موقفي من تكليف السيد موسى افال بإدارة الحوار/د.محمد المنير
يناقش مقال الدكتور محمد ولد المنير تعيين موسى افال لإدارة الحوار السياسي في موريتانيا، مشيرًا إلى أنه شخصية وطنية ذات خبرة سياسية واستقلالية نسبية، مما يجعله خيارًا مناسبًا. لكنه يؤكد أن التحدي الحقيقي لا يكمن في شخصه، بل في مسار الحوار وشروطه ومواضيعه. يؤكد المقال أن الحوار ليس إلزاميًا على النظام، وليس الغرض منه تقاسم السلطة، بل إحداث إصلاحات سياسية. ويشدد على أهمية المشاركة الإيجابية عبر تقديم المقترحات بدلًا من مقاطعته مسبقًا. كما يشير إلى أن الحوار سيمر بعدة مراحل، ما يسمح للفرقاء بتقييم مدى جدية التفاعل مع توصياتهم، والانسحاب إذا لم تلبَّ الحد الأدنى من تطلعاتهم. كما يحذر المقال من التوقعات المثالية، مؤكدًا أن الهدف هو الوصول إلى حد أدنى من التوافق حول قضايا أساسية، مثل الإصلاح الانتخابي، مكافحة الفساد، الإرث الإنساني، والهجرة غير الشرعية. ويشدد على ضرورة أن تكون نتائج الحوار ملزمة، مع آلية رقابية تتابع تنفيذ التوصيات لضمان جدية الإصلاح..نص المقال كما توصلت به الزمان أنفو::

1 _ من الطبيعي أن يختار النظام شخصية تُطمئنه، ولكن موسى افال يتمتع بنوع من الاستقلالية، فهو ليس مسؤولا حكوميا ولا إداريا، ويبقى أكثر حيادية من أي وزير داخلية أو أي وزير أول سابق.
2- موسى افال شخصية وطنية ذات تجربة سياسية كبيرة، وذات خلفية ايديلوجية معروفة. قد نكون راضين أو ساخطين على انتمائه الفكري أو توجهه السياسي، ولكن ليس هذا هو جوهر المشكل. التحاقه بنظام معاوية ولد الطايع، بعد معارضته له، لا يطعن في قدرته على إدارة الحوار السياسي.
3- جوهر المشكل هو ملامح مسار الحوار وشروطه والمواضيع التي سيتم نقاشها. هل تلبي الحد الأدني لتنظيم حوار مسؤول وبناء ؟
4- على الجميع أن يدرك أن النظام ليس مجبرا على إطلاق حوار مع المعارضة والفرقاء السياسيين، كما أن الهدف من الحوار ليس تقاسم السلطة، وإنما القيام بإصلاحات قد تُحدث تطورا في الحياة السياسية، وتفتح آفاقا لبناء التوافق حول قواعد اللعبة السياسية.
5- الخطوة الوحيدة التي تم الإعلان عنها حتى الآن هي تكليف شخص مستقل عن الإدارة بجمع التوصيات والمقترحات. أي خطوة إعلان مقاطعة يعتبر سابقا لأوانه، فمن غير الوارد اتخاذ موقف من حوار لم تحدد ملامحه حتى الآن. كما أن رفض الحوار قبل تقديم الاقتراحات والتوصيات، ومناقشة المسؤولين عنه، قد لا يساهم في بناء التوافق. الموقف الوحيد الوارد في هذه المرحلة هو تقديم المقترحات والتصورات للمندوب المكلف من طرف رئيس الجمهورية بالتنسيق. أي موقف آخر الآن قد ينظر إليه على أنه حكم مسبق.
6- عندما يتم جمع التصورات والمقترحات، وصياغة ورقة تلخص ملامح ومسار الحوار، وتوزيعها على الفرقاء، باستطاعتهم آنذاك تقييم مدى تجاوب إدارة الحوار مع التوصيات، وكذلك مراجعة الوثيقة وتقديم الملاحظات.
7- مسار الحوار يتكون من مراحل عديدة، وبإمكان الفرقاء التعبير عن رفضهم في كل منها، أو حتى الانسحاب في أي وقت، عندما يرون أن الطريقة التي يتم التعامل بها مع المقترحات، ومسار الحوار، والشروط، والضمانات، لا تستجيب للحد الأدنى الذي يتطلعون إليه.
8- على الفرقاء أن لا ينتظروا أن تتضمن الوثيقة كل مطالبهم، فهذا مستحيل، لأن التصورات والشروط والاشتراطات قد تكون متناقضة فيما بينها، ولكن هل تستجيب للحد الادنى المقبول من أجل بناء التوافق حول قواعد اللعبة السياسية والقضايا العالقة والإصلاحات الضرورية.
9- الموقف البناء هو الانفتاح على حوار مسؤول، لتحقيق الاستقرار السياسي الذي يحتاجه البلد، دون أن تكون هناك خطوط حمراء. لذلك علينا التعلم من تجارب الحوارات السابقة، واستخلاص العبر والدروس، وتجنب الوقوع في نفس الأخطاء مرة أخرى. كما أن المشاركة يجب أن تختصر على الفرقاء السياسيين الوازنين، والشخصيات الوطنية التي تتمتع بالمصداقية، والخبراء، بعيدا عن الغوغاء وموريتانيا الأعماق.
10- هناك مواضيع عالقة يجب أن تشكل محور أجندة الحوار، وهي : الإطار الانتخابي والنظام السياسي، ومكافحة الفساد، ومكافحة العبودية، والإرث الإنساني، والهجرة غير الشرعية، وإصلاح المنظومة الأمنية. كما أن نتائج الحوار يجب أن تكون ملزمة، دون إمكانية استثناء أي من التوصيات، وأن يتم تحديد جدول زمني ملزم لتنفيذ القرارات. من الضروري أيضا إنشاء آلية مكونة من شخصيات وطنية تتمتع بالإجماع، دورها مراقبة ومتابعة تنفيذ قرارت الحوار