من أجل تقليص الألم و تعزيز الأمل/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن

الزمان أنفو _ عندما تتابع حديث الناس بعيدا عن الرقيب قد تنال نسبة من مواقف الناس الحقيقية بعيدا عن مسار التزكية المطلقة أو التحامل المفتوح،و ليس من السهل أن ينقل أي متابع صادق ما يعرفه بدقة عن تفاصيل انطباعات الناس، بعيدا عن مقص الرقيب.

 

و باختصار سأشير و أعلق على بعض ما نسمع أحيانا و بصورة مكررة،و فى هذا السياق ،نسمع عن استمرار الفساد و خوصصته فى مراكز النفوذ،و هذا ليس خاصا بالنظام القائم،لكن وجود الفساد فى الأنظمة السابقة لا يبرر مجاملته و لا العجز عن مواجهته،و ربما من إيجابية النظام الحالي أنه يعترف ضمنيا بوجود الفساد و القناعة بضرورة مواجهته،و ثمة ضربات من حين لآخر لبعض الرؤوس محدودة الحصانة،لكن هذا لا يمنع ادعاء البعض تدليل و تكرير و تدوير بعض الوجوه،رغم ملفات ملموسة من طرف أجهزة رقابية قضائية،ذات مصداقية .

 

إذن بإيجاز حديث الناس بالدرجة الأولى عن استمرار الفساد و خوصصته فى ساحات النفوذ بالدرجة الأولى.

 

و يدعى أهل الشمال و اترارزه أنهم أقل حظا من ولايتين معروفتين تحظيان بقصب السبق فى النفوذ من جهة التعيينات و القرب من كعكة المال العمومي،حيث تحظى هاتين الولايتين حاليا،بالرئاسة و الوزارة الأولى و البرلمان و الداخلية و الخارجية و الدفاع،و مئات الوظائف الدسمة،و من حق الموريتانيين التقارب فى الفرص،لكن النظام بقيادة ولد غزوانى،ليس غبيا و قد تم الاحتجاج عليه بمثل هذه الادعاءات،التى نسمعها فحسب، بغض النظر عن مدى دقتها،و أظن أن العمل جار لتضييق الهوة بين مختلف مشارب الوطن،فمن المفترض نظريا و مثاليا إتاحة الفرصة للجميع دون تمييز،لكنها للأسف سنة جرت عليها بعض الأنظمة،حتى أصبحت فى نظر البعض حقا مشروعا،بحجة الاستحواذ على كرسي الحكم،و هذه الأوضاع غير المتوازنة فى نظر البعض أضحت مثار نقاشات مستمرة صريحة عميقة،و خلف الكواليس طبعا.

 

و فى الأيام الحالية يزداد الحديث عن تعديل وزاري و جملة تعيينات و التضييق على المتقاعدين و مضاعفة عمل حكومة ولد انجاي محاولة لحلحلة أزمة تعطيل حقوق المتعاونين مع مؤسسات الإعلام العمومي،كل هذا فى نظر أنصار السلطة قد يتيح فرصا متنوعة فى الأيام القادمة لدفع الحالة العامة لنسب معتبرة من الإنصاف.

 

كما يتحدث الناس عن كثرة زيارات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى الخارجية،و يدعون أن هذا على حساب الخزانة العامة و الشأن العام الداخلي،فهل تدفع هذه الملاحظات الشعبية المستورة غالبا، لالتزام الرئيس بمسؤولياته تجاه الاتحاد الأفريقي و الخارج عموما ،دون تقليل من أهمية الشأن الداخلي؟!.

 

كما يتحدث الناس كثيرا عن ولد انجاي،مناصريه يتحدثون عن روحه العملية و مثابرته و قدرته بوجه خاص على التحصيل لصالح الدولة،بينما يتحدث معارضوه عن عدة مواضيع و عن سلبية مضاعفة الغرامات خصوصا على المخالفات الطرقية و غير ذلك،لكن بغض النظر عن هذه الجدلية حول الوزير الأول،فإن العمل الحكومي يشهد حركية،أدت لتسريع إنجاز بعض الطرق و الورشات و قد دفع الرئيس و وزيره الأول،ببعثات وزارية و فنية مهمة لإحصاء احتياجات الولايات المختلفة،على منحى الأولويات،و ستكون السنوات القادمة مجالا مفحما للوقوف على مدى الالتزام بهذه المشاريع المقترحة.

 

يتحدث الناس أيضا كثيرا عن صعوبة الظروف المعيشية،و ضعف تداول السيولات النقدية،و لعل طبيعة التعاون بين الموريتانيين يقلل نسبيا من غلواء المعاناة تحت وطأة الفقر و غلاء الأسعار،فى جو من انتعاش التطبيقات الألكترونية النقدية،و رغم ذلك تغيب الطبقة الوسطى بصورة مقنعة و تتعالى و تتفاحش أسعار القطع الأرضية فى الأحياء المرغوبة.

 

و لعل عبثية مستخدمى الطرق و كثرة الحوادث حتى داخل العاصمة يبرر نسبيا لجوء السلطات المعنية للضغط المالي و التنظيمي من أجل حماية أرواح الناس.

 

و فى الأيام الأخيرة يتحدث بعض الناس كثيرا عن صحة ولد عبد العزيز،فيطالب البعض بالسماح له بالسفر للخارج للعلاج،بينما يدعى آخرون أن المبالغة فى مرض ولد عبد العزيز مجرد حجة للتملص من المحاكمة،و شكلت المحكمة فريقا طبيا لكن عمله لم يتسارع بعد،و مهما كان الجدل حول محاكمة ولد عبد العزيز و صحته فإن البعد الأمني فى هذا الصدد لم يتضح بعد،و ما زال البعض يتساءل عن قصة 2019 إبان ذكرى عيد الاستقلال فى أكجوجت،فهل انقطعت حينها شعرة الثقة بين الطرفين،و أصبح النظام الحالي ينظر لعزيز بعين الريبة و احتمال تورطه فى شغب عميق قد يجر الوطن لحالة ما من عدم الاستقرار.

 

و بدون شك الصحة من الناحية الإنسانية مبرر مقنع للتضامن،و لعل المحكمة شكلت فريقا طبيا لهذا السبب الموضوعي،لكن المقاربات الأمنية أشد حساسية و حاجة للحذر و الحزم.

 

و باختصار من المهم الاقتراب من آراء الرعية فى خلواتها للوقوف على حقيقة الموقف من نمط تسيير الشأن العام،لمعرفة طرق الاستجابة لمآخذ المواطنين على حكامهم،و فى هذا الصدد سعت السلط المتعاقبة لتعقب مشاكل الناس لمحاولة حلحلة بعض أوجه المعاناة المتنوعة،بعيدا عن التنكر للتقصير أو مباركة كل خلل و نقص أو المبالغة فى قيمة ما تم إنجازه،و كان بين ذلك قواما.

 

و قديما قيل،الحياة ألم يخفيه أمل،و أمل يحققه عمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى