التبرع نفاقا
“أمقت النفاق والمنافقين والمشجعين على النفاق..”.. جملة “انتحارية” في بلد يأكل مسؤولوه بالنفاق، يعينون في الوظائف بالنفاق، ويمارسون سلطة ركائزها النفاق…
جملة “انتحارية”.. لكنني أجد لذة في إلقائها على وجوه هؤلاء الوزراء والسفراء والمديرين الذين فتحوا “مخابئ المسروقات” أو اقترفوا سرقات جديدة، أو اقترضوا ليتبرعوا في شكل مسرحي للمنتخب الوطني لا غيرة عليه، ولا اقتناعا بأهمية الرياضة، إنما لكون الرئيس محمد ولد عبد العزيز أظهر اهتماما بذلك.
ذكرني المشهد بـ “كرنفال” المتبرعين لـ “قصر الشعب” أيام المقدم محمد خونه ولد هيداله المرتبط في أذهان كثيرين بالزهد في جمع المال، وإذلال الناس، وإنعاش سوق النفاق.
وذكرني المشهد أيضا بمليارات “الحملة الثقافية” و “الكتاب” أيام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع الذي كان رجلا ” نَفُوعٌا” فتح خزائن الدولة للنهب ولا يبدو أنه جمع لنفسه ثروة من “تشريع” الفساد.
القاسم المشترك بين “قصر الشعب” و” كتاب الشعب” و “منتخب الشعب” في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي امتاز عصره بــ “التقتير” على المسؤولين، والسؤال عن كل أوقية تصرف دون علمه، هو اندفاع النخبة المنتفعة والمستنفعة في النفاق المخزي.
لن أقلل من قيمة “المنتخب الوطني” ولا من أهمية تحسين الوضع المزري لرياضيينا، ما أنا مهتم به الآن هنا هو الجانب الكريه من حمى التبرع هذه..
إنني أشفق على هؤلاء “البؤساء” الذين تراوحت تبرعاتهم بين ألـ 500 ألف والمليون، ففي الحالة الطبيعية وفي عهد “التقتير” و “محاربة الفساد” أفترض أنهم اقترضوا من البنوك ليتمكنوا من المشاركة في حفل “النافقاء”. وأشك في أنهم من دون اقتراض قادرون على “التبرع” بهذا المال.
لن أطلب من جهاز “محاربة الفساد” أن يسائلهم في مصدر المال المتبرع به، لكن سأقول إنه كان أرحم بهم أن يجنبوا هذا الموقف بتخصيص باب في الميزانية لدعم كرة القدم، فالمال بحمد الله وفير… ألم تسجل ميزانيتنا هذا العام فائضا قدره 7 مليارات أوقية؟