
ـ عُقدهم الاجتماعية تطفوا على كل تصرفاتهم ، حتى المتجاوز منها في كل العقليات البدائية ،
ـ علاقتهم بالإعلام مبنية على الرشوة و الأكاذيب ،
ـ علاقاتهم بالجمهور مبنية على التعالي و التمظهر بقوة النفوذ ،
# أعداؤهم المشتركون هم :
ـ الحقيقة ،
ـ المسؤولية ،
ـ النزاهة ،
ـ الأصالة ،
ـ الأمانة ،
ـ المجتمع التقليدي ..
*سيدي الرئيس* ،
إلى متى تستباح أعراض و مصالح شعبك على أيادي هذه المافيا التي دمرت بلدنا و أذلت أهلنا و تمرغت ببغي في إفساد هذا البلد !؟
لن أعارض الرئيس غزواني مهما حصل ، لأسباب أبعد و أعمق و أكثر قدسية مما يفكر فيه الجميع ، قد لا يعيها الغزواني نفسه ، لكنني لن أرتكب خطيئة الدفاع عن شخصيات أعتبرُها المسؤولة الحقيقية عن انحطاط الخطاب السياسي و الأخلاقي و تفشي الفساد و احتقار الشعب و نهب خيراته على امتداد ما يقرب من عقدين من الزمن ..
# و أتمنى بعد وعده بأن تكون هذه “مأمورية الشباب و بالشباب” ، أن يتذكر فخامة الرئيس أن “الشباب حالة فكرية ، لا مرحلة معينة من العمر” كما يقول فيكتور هيفو ..
و أن لا يقع فخامة الرئيس في خطأ تعيينات الشباب ؛ التعيين ليس أهم ما يحتاجه الشباب و لا أحق ما يستحقه ..
و الأعدل و أنصف و “الأقرب للتقوى” ، أن تظل موريتانيا للجميع ، بعيدا عن منطق المحاصصات و الامتيازات و الكوتاهات التي حولت البلد إلى كعكة تتعاورها نبال الأقوياء دون العُزَّل …
ما يحتاجه الرئيس غزواني اليوم ، لاستعادة الثقة بين الشعب و النظام (و هي هوة كبيرة و خطيرة و في تزايد) ، و خلق مناخ للاستقرار يجعل كل طرف في النظام ظهيرا مؤتمنا لبقية زملائه في جو ثقة و احترام ، يسمو بكبار المسؤولين عن مستوى السوقية ، هو :
ـ أن يتخلص من هذه المجموعة المنبوذة التي حولت النظام إلى صراع ضرائر لا تخمد النيران في مربع منه إلا لتشتعل في آخر .
ـ أن يعيد مجلس الشيوخ ، لتوازنات مطلوبة في هذا الوقت بالذات على أكثر من صعيد .
ـ أن يستدرك أن حل البرلمان الذي يتكلم عنه الكثيرون كحتمية لا مفر منها ، سيكون كارثة على نظامه :
ـ سيُضيِّع الكثير من وقتكم الثمين .
ـ سيتطلب وسائل ضخمة ليس هذا وقت هدرها ..
ـ سيفجر صراعات لم تكن في الحسبان ..
ـ سيصطدم بارتدادات الأجندة الإصلاحية المغاضبة (إذا كانت جادة)، قبل بناء شبكة أمانكم ..
*سيدي الرئيس* ،
# الحوارات ، الورشات ، الأيام التفكيرية (…) ، كانت حِيَّل بارعة لأكل المال العام و أصبحت حوارات طرشان لتفجير و تدمير اللحمة الاجتماعية :
ـ ماذا يمكن أن يناقش عاقل مع بيرام !؟
ـ من أين يمكن أن يبدأ أي وطني أي حوار مع تيام صامبا !؟
ـ ما علاقة صار إبراهيما بموريتانيا ليكون طرفا في تحديد هويتها و لغتها و ثقافتها !؟
*ماذا يحدث في هذا البلد* !؟
و لا أفهم في الحقيقة ماذا يمكن أن يريده الرئيس من حل البرلمان في هذا الوقت بالذات !؟
و مهما كانت عيوب البرلمان الحالي ، تظل قيادته من طرف جوهرة موريتانيا النادرة ؛ بوطنيته و توازنه و تشعب علاقاته و مكانته لدى الجميع ، مكسبا لا يعوض و مفخرة لنظام يتجه إلى إصلاحات تحتاج رجالا من عيار ولد مگت ؛ إذا تكلم شهد له الجميع بالصدق و إذا وعد شهد له الجميع بالوفاء و إذا أعرض ، كان رجل الدولة المختوم على كل نوافذ ردود فعله بالشمع الأحمر !!!
“*ما لكم وكيف تحكمون*” !!؟