الاشباه والنظائر في رصاصات عزيز ورجاء/ ماموني ولد مختار

 

altانشغلت الساحة الوطنية بحادث اصابة رئيس الجمهورية محمد لود عبد العزيز، برصاصات “صديقة” مساء الثالث عشر اكتوبر المنصرم، حيث لا صوت يعلو منذ ذلك التاريخ، صوت الحديث عن تداعيات هذا الحدث، اين وقع؟ من قام باطلاق النار علي الرئيس؟ ما هي اخبار صحة الرئيس؟ متي سيعود الرئيس؟ هل اصبح كرسيه الرئاسي شاغرا؟ من يسير البلاد اليوم في غياب ؟. اسئلة كثيرة لها ما يبررها، لم تجد الرد الشافي عليها، الا ان هناك اسئلة اخري لم يتطرق لها المهتمون بحادثة الثالث عشر اكتوبر وهي اوجه التشابه والصدف بين مسلسلها ومسلسل حادث اصابة الفتاة رجاء منت اسيادي برصاصة “صديقة” في وقت متأخر من مساء السبت 21 يناير 2012. فمن يراجع المسلسلين سيكتشف بدون عناء الكثير من المتشابهات والصدف الغريبة، سأتعرض لبعضها من خلال هذه القراءة لاحداث المسلسلين: اولا/ المتشابهات: التشابه الأول: زمان ومكان وملابسات الحادثتين، حيث كان زمانهما معا مساء السبت ومكانهما ضواحي نواكشوط، وملابساتهما وقعت عند ما كان كل من الضحيتين في نزهة مع صديق (ة)، اذ كانت رجاء في الشارع مع ثلاثة مراهقين في وقت متاخر من ليل شتوي وهو ما لايليق بسنها ومنزلتها الاجتماعية، بينما كان ولد عبد العزيز، حسب الرواية الرسمية، يقود سيارة مدنية في طريق فرعي غير مسلوك شمالي العاصمة بدون حرس ولا علم لأحد بمروره من تلك المنطقة وكما لو كان مواطنا عاديا، وان صدقنا هذه الرواية، رغم كثرة التشكيك في صدقيتها، فلا خلاف علي انها “نزهة” غير مقبولة من رئيس الجمهورية، الذي تفرض عليه مسؤولياته الجسيمة ان تكون تنقلاته معلومة ومحاطة بما يضمن سلامته، لارتباطها بسلامة الوطن والامة. التشابه الثاني: في الإصابة، حيث كانت في بطن كل من عزيز ورجاء، مما يطرح سؤالا عما اذا كانت الرصاصات “الصديقة” عندنا لا تصيب إلا البطون؟. التشابه الثالث: مسارات التشافي، التي بدأت بنقل الضحيتين الي المستشفيين في نواكشوط، “الوطني” بالنسبة لرجاء و”العسكري” بالنسبة لعزيز، من  طرف اصدقائهما الذين كانوا برفقتهما اثناء حادث اطلاق النار وحظوتهما بنفس العناية في مجالات المعالجة علي حساب الدولة والتكتم علي الاصابات، ونقل كل منهما في اليوم الموالي لاصابته في نفس الظروف في طائرتين طبيتين مستأجرتين الي ارقي المستشفيات للعلاج علي حساب الحكومة، مستشفي ابن رشد في المغرب بالنسبة لرجاء ومستشفي بيرسي في فرنسا بالنسبة لولد عبد العزيز، ومرافقة  مسؤولين سامين لهما للإشراف علي اجراءات دخولهما للمستشفيين. التشابه الرابع: في اول ظهور للمعنيين، وكشف كل منهما عن الفاعل وذلك قبل نقله مباشرة من سريره في المستشفي الي المطار في بداية رحلة العلاج الخارجية، حيث سمح لرجاء باستقبال ابويها لتصرح لهم بان من اطلق النار عليها هو بدر بن عبد العزيز، أما محمد ولد عبد العزيز فقد كان ظهوره في تسجيل في التلفزيون الوطني، طمأن فيه الشعب علي حالته وقال ان اطلاق النار عليه كان خطأ من وحدة عسكرية. التشابه الخامس: كان في احاطة حالتهما الصحية بالسرية التامة منذ دخولهما مستشفيات نواكشوط للعلاجات الاولية الي نقلهما للمستشفيات المغربية والفرنسية للعلاج، حيث ظلت جميع المعلومات عن نوعية الرصاص وحقيقة الاصابات وتأثيراتها المستقبلية، محجوبة 100 % وهو ما سبب في كم هائل من التساؤلات والاحتمالات المفتوحة علي جميع الاتجاهات، وجد بعضها بالنسبة لرجاء، اجوبة بعد اشهر من الكتمان، حيث تأكدت ـ للاسف ـ إصابتها بالشلل النصفي، في حين لم تبرز اية اجوبة فيما يخص ولد عبد العزيز، بعد اكثر من ثلاثة اسابيع علي نقله الي فرنسا. التشابه السادس: في التعامل القانوني والقضائي مع من أطلق الرصاصات “الصديقة” علي رجاء و ولد عبد العزيز، حيث تم التعامل مع الملازم الحاج الذي اعترف بانه اطلق النار علي الرئيس، كبطل قومي ولم يتم التحقيق معه من اية جهة قضائية ولم يتغيب عن عمله ساعة باعترافه ويجري الحديث عن منحه اكراميات مغرية، كما تمت في البداية بكل الوسائل محاولة تبرئة بدر من عملية اطلاق النار علي رجا وإلصاقها بزميليه زيني ورشيد (المغربي)، الذين اوصلا معه ضحيته في سيارته الي المستشفي وتم اعتقلاهما، حيث رفضا كافة انواع الضغوط والإغراءات التي مورست علي كل منهما لإلصاق التهمة بالآخر وتبرئة بدر الذي لم يعتقل، رغم اعترافه للشرطة والأطباء في المستشفي بأنه هو من اطلق النار من مسدسه. وقد اصر بدر علي تسليم نفسه للشرطة ليبرئ زميليه حيث تم ذلك بعد 30 ساعة من عملية اطلاق النار ليتم اطلاق سراحه بعد 24 ساعة ويغلق الملف بدون متابعة من طرف وكيل الجمهورية مقابل دفع مبلغ 50 الف اوقية بعد تسجيل والد رجاء علي عدم شكايته من بدر ومسامحته مقابل تفاهمات منها التكفل بكافة تكاليف علاج ابنته في احسن المستشفيات وإقامة من يرافقها من أسرتها اضافة الي 35 مليون اوقية قيل انه استلمها نقدا. ويجمع القانونيون علي ان طريقة التعامل مع مطلقى النيران “الصديقة” (بدر والحاج) مخالفة لجميع النظم القضائية. التشابه السابع: في كون الحادثتين غير مسبوقتين في موريتانيا فلأول مرة تطلق النار علي رئيس موريتاني ويتعرض لما تعرض له ولد عبد العزيز، كما لاول مرة يطلق النار علي فتاة بهذه الطريقة وتلقي هذا القدر من الاهتمام وتصبح قضية وطنية. التشابه الثامن: تحول الحادثتين الي مسلسلين اتراجيديين بدون سيناريو وبدون مخرج وبلا كاتب نص وبلا قاعة عرض، ينشغل بهما الجميع من القمة الي ابسط البسطاء. ثانيا/ الصدف: 1 ـ قوة تأثير الرصاصات “الصديقة” علي صحة من تصيبه 2 ـ حدوث الحادثتين في سنة واحدة 2012، 3 ـ العلاقة المتعدية بين المصابين بطلقات الرصاصات “الصديقة” حيث من اطلق الاولي  علي رجاء هو بدر نجل ولد عبد العزيز الذي اطلقت عليه الثانية. 4 ـ نقل رجاء من مستشفيات مغربية تعالجت فيها الي مستشفي متخصص في فرنسا، قيل  انه بيرسي، الذي نقل اليه ولد عبد العزيز للعلاج.

 

أسئلة تنتظر الاجابة؟ كما ذكرت في المقدمة ما زالت حادثة اطلاق النار علي ولد عبد العزيز في الثالث عشر اكتوبر تطرح الكثير من الاسئلة دون جواب، كما طرحت قضية رجاء مجموعة اسئلة وجد المتعلق منها بالفاعل جوابا شافيا بفضل اصرار بدر علي انه الفاعل وامتلاكه للشجاعة لتحدي ارادة كل من اراد منعه وتوريط زميليه. فهل الرواية الرسمية حول حادث اطلاق النار علي ولد عبد العزيز صحيحة؟ وان كانت كذلك فكيف نصدقها؟ ام ان الملازم الحاج قبل ما لم يقبل به زيني ورشيد ليتستر علي الفاعل الحقيقي؟ وفي هذه الحالة فهل سيمتلك هذا الفاعل شجاعة بدر ويعترف بفعلته؟ ومتي سيماط اللثام عن حالة ولد عبد العزيز الصحية؟ وبما ان والد رجاء قد استفاد استفادة مادية معتبرة من رصاصات ابنته “الصديقة” فمن سيستفيد من رصاصات ولد عبد العزيز “الصديقة”؟ هل هو الجيش؟ ام الاغلبية؟ ام المعارضة؟ ام فرنسا؟ أم من؟ . واذا كنا قد تيقنا ـ للاسف ـ من أن رجاء قد اصيبت بالشلل النصفي بفعل رصاصاتها “الصديقة”، فمن سيتاثر بفعل رصاصات ولد عبد العزيز “الصديقة”؟ هل هو نظامه؟ ام موريتانيا؟ ام ستكون نتائجها بردا وسلاما علي الجميع وهو ما نرجوه من الله العلي القدير؟ . وهل سيتم العفو مستقبلا عن كل من سيطلق رصاصا “صديقا”؟ وما ذا سيكون عليه نمط حكامة ولد عبد العزيز، اذا كتبت له السلامة؟ وهل سيتعظ بما أصابه ويدفعه ذلك الي الرأفة بالمواطنين؟ والعمل علي تسوية مشاكل من تضرر منهم في ظل نظامه وهم كثر؟. . وفي انتظار الاجوبة علي هذه الاسئلة ـ التي يرجح أن يظل بعضها او كلها دون اجوبة ـ ستظل قضية رصاصات الثالث عشر اكتوبر “الصديقة”  وبدون شك لبعض الوقت علي الاقل، تشكل مادة غنية للسياسيين وللقانونيين والصحافة والفضوليين.(لقراءة الموضوع من مصدره اضغط هنا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى