حول خطاب الوزير الأول/عبدالفتاح ولد اعبيدن

تضمن خطاب الوزير الأول،مخطار ولد اجاي اعترافا صريحا بالإرث الإنساني و ضرورة معالجة جراحاته.

الزمان أنفو _ و رغم أهمية الإعتراف بأي ظلم حصل ضد أي مواطن فى أي فترة حاضرة أو ماضية،لكن ما هي ملابسات ذلك الظلم،و هل كان ظلما فعلا،و ما دامت الدولة وعدت بحوار جدي قد يتوصل فعلا لهذه الخلاصة،أو لا يقرها،ألم يكن من الأولى تأجيل إقرار هذا المفهوم “الإرث الإنساني” إلى وقت التحاور و البحث؟.

لقد مثل ورود هذا المصطلح بهذه الصيغة الصريحة حكما على مرحلة معينة من تاريخ البلاد،ظلت النخب تختلف حولها،فيما عمد خطاب الوزير الأول،السيد مخطار ولد اجاي لتسريب هذه الجملة،و كأن الأمر بحث فى دهاليز النظام القائم و أقر الإعتراف بهذا المصطلح،الذى لم يحظى بالتوافق فى وسطنا السياسي المحلي،رغم ضرورة النظر الموضوعي فى بعض الجوانب المثيرة من تاريخ الوطن،و فى هذا السياق يمكن التساؤل فى المقابل عن ضحايا أحداث 1989 فى السنغال،حتى لا نبحث الملحمة من جانب واحد.

و يعلم الجميع تضرر الموريتانيين من تلك الأحداث الوحشية،و لها جراحاتها هي الأخرى و حصادها المر المرير!.

و رغم أن خطاب الوزير الأول أمام البرلمان كان خطابا طويلا تضمن الحديث عن بعض المنجزات و وعد بالمزيد،إلا أن الحديث عن الركن الإعلامي تلخص فى أسطر قليلة،و نوه ضمنيا بحرية الصحافة،و لكن حرية الصحافة و حرية التعبير و تحدياتها تتطلب معالجة أوسع و أدق،خصوصا أن الخطاب كان طويلا و أسهب فى عدة مواضيع،و رغم أهمية الخطاب إلا أن الوزير يعرف و يعترف من حين لآخر بواقع الموريتانيين الصعب و الطرح و التنظير لتجاوز المعاناة مهم جدا،لكن الخطابات فى موريتانيا و فى العالم أجمع لا تكفى مطلقا لتجاوز عقد و مصاعب الحياة،و لا شك أن بعض فريق الحكومة الحالية و بتوجيه من صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى يعمل للوصول لنتائج أفضل.

لكن الشعب الموريتاني،من خلال متابعاتنا الميدانية،أصبح يتوق للعمل الملموس،و إن كان بعض التكنوقراط يعتقدون أحيانا أن الرأي العام قد يتأثر بحماس كبير للخطابات المدبجة المتنوعة، الأبواب و الوعود.

و باختصار كان خطاب الوزير الأول،السيد،المخطار ولد انجاي، متنوعا و وسع مجمل الأبواب و المواضيع،لكن المواطن يطالب و باستعجال بتحسين ظروفه المعيشية و الأمن المجتمعي،من حيث تقليص أحداث القتل و السرقة و الإغتصاب،كما أن موريتانيا،الرسمية و الشعبية،تشعر بإزدياد بخطورة انتشار المخدرات و تصاعد مخاطر الهجرة غير الشرعية.

و فى باب حرية التعبير يدعو البعض لتوسيع الصدر لبعض المخالفات،و ر غم أن هذه الحرية مكفولة دستوريا ،إلا أن البعض قد يستغل هذه المعطيات الدستورية،و أما المسارعة لتطبيق القانون حرفيا،دون تسامح أحيانا،فقد يجر هذا مع مرور الوقت للتضييق على هذه الحرية المكفولة دستوريا.

و قد قدم خطاب الوزير الأول يوم 24/1/2025 أمام البرلمان،و يتوقع غدا الأحد مناقشته من قبل البرلمانيين،و ربما يقدم بعضهم ملاحظات أكثر تفصيلا،لكن حديث الوزير الأول عن موضوع تحسين فرص التزويد بالماء على مستوى العاصمة نواكشوط كان مبشرا،و سيظل موسم الخريف هو الاختبار العملي لتدفق المياه و التغلب،و لو نسبيا،على الطين المعرقل لسلاسة ذلك التدفق.

و قد تضمن خطاب الوزير الأول وعدا مهما باكتتاب 3000 موظف فى الأشهر القادمة،و ستكون الفترة القادمة فرصة لمتابعة هذا الوعد المبشر.

و قد سبق خطاب الوزير الأول أمام البرلمان يوم الجمعة 24/1/2025 تحضير رسمي مكثف لإعداد هذا الخطاب شمل كافة الوزارات،و فى نفس اليوم نشرت تغييرات فى لائحة السفراء و استجابت لقاعدة التقاعد،بينما ادعى بعض المعلقين فى وسائل التواصل الاجتماعي أن بعض السفراء أقيلوا من مهامهم، بعد فترة وجيزة من اعتمادهم لدى سلطات الدول المبتعثين إليها،كما علق أحدهم من مقاطعة شنقيط باستغرابه منح أسر المزيد من التوظيف بينما تحرم مقاطعة برمتها،كما يروج عقب هذا الخطاب السنوي لإمكانية الإعلان قريبا عن تعديل وزاري مهم،قديشكل محاولة لتقريب الحكومة الحالية من الرأي العام .

و بإيجاز كان الخطاب السنوي أمام البرلمان فرصة لاستعراض بعض المنجزات و الوعد بالمزيد فى قادم الأيام و الشهور،بإذن الله،و ربما سيسمح التقاعد و إرادة التكليف الرسمي و التعديل الحكومي بإتاحة فرص اختبار لطاقات شابة، قد يهتدى إليها أصحاب القرار،لتقديم جهودهم لخدمة هذا الشعب المتلهف للعنابة بمختلف أوجه معاناته المزمنة،التى و إن واساتها الوعود نسبيا فستظل مواساتها بالدرجة الأولى فى الفعل و ليس القول فحسب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى