الصحافة إلى أين؟!
بقلم عبدالفتاح ولد اعبيدن

الزمان أنفو _ من غرائب المشهد الإعلامي و السياسي الموريتاني،تحول بعض الصفحات الواتسابية و الفيسبوكية إلى شبه أحزاب سياسية بلا اعتراف و عزوف الجمهور عن الأحزاب التقليدية و المنابر الإعلامية الجادة،و تبنى بعض هذه الصفحات لبعض الملفات الحقوقية،و امتناع الدولة عن الترخيص لبعض النشاطات الدعائية لبعض تلك الصفحات،و هروب بعض الجمهور لمدونين غير جادين مطلقا،يستغلون فى الخارج عامل الحرية.
كل هذا هل سيساهم فى التقليل محليا من مكاسبنا فى مجال الحرية الإعلامية و حرية التعبير،مع ما قد يصدر من أحكام ضد بعض الصحفيين،على إثر بعض المخالفات،مع إقالات من بعض الوظائف بسبب إبداء بعض الآراء.
كل هذا المشهد فى سياق حرية الصحافة و حرية التعبير هل سنتمكن من فحصه و استنطاقه بموضوعية،لنقف على حقيقة واقعنا،و مدى نجاح الطابع الديمقراطي،أم هل الديمقراطية الموريتانية فى تراجع و خطر؟!.
و لعله يمكن القول بأن من أكثر ما يدفع بالبعض للسجن سواءً تعلق الأمر بحرية التعبير و حرية الصحافة قانون الرموز المستحدث فى ظل النظام القائم فى مأموريته الأولى،و قبل شهرين تقريبا تدخل المجلس الدستوري لإلغاء رمزية الشخصيات العمومية،و الإبقاء على رمزية الرئيس،و ربما سيقلل ذلك من ضحايا حرية الصحافة و حرية التعبير،و لتعزيز الحريات،مما يليق بالطبقة السياسية و القانونية،المطالبة بإلغاء هذا القانون كليا و إصدار قوانين محسنة تعمق و تعزز حرية الصحافة و حرية التعبير،لأن ما هو موجود من قيود أخلاقية و قوانين يكفى لعقاب المخالفين،بدل زيادة فرصة عقاب الممتهنين للصحافة و مساحات حرية التعبير.
فالبلد دستوريا بلد ديمقراطي يحمى الحريات،و ينبغى ان نسعى لضمان ذلك فى الميدان،التزاما و تنفيذا،و لقد بقي قانون الرموز ردحا من الوقت فى خطة الرئيس غزوانى للتخويف فقط دون تطبيق صارم،على منحى المثل الحساني”نعت بصاراتك و خل خساراتك”،لكن بدأ تفعيله،و لما بدأ تفعيله تصدى له المجلس الدستوري و نجح فى الحد منه.
فإلى متى سيصل قانون الرموز لخلق مزيد من التضييق على الصحفيين و مستغلي حرية التعبير،و هل حرية التعبير و حرية الصحافة فى خطر بسبب هذا القانون المثير للجدل،على رأي البعض،و هل يجوز لمن يتولى الأمر العمومي مع ما قد يرتكب من أخطاء أن يحصن قانونيا،و هل يتماشى ذلك مع الطابع الديمقراطي ،الذى هو الأصل فى دستور 20 يوليو،و لماذا تعمل الديمقراطيات العريقة على تكريس نقد الرؤساء و مع ذلك نحصنهم نحن قانونيا بهذا القانون،رغم حاجتهم الماسة للتوجيه و النصح و الانتقاد،و هو ما حصل فى كل التجارب الديمقراطية التعددية الجادة؟!،و متى تنجح الحكومات الموريتانية و المشرع الموريتاني فى رفع العقابيل و العقبات أمام الحريات،و لماذا لا نفكر فى ضحايا السجن و الإقالة الذين بدأوا يدفعون الثمن بسبب قانون الرموز،مع تعيين و تجديد الثقة فى قوم أدانتهم بعض الهيئات الرقابية العليا بسبب تجاوزات مالية كبيرة،و مع ذلك يبقى حملة الأقلام و أصحاب الحناجر الحرة هم الضحية،و مع هذا الواقع الملموس لا ينبغى أن نستغرب إن ادعت منظمة مراسلون بلا حدود تراجعنا فى بورصة الحريات،سواءً تعلق الأمر بحرية الصحافة أو حرية التعبير.
لقد بدأنا نشاهد منذ سنوات تزايد الهجرة و تهريب بعض المعلومات،لبعض المدونين فى الخارج لنشرها،استغلالا لعامل الحريات الإعلامية الراسخة فى آمريكا مثلا،حيث سيظل كل ممتهن للحرية فى الداخل فى خطر،ما دام أسلوب التتبع الدقيق للهفوات،رغم ما تكرره الحكومة رسميا من حرصها على الحريات و مكانتها فى التقييم الدولي فى مؤشر الحريات،لكن أخطاء بعض الممارسين للحريات الصحفية و الحريات العامة و صرامة القوانين المفعلة قد يعرض هذه الحريات لبعض أوجه التضييق،و لولا حرص بعض القضاة على حماية الحريات الصحفية لعاشت المهنة الصحفية فى موريتانيا واقعا أصعب،و ندعو بإلحاح حكومتنا للمزيد من الحرص على الحرية الإعلامية و تخفيف التحديات و زيادة حماية الصحافة و الصحفيين،فقد رجعنا لمسلسل سجن الصحافة،و كم من صحفي أقيل من عمله بسبب إبداء بعض الآراء.
و فى هذا الاتجاه ينبغى أن يتأمل الرئيس محمد ولد غزوانى و وزيره الأول مختار ولد انجاي و وزير العدل و وزير الداخلية و الوزير الوصي على الإعلام،فهل هذا الواقع الصعب مقصود و لو ساهمت فيه بعض الأخطاء من داخل القطاع،أم أن حرص حكومتنا على الحريات و طابعنا الديمقراطي سيدفع للحد من مسار العقاب البدني و التضييق المعيشي.
فوجود بعض الأخطاء لدى بعض الصحفيين ينبغى أن لا يبرر الاستمرار فى العقاب،كما أن الصحفيين ينبغى لهم التمسك بعروة الحذر و المهنية،حتى لا يعرضوا أنفسهم و مهنتهم للعقاب و المطاردة.
و عموما حرية الصحافة و حرية التعبير بدأت تتعرض لبعض التسخين،و الأولى إعادة الاعتبار و تفهم الأسباب،فمن غير اللائق دفاع الحكومات عن أعضاءها ليسجن صحفي،و من غير اللائق تجاهل الصفقات المائعة،و لا خيار بين الحرية و الصمت،سوى تعطيل الحريات المقررة دستوريا.
و لعل خروج صحفي كبير مثل حنفى بحجة التداوى فى الخارج و تهديد آخرين بالسجن يؤكد،للأسف البالغ،مدى الورطة التى قد تعانيها الصحافة فى الأفق المرتقب،إذا لم تتضافر جهود السلطات التنفيذية و القضائية و الأمنية و التشريعية،بقيادة صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى لحماية المهنة الصحفية.
و فى هذا الجو بدأ البعض يتساءل،بأسلوب مغرض أحيانا،و بأسلوب موضوعي أحيانا أخرى،هل الصحافة فى خطر؟!.
و للتذكير صاحب الفخامة، إننا واثقون من حرصكم على الحرية الإعلامية و المصالح المرتبطة بها،و كذلك جدوائية تعامل الوزير الوصي على القطاع،الدكتور الحسين ولد مدو لكن هذه الحصيلة تستدعى إعادة النظر، حتى لا تذهب الحريات الصحفية سدى.
-سجني و إقالتي فى يوم واحد.
-إقالة موسى ولد بهلى رئيس رابطة صحفية معتبرة و ذلك من وظيفته بقناة الموريتانية.
-إقالة ولد التباخ من قناة الموريتانية.
-ضرب الصحفي حنفى بسبب نقاش حول صفقة مثيرة للجدل،حتى ظهر ثوبه بدم قان مخيف على مستقبل المهنة.
-احتمال سجن المدون عبد الرحمان ولد ودادى.
صاحب الفخامة الرجاء النظر فى هذا المسار التصاعدي منذ انطلاق المأمورية الثانية،مع دعوتنا لجميع الزملاء بضرورة التشبث بعروة المهنية و مراعاة بعض المحاذير،و مع ضرورة طبعا التمسك بحق الانتقاد و معالجة أوجه الخلل فى نمط التسيير العمومي،و هو ما شرعت من أجله المهنة الصحفية.