نص كلمة اعل ولد محمد فال أمام ندوة حوار الأديان
هذا نص كلمة الرئيس اعل ولد محمد فال التي ألقيت في ندوة حوار الأديان بباريس التي ترأسها رئيس البرلمان الفرنسي وحضرها معظم أعضاء الحكومة الفرنسية وحضرها رؤساء وزراء سابقون وجمع معتبر من الشخصيات الفكرية والسياسية والاقتصادية العالمية الكبرى قدر بــ400 مشارك من القارات الأوربية والأفريقية والآسيوية والأمريكية :
نص الكلمة:
“السيد رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية؛
السادة والسيدات؛
أيها الجمع الكريم؛
سعدت بلقائكم في تظاهرة مشروع “علاء الدين” الذي هو فرصة للتلاقي والتفاعل والتكامل وفتح جسور المحبة والتواصل بين شعوب وأديان قدرها أن تجتمع وتتعاون على نشر ثقافة التسامح والانفتاح والمحبة ونبذ ثقافة الكراهية والعنصرية والتطرف.
أيها الجمع الكريم؛
ربنا واحد وعالمنا واحد وانشغالاتنا متداخلة ومصيرنا مشترك.. وحلمنا واحد نحققه بعقول مستنيرة وبروح إنسانية لا تقصي أحدا من البشر في أي مكان ولا أي زمان.
السادة والسيدات؛
جاءت ديانات التوحيد الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية لتعمل على تربية الإنسان وتجسيد إنسانيته روحيا وماديا وفكريا ليصبح أداة مستنيرة وفعالة في بناء المجتمعات الإنسانية المتقدمة والمتحضرة لذلك أوصت الأديان الثلاثة بكل ما ينفع ويوحد ويقرب بين البشر.
لقد جاءت أديان السماء لتحرير عقل الإنسان وتحويله إلى عقل مستنير ناضج ولم تأت رسالات السماء لتتناقض مع العقل والحقيقة والفطرة، بل لتنسجم معها وتنميها ودياناتنا التوحيدية تتطلع إلى تحقيق السلام… جميع رسالات الأنبياء أسست على بناء السلام بين الإنسان وربه وبين الإنسان والإنسان ورسالتنا اليوم جميعا أن نفشي السلام والمحبة ونجذر الوئام.
أيها السادة والسيدات؛
نحن في الساحل أكثر حساسية لقضايا الإرهاب والتطرف لما نتعرض له في هذه الأوقات من مظاهرها السلبية الغريبة على مجتمعاتنا.
إن التطرف يناقض الفطرة والإرهاب يناقض الأديان وما نتعرض له في منطقة الساحل والصحراء هو امر غريب على ساكنة هذه المناطق التي كانت أصلا مناطق تعايش مضيافة يقصدها الرحالة والقادمون من كل حدب وصوب وتتسم بقدر كبير من الانفتاح الاجتماعي والتجاري وتعايشت فيها الاديان الإسلامية والمسيحية واليهودية لعشرات القرون دون إشكال، وكانت حرية الاعتقاد فيها مصانة.
أيها السادة والسيدات؛
يجب أن تلتقي كل الإرادات وتتضافر كل الجهود لمواجهة ثقافة الكراهية وتجفيف منابعها والتعاطي مع مظاهرها علاجيا ووقائيا بكل الطرق المتاحة.
أيها السيدات والسادة؛
إن مواجهة التطرف والإرهاب تتطلب جهودا مشتركة وموصولة فثقافة الانفتاح والمحبة ونبذ الكراهية تزرع في عقول الناس في عقول الأجيال الصاعدة لكي تحصد سلوكا مدنيا حضاريا إيجابيا، ومشروع “علاء الدين” الذي نلتقي الليلة في إطاره هو حقل نموذجي من حقول ثقافة الانفتاح والتواصل والتكامل يحقق نجاحات باهرة، ويجب أن يرعاه الجميع ويتعهده الجميع حتى يؤتي أكله وقد بدأ يؤتيه.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أشيد بجهود القائمين عليه، فلقد قاموا بعمل رائع يخدم الأجيال الحالية والآتية ويرسخ ثقافة المحبة بين بني البشر، فلهم نتمنى النجاح والتوفيق ونؤكد دعمنا الذي لا يتزعزع لهذا المشروع ومسعانا الراسخ لبلورة علاقات انفتاح وتفاعل متوازنة ومتكاملة بين كافة شعوب العالم تمكن من تجاوز الهواجس المشتركة وتفتح مسارات آمنة لتحقيق أهداف تجسد إنسانيتنا في أبهى معانيها.
أيها السادة والسيدات؛
إننا رغم ما تحقق بحاجة إلى تفعيل آليات التعايش بين الأديان والثقافات، فيجب ان نجسد تلاقي إرادات الأديان السماوية في العمل من أجل أن يسود الأمن والسلام العالم وتعيش الإنسانية في جو من الإخاء والتعاون، وذلك يتأتى من خلال:
تفعيل القواسم المشتركة بين الأديان والشعوب.
تشخيص وتحديد منابع النزعات الإقصائية المتطرفة والعمل بصورة مشتركة على تجفيف تلك المنابع وحصرها في أضيق نطاق.
البحث بصورة جادة ومخلصة عن إيجاد حلول للقضايا الخلافية الأخرى التي تؤثر على قناعات الناس وعلى مسلكياتهم.
أيها السادة والسيدات؛
إن العالم العربي وأوروبا يتقاسمان احتضان معظم الديانات السماوية وهما منبع لأهم شرائع الأرض، لذلك يتعين علينا جميعا أن نتحمل مسؤولية حضارية روحية كبيرة في مكافحة مخاطر التطرف والإرهاب، لنجعل من القرن الواحد والعشرين قرن محبة وتفاهم وسلام ورخاء يعم جميع البشر، فلنسخر جهودنا كاملة لتحقيق هذا الهدف النبيل.
وأشكركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.