قضية حنفى أمام مفترق طرق
كتب عبد الفتاح ولد اعبيدن:

الزمان أنفو_ تدخل القبائل فى النزاعات معروف و ليس جديدا فى تاريخ موريتانيا،و ذلك للحفاظ على الهدوء و الوشائج الإيجابية،لكن طبيعة المشكلة الحالية بين صحفي أمام مكتبه و جانى،من مصلحة المجتمع و الطابع الديمقراطي و حرمات القوانين أن تعالج من وجه آخر، لدى القضاء و الجهات المعنية بمثل هذه النزاعات،و لا مانع من تدخل القبائل لتعميق التهدئة و تأكيد أجواء الوئام المجتمعي.
فالدولة موجودة،و القضاء سيصله الملف بعد تحضيره أمنيا،و ثمة ملفات عكرة لم تتمكن القبائل من فض عقدها،و ليس هذا من ضعف الوساطات القبلية،لكن طبيعة الأحداث أحيانا،لتعدد الجهات المتضررة،بصورة مباشرة و بصور أخرى غير مباشرة،و لا أعتبر أن هذه المشكلة لن تجد حلا و مخرجا وديا،لكن الطرف المتضرر الأول بعد الصحفي حنفى ولد الدهاه هو الأسرة الصحفية،و الدولة أدركت ذلك بسرعة عندما أوفدت وزيرها للتضامن ضمنيا، و الاطمئنان على صحة الضحية،حنفى ولد الدهاه.
و شخصيا يسرني كثيرا حل المشاكل و النزاعات،على غرار هذا الحادث ،لكن المتضرر الأول بعد الزميل حنفى هو القطاع الإعلامي، بكل مشاربه و تجلياته فى موريتانيا و العالم أجمع.
ما حدث قمة الاحتقار و الخطر على حرمات الدولة و المجتمع و كل الصحفيين دون استثناء،للأسف البالغ.
و قد تابعت قبل قليل أحد أشهر أئمة نواكشوط يتحدث عن تشكيل ثلاثي قبلي،من محيط الجانى للاجتماع مع الحاضنة القبلية للزميل المعتدى عليه،لمحاولة تجاوز هذه الحادثة الحساسة جدا،و فى المقابل تابعت خبر احتمال خروج حنفى للأضواء الإعلامية،عبر بث مباشر،ربما للرد على هذه المبادرة،التى لا تخدم مثل هذه النزاعات ذات الطابع الإعلامي،و التى ينبغى أن تترك بالدرجة الأولى لأصحابها الحقيقيين و المتضررين الحقيقيين.
فحنفى دخل الإعلام كإعلامي،و ليس بصفته العائلية،و من مصلحة القبائل أن تبقى بعيدا عن نزاعات و مشاكل الإعلام،و ليتركوها للدولة و القضاء و للمنظمات النقابية الإعلامية.
و رغم هذه المعطيات و تصورات الحلول،ما بين القضاء و المنحى القبلي،فإن قضية الزميل حنفى أضحت على مفترق طرق بامتياز،و لا أظن أن الدولة غائبة عن المشهد، فهي و أجهزتها المعنية تدرك بامتياز أيضا حساسية القضايا،ذات الارتباط بالنزاعات عموما و الوسط الصحفي بوجه خاص.
و قد تجمع صيغة الحل بين كل الطوابع،فربما يكون دور التدخل القبلي امتصاص الصدمة و الغضب و تهدئة النفوس،أما النقابات الإعلامية فقد تجد دورها فى التضامن مع زميلهم و محاكمة الجانى و صدور حكم مرضي،و لو خفف لاحقا،بعد شعور الرأي العام برفض المسارات العنفية فى التعامل مع الإعلام.
أما البثوث المباشرة من طرف الزميل حنفى فقد لا تسمح بها وضعيته الصحية و لا وضعيته كطرف في الشكوي لدي القضاء.
و ربما ليس ثمة طرف يرفض دور أي طرف رسمي أو نقابي أو قبلي أسري للتهدئة،و لكن لابد من إيقاف هذه البلطجية و الهمجية ضد الصحافة فى موريتانيا و التوجه بدل ذلك لحق الرد أو القضاء،و إلا فإن هذا الركن الأساسي فى دولة التعددية و الديمقراطية(الصحافة)سيفشل مطلقا،و إلى الأبد.
فلابد من حماية الصحافة و التعامل معها بروح مدنية و قانونية فحسب و ماحصل تصرف جنائي إجرامي منذر بالخطر على الدولة و الاستقرار و التعايش الودي.