قصة “بومي ” والمسكوت عنه
منذ أكثر من سنتين ونزاع “بومي” وبعض اللوبيات الخفية المعروفة يتزايد محليا ودوليا، عبر كواليس وزارة المعادن وقاعات المحاكم في الخارج، لينتهي كما هو معروف إلى إلغاء غير قانوني للرخصة -حسب كثير من العارفين بالقانون المحلي والدولي-
وهو ما عززه حكم المحاكم الفرنسية، التي تابعت قضائيا النزاع المزمن الخطير على مصير الاستثمار في البلد، وسمعة موريتانيا المالية والاستثمارية، في حساب المهتمين بمستويات الشفافية، والحدود الدنيا للعدل والاستقامة في هذا الصدد الحساس.
وبغض النظر عن ما يبحثه المحامون في الداخل والخارج، حول هذا الموضوع، وما ينتظر من انحسار الظلم السافر أو تصاعده، حسب مخطط الوزارة المعنية والجهات التنفيذية العليا، فإن للأمر جذورا وخلفيات، حان الحديث عنها، بما يكفي لكشف الغامض أو المسكوت عنه، من قبل سائر الأطراف المتجاذبة، حول المسألة المعدنية ظاهريا، الأخلاقية والسياسية عمقا.
لقد آن للرأي العام أن يعلم أن الشريك مع “بومي” الأندنوسية، التي يشترك معها بريطانيون، هو عبد القدوس ولد اسماعيل ولد اعبيدن، واسماعيل لمن لا يعرفه رجل أعمال شديد الحساسية والحذر من الرشوة وكافة شعابها، ومن كل ما يخالف القانون والأخلاق الرفيعة، بغض النظر عن الرغبة في الربح، مهما كانت أهميته ودرجته.
وهكذا أدار مؤسساته، في قطاع الصيد، أيام شراكته مع ابن خالي، رجال الأعمال السخي المعروف محمد ولد محمد الحسن ولد عاتيق، وكذلك في ميدان اترانزيت (تجربة سوجكو الرائدة المتميزة) ومن بعد ذلك “أتلانتيك لندن كيت” في قطاع التأمين (مقرها قبالة الملعب الأولمبي).
كل هذا الخوض المشروع في قطاع المال والأعمال لم يكلفه إساءة لدولة ولا مجتمع ولا فرد، وإنما صمتا وتحكما في النفس وخدمة للجميع، وموريتانيا والمغرب تعرفه وفرنسا والعالم أجمع، وأعماله نظيفة بأعلى مستويات العبارة، والعصمة لأنبياء الله وحدهم، وهو الأرقى أسلوبا في “الأعمال” بموريتانيا، ولدى الشركاء الخارجيين من مختلف الجنسيات.
وهو الحمد لله –أطال الله عمره- يعيش الآن بعيدا عن جو الأعمال المرهق، وقد درب أولاده على هذا الأسلوب، وهم على هذا المنوال سائرون، ولا يستطيعون عنه تحولا ولا فكاكا، لأنهم عليه تربوا وتعودوا، فلا ينفع معهم –أبدا- التخويف ولا الترغيب، للتحول عن هذا المنحى من التفكير الإيجابي المسالم، أو العمل القانوني الشفاف.
وبعدما دخل عبد القدوس في ميدان العمل الحزبي والسياسي، دخله أيضا على هذا النمط؟
من أجل خدمة الوطن، بطريقة سلمية جادة، بعيدا عن التحامل على النظام القائم مهما كان، أو تزكيته دون وجه حق، على حساب الشعب الموريتاني الأغلى، لأن الحاكم ليس إلا مؤتمنا، فإن فرط، فالأولى نقده ولو بشدة، ولكن بحكمة، وبعيدا عن العنف.
ويبدو أن نظام ولد عبد العزيز لا ينتهج هذا الخط من تحري الصدق وعدم ظلم الآخرين.
فليس مبررا للإعتداء على الحقوق والأموال والحرمات، أن يبدي أي مواطن فقير أو غني رأيا معارضا لتوجه الحكومة، فهذه قمة الدكتاتورية وغياب الديمقراطية.
وهؤلاء الأقارب المسالمون يدفعون الثمن في أعمالهم وسجل ضرائبهم، وأخيرا بدأ معهم عملية تصفية الحسابات الكبرى، بإلغاء الحق في الاستثمار من خلال عملية الإلغاء، لرخصة “بومي” المعدنية الثمينة، بعد طول انتظار لرخص التصدير وغيرها، لبدء عملية الاستغلال الفعلي.
أما الإدعاء بأن عبد القدوس ولد اسماعيل ولد اعبيدن معارض، فهذا لا يكفي للتحايل على الرخصة، بأي حجة واهية مكشوفة، لا تستند إلى أي دليل مفحم، بعد أن حكمت المحاكم الغربية المحايدة –ولو إفتراضا- بأحقية عبد القدوس وشركائه الاندنوسيين والبريطانيين في الموضوع.
إن الظلم شديد الأثر في الحياة سلبا ودمارا وخيبة كيد “إن الله لا يهدي كيد الخائنين”، “إن الله لا يحب الظالمين” “والله لا يهدي كيد الظالمين”.
وفي الحديث القدسي: “إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا”، وقال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: “الظلم ظلمات يوم القيامة”.
ومن الناحية الأخلاقية سكوت القوم الحاكمين، عزيز وتكبر وأبيها الشيخ ماء العينين ولد النور ولد أحمد عن الظلم لا وجه لفهمه.
فقد نفهم أن عزيز منتقم لا يقدر معنى الحق أو حرمة المصاهرة، فلماذا لا تنصحه عن عمها وأبنائه، ولمن لا يعلم “وما أشد ظلم الأقربين” ماء العينين والد حرم الرئيس، هو الأخ الأصغر لأم لإسماعيل ولد اعبيدن.
وبالتالي اسماعيل أحد أقرب أصهار ولد عبد العزيز، ومع هذا لم يجد من يسيئ معاملته بعمق وتحد واستفزاز مستمر متنوع إلا هؤلاء، فلماذا هذا الشخص المذكور، لا يفهم في الأخلاق وقيم “البيظان” وغيرهم، وفي قيم الدنيا كلها، إنه لظلم قبيح مؤلم مؤذي، ولن نسكت عليه، إن سكت عليه الأقربون أنفسهم.
الصادق المهدي والترابي في السودان، في خلاف سياسي حاد مستمر، لكن خلافهما هذا، لم يفسد للحقوق أو الود قضية، حتى حين كان الصادق المهدي في رئاسة الوزراء أو كان الترابي متنفذا أكثر من مرة.
أما نحن في موريتانيا، فلا نكاد ندخل في خلاف من أي نوع، وخصوصا في السياسة والمال، إلا ونسينا كل قيد قانوني أو أخلاقي.
إن أسرة أهل اعبيدن هذه، أولاد اسماعيل، ضحية حقد وتصفية حسابات فحسب.
أتنزع منهم حقهم وحق شركائهم الأجانب، وهذا خطير على سمعة الاستثمار في موريتانيا الخربة، حاضرا ومستقبلا، أقول انتزع منهم حقهم ورخصتهم التي كلفتهم ما لا يعد ولا يحصى من الوقت والمال والإهانة والظلم والإستهداف، لتمنحها لبدر إبنك الجموح المضطرب، عبر وكيله المسترزق ولد بوموزونه، الصحفي الفاشل المعروف، والذي أصبح اليوم، يحاول الدخول عبرك وابنك في ساحة المعادن والمليارات وكالة، كما فعلت مع جل أقاربك وسماسرتك، وخصوصا في قطاع المعادن، وسننتشر اللائحة كاملة، موضحين مدى تكالب أسرة ولد عبد العزيز الحاكم المتغلب على قطاع المعادن الدسم المربح، بسهولة، ودون شروط معقدة، إلا بعض الترتيبات الشكلية والدعم الحكومي، الذي يحظى به أكثر، أقارب الرئيس، قبل غيرهم في هذه الأيام العوجاء.
وإن كانت كل أيام أنظمتنا عوجاء، عرجاء متشابهة، ينسى بعضها بعضا بالظلم والبعد عن القانون وشرع الله والحق، مهما كان وضوحه، وبشهادة الجميع.
إننا ندعو ولد عبد العزيز إلى التعقل قبل فوات الأوان، فلن يستمر كثيرا سكوت الجميع، على جهنم الظلم والتجاهل والغبن المتصاعد، لقد بدأت بجماعتنا الأسرية عامة وحللت أخيرا بديار كرو رغم ترددك في مواجهتهم، واليوم تناطحنا نطحا مجددا مألوفا تأمن شره جهلا وغواية، وهذه المرة عبر أقرب الناس إليك، أولاد اسماعيل، عم حرمك الغافلة عن الحق، المنشغلة بالربح والجمع الحرام.
لقد أكلت بيضتنا وسبيت دولتنا وآذيت باستمرار كرامتنا، فهل تحسبن الأمر هينا رخوا عابرا، دون ثمن قريب مكلف.
اللهم انتقم.
قال الله تعالى جل شأنه: “فجعل من دون ذلك فتحا قريبا”.
بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن مدير صحيفة “الأقصى”