ترشحي، الخلفية والمآل
لماذا ترشحت للنيابيات في أطار؟.سؤال قد يطرحه أكثر من متابع، لكن الجواب قريب وموجز وهو: ترشحت لأنني أبحث عن رضوان الله عبر خدمة الصالح العام، خصوصا في الظرف الأطاري الحالي، أي بالنسبة لمدينة أطار، حيث تكالب عليها النظام وإهمال أبنائها لها، إهمال وصل حد إثارة الشفقة.
فأطار بعد رحيل الرئيس معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، أصبحت يتيمة الأبوين، ليحل عزيز الحارس السابق لمعاوية وصهره الحالي ضيفا على كرسي الحكم المغتصب، ولا يكاد ينتهي غليل صدره ضد الأطاريين بوجه خاص.
حيث بدأ بجماعة عبد الرحمن ولد لكور وثنى بالصحفي الجسور، كاتب هذه الحروف والسطور الحرة، وحل في ساحة المال والأعمال، بعد أن تحداه الثلاثة بدعمهم العلني لأحمد ولد داداه، المناضل المخضرم، وذلك في رئاسيات2009.
فظل أطار يدفع الثمن يوما بعد يوم، والعسكري الحقود يضغط يوما بعد يوم على مدينة أصهاره وأولياء نعمته، وهكذا دأب اللئيم عبر التاريخ.
“أبت النفس اللئيمة أن لا تخرج من الدنيا حتى تسيء إلى من أحسن إليها”، تحطمت جدران المدينة من حول ساحتها العريقة الحصينة، فدخل طفل غر ولد في أبي تلميت يدعى سيدي محمد ولد محم، وادعى أنه اسقط عرش المشيخة التقليدية لجماعة “السماسيد” الشرفاء، وما هو بذلك من قريب، ولا هو طامع في نيل الهدف الصعب المرام، فما سقط إلا القناع عن الزيف والوهم يومها، وبأرقام ملؤها الرشوة ودعم النظام الانقلابي القائم وقتها للائحة المحامي المستقلة اسما، صفق الحاقدون الضعفاء للانتصار المفبرك على تاريخ المدينة وأصول التعامل في أزقتها وساحاتها، مهما كانت نواقص (الزعيم الفذ) أحمد ولد سيدي بابه.
ورغم انقسام التجار و”اتيفاي” بين مرحب ومستاء منبهر، تواصلت مسيرة التحامل على كل أصيل وعريق ونبيل في هذه المحروسة الجميلة الصامدة، أطار الإسلام والعروبة والتاريخ العبق، وأصبحت تكريت موريتانيا خربة بعد عمران، ومستباحة لكل زائر وطامع ومتآمر بعد مهابة وزحام في ميدان الشأن والرفعة والمقام.
وكدنا لا نسمع اسم مدينة أطار، فمن باب أولى ولاية آدرار، في أي محفل رسمي أو غير رسمي، خارج الديار وداخلها أيضا، ومن باب أحرى تحت قبة البرلمان، حيث يصيح الطفل المغرور المفوه، عندما يمس جناب سيده، ولا يأسى أو حتى يأسف، عند سماع خبر موت الأطاريين، إبان حوادث متكررة على طريق مهمل، أو بعد موت زار الديار، وقت حلول نازلة حمى الوادي المتصدع المنهار، وتكرر الخطر مع العطش وجفاف الأنهار الجوفية، فلم يرتفع له صوت، أو يرى له احمرار وجه، أو تغير مزاج أو قرار.
فقراره واحد، أن يدافع عن النظام والجنرال؟ وما سوى ذلك مجرد أرقام في صندوق الإقتراع والاختيار، وعند الحاجة يتحرك الجنرال ومالك الدرهم والدينار، من أمثال ولد جيل اشريف، الموالين الحائرين في مصير اللعبة، وصراع “القط والفار”، وتزور المحاضر -إن وجدت- ويذاع ببساطة وبرودة أعصاب، خبر التغلب والنصر المتكرر للفارس البرلماني الانقلابي “المغوار”.
بعض أناتنا وآهاتنا المشروعة، غير المتكلفة، وغير المكتومة، دفعتني للنزول لساحة المنازلة الصعبة، رغم “الدفره” والتزوير وضعف مستوى الوعي، لدى من استهدفت نصرتهم ورفع الظلم عنهم، فهم ما بين فقير مظلوم مغلوب على أمره، صوته بين خطري المصادرة أو الشراء والتلاعب، وإما غنى خائف، سئم السجن والضرائب والحرمان، ورأس المال بطبعه جبان.
ورغم كل هذه التحديات أوصلت بعض المستهدفين داخل المقاطعة وخارجها، فحوى البيان رقم1، قبل التقدم لاحقا، ولو بعد حين إلى ساحة الحسم وقطع دابر الخائنين، سواء في البلدية أو تحت قبة البرلمان.
وحسب ما أوتيت من جهد ومال ووقت، جاهدت من أجل إبلاغ حجتي وخطتي في التغيير، ورغم محدودية الاستجابة، فتلك إحدى أمارات النصر القادم إن شاء الله.
فما كسبت دعوة حق بسهولة، أو في الوهلة الأولى، دون مصاعب جمة أو طريق وعر طويل.
إنني لواثق من خلاص أطار والأطاريين من زمرة المنافقين والمتلاعبين، سواء حملوا شعار التجار أو المحاماة أو غيرها، فموعدنا في الدور الثالث، إن شاء الله.
وسيذكرني قومي إذا جد حدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
كان معي شبان ورجال حاولوا الإنقاذ وتخليص الحبيسة الجميلة المغتصبة، لكن دعاة الرذيلة وعشاق الربح المادي والانتخابي الحرام، حرصوا على استمرار الاغتصاب وصراخ الضحية وآلامها وكسورها أوجاعها النفسية والبدنية، ورب الكعبة إن الإنتصار للأرض والعرض وشيك قريب، ولو كلف الدم، مهما كانت طبيعة الفتوى المنتظرة، بجواز الدفاع عن العرض مثلا، فتلك إحدى الكليات الخمس أو الست على قول، ولا غرابة في إنتفاضة الأحرار، مع إستمرار مهزلة الذل والعار.
إننا لن نسكت طويلا، وقد أعذر من أنذر.
وفي التاريخ سوابق ومشاهد بشعة وحوادث ميدانية، حان وقت مراجعتها قبل فوات الأوان.
لا تحرموا آدرار من التغيير في مقاطعة أطار وشنقيط، وإلا فإن العنف على الأبواب.
ولا أرضاه لنفسي ولا لغيري، ولكن الضغط المستمر يولد الغضب الشديد، والغضب الشديد يولد الانفجار، وعندما يحدث الإنفجار، قد يسكت صوت الغضب ليسمع صوت التصالح والتفاهم النسبي المؤقت، لكن بعد ضياع وفساد كثير وكبير لا قدر الله.
نصحت بخالص الود والمحبة لأهلي جميعا، رغم اختلافاتهم المتنوعة المشروعة في نظر البعض، عسى أن لا يستمر الغبن والظلم المدعوم مركزيا باستمرار وإصرار.
فعزيز يريد المزيد من التصارع والكراهية والنزاعات الدموية حتى، لأن حقده على معاوية وأهله، بسبب إحسانهم إليه، قد لا ينتهي قريبا، لا قدر الله.
وما مرشحوه في أغلبهم عندنا، إلا رسل فتنة وتصعيد وتكدير صفو، وإثارة نعرات وصراعات أكل عليها الزمن وشرب.
بعضهم يقول كفاني فخرا، أن أتغلب على أحمد ولد سيدي بابه، وإنني لا أعطيه الأولوية، ولا الأسبقية وهذا حق انتخابي مشروع، لكنه جزء من مشروع كبير معروف، امتطاه النظام، مواصلة لدرب الشقاق وتمزيق الصفوف المحلية والتقليدية، ليس حبا في التغيير وحسب، وإنما خدمة لخطة عدم الاستقرار، التي انتهجها حتى معاوية، وما أفلح بها تماسكا للمدينة ولا ضواحيها، ولا سواها من المدن العتيقة المستهدفة، بخطة فرق تسد. وعمدتهم الحالي يتحدى “أسماسيد” و”أولاد قيلان”، ويتعرض لهم نقدا وإساءة.
ترى هل ننسى هذا كله ونتجاوزه بسهولة.
لقد كان الوقت باردا والجو الإنتخابي جمرا، من شدة الإهانة وكثرة الرشوة وشراء الذمم وجلب البشر كالقطعان، ليصوتوا ويرجعوا إلى أماكن بعيدة من أطار، وبعضهم، مثل ما حدث أيام “السجاد” جاء إلى مدينة لا يعرفها، وقد رآها لأول مرة، فهل هذا اقتراع مقاطعة أو لائحة وطنية مقنعة، وما الداعي للوائح الوطنية إذن؟!.
إن جلب الناخبين أمر مشين ينبغي أن يحرم ويمنع بتاتا.
وقد حان وقت الوعي والفهم، لمن لا وعي له ولا بصيرة.
لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
“وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين”
إنها فعلا تذكرة” “لمن كان قلبه أو ألقى السمع وهو شهيد” ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن ربوعنا تشتعل في البرد القارس، فمن أولى لو قدمت أيام الصيف وسخونة الصخر القائظ، ماذا سيحدث يا ترى؟!.
البلدية تعاني من ديون جمة، منعت حتى مقرها من الضوء والماء، فلا يكاد يصلها نور إلا بضوء مولد كهربائي، متعطل في أغلب الأحيان، خصوصا يوم الإقتراع في الشوط الأول، الموافق السبت 23 نوفمبر2013 المنصرم. ولا ماء إلا عبر صهريج أو على ظهر حمار “حمار” ، لأنه يوصل الماء، لمن لم يسهل لرعيته السقاء على الأقل.
وصاحب البرلمان ساكت صامت، إلا حين يذكر اسم سيده وولي نعمته، عزيز العنيد المستخف بقومه، وحين يعطش الأطاريون أو يموتون حمى، أو بسبب حادث وإهمال طريق، فلا نسمع له ركزا.
إنها الفاجعة الكبرى والفراغ الكبير، الظاهر الجلي، الذي دفعني للمغامرة الصعبة المراس فعلا. وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام.
لقد دفعت من كسبي القليل، الملايين من الأوقية، عسى أن يصل صوتي المبحوح الصادق الثوري، المدافع عن المظلومين والمنسيين، في شعاب جبال آدرار، ومن خلفنا وأمامنا في سائر مواطن وبقاع الوطن الغالي العزيز.
وما الأغلى من سويداء القلب والمال الحلال والوقت الثمين، لقد بذلت هذا في وقت سابق في ساحة الإعلام، واليوم دخلت ساحة الترشح والزحام السلمي الحضاري المشروع، ولن ترتد خيلي عن ميدان المعركة الحقيقية، بين الجد والهزل والحق والزيف والتلاعب والاستغلال، إلا حين تضع الحرب أوزارها بنصر أكيد حقيقي حازم، بعيدا عن الاعتداء على الخصم أو سوء معاملته، إلا من جنس عمله، بناء على ضرورات الخلاف السياسي السلمي القائم، وانتم تعلمون أننا معشر الأطاريين، مازلنا ضمن منازلة انتخابية مفتوحة، مجهولة التوقيت والمصير، وغيرنا من مرشحي الحزب الحاكم يستخدم كل سبيل مشروع وغير مشروع، للوصول للأهداف الانتخابية المعلنة، ونحن مضطرون للرد ببعض الصرامة، دون إفراط أو تفريط.
وعندما يتم النصر، ولو بعد عقد من الزمن، أو أكثر أو أقل، يفرح المظلومون المحرومون المؤمنون بنصر الله، والخلاص من قبضة الذي فشل في السيطرة على ذهنية الحاكم العسكري العنيد، فاختار جانبنا، حاسبا إياه سهلا مستساغا.
لقد أخطأت يا ولد جيلي وأخوالك، ستعلمون أننا لا نقبل رشاويكم التي فضحتكم في الأرض والسماء، ولن نقبل أن يفرض علينا أحد، مهما كانت الانتخابات الهزلية، اليوم أو غدا.
والله المستعان، وإليه المآل والمصير، ومنه النصر والتمكين، وعنده نطلب الرضوان والنعيم.
“الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور”.
إنه صراع معركة ووجود وكرامة وشرف.
لا خلاف شخصي أو كراهية لزيد أو لعمرو، أو طمع في مغنم أو سيادة زائلة، وإنما نتعبد الله بخدمة الناس ورعاية مصالحهم، ورد الاعتبار إلى تاريخ المدينة ورموزها واختياراتها، ما لم يتم التغيير أو التبديل بصورة شفافة سليمة بريئة، من التآمر والاختلاس والقفز على القيادة والمناصب والتمثيل، دون تفويض شعبي صادق مستقيم، وما سوى ذلك فعلا مجرد سرقة ورشوة وتحالف مع النظام وبعض التجار الجبناء الخونة ضد أطار وحرية التعبير والاختيار في مدينة أطار.
وأغلب ما تم حتى الآن، من انتصارات مفبركة في بعض البلديات في آدرار عموما، تم تحت ضغط المال السياسي المشبوه وجلب للبشر كالقطعان، وكأن الأمر ليس اقتراعا مقاطعيا، وغير ذلك من الأساليب المعروفة الدنسة، مثل تزوير المحاضر وتوجيه رؤساء المكاتب والتصويت المزدوج لصالح حزب بعينه.
أما لائحتنا للنيابيات باسم حزب الإصلاح، فكان مصيرها معروفا ومتوقعا، خصوصا بعد تزعمي للهبة ضد التزوير، المكلفة والمستمرة، باسم عشرة أحزاب ترشحت في مقاطعة أطار، ضمن ما يسمى “الإئتلاف ضد التزوير”، وكان من ضمنها تواصل، التحالف، الوئام، الإصلاح، الصواب، الأمل، الوحدة والتنمية، الكرامة، والكرامة والعمل، والجيل الثالث.
هذه الأحزاب كلها رفضت ظلم أهل أطار وتزوير اختياراتهم، وكانت حاسمة حين ائتلفت ضد التزوير، على الأقل على مستوى مقاطعة أطار، وكانت النتيجة ملموسة، على الأقل عبر تأجيل المهزلة المنتظرة الراجحة الوقوع لا قدر الله.
وإنني أدعو إلى التصويت إلى مرشح نيابي، غير مرشح الحزب الحاكم، طلبا للتغيير السلمي المشروع، ولا داعي للتشبث بعرى القبلية أو العنصرية.
اتركوها، فإنها منتنة، أي دعوى الجاهلية.
هذا بعض ما دفعني للترشح، خصوصا للمقعد النيابي بأطار، وأما المآل فهذا بعضه، والنزال الانتخابي مازال منتظر الختام.
ونرجوا من الله أن يكون ختامه مسكا ببعض التغيير، إن شاء الله، وما ذلك على الله بعزيز.
بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن مدير صحيفة “الأقصى”