عن قصيدة ” ضحكت بروق الابرقين تبسما”
صوت (الفنان الراحل الخليفة ولد ايده رحمه الله..) ينفض الذاكرة للغوص في آثار طواها النسيان..في العشر الأواخر من رمضان..نستحضر اشعار محبي خاتم النبيئين محمد صلى الله عليه وسلم ومن بينهم بالطبع آباؤنا وامهاتنا ومن ادركنا من سلفنا الصالح ..

تحليل ومناقشة قصيدة البرعي “ضحك تبروق الإبرقين تبسما”
أولًا: التعريف بالشاعر
البرعي هو أحد شعراء العصر المملوكي، وهو معروف بشعره الصوفي والمدحي، حيث كانت أشعاره مليئة بالمحبة للنبي محمد ﷺ، والحنين إلى الأماكن المقدسة، والابتهالات الروحانية.
—
التحليل الأدبي للقصيدة
1. الموضوع الرئيسي:
تدور القصيدة حول مدح النبي محمد ﷺ والتعبير عن الشوق إلى زيارة مكة والمدينة. يبدأ الشاعر بوصف الظواهر الطبيعية التي تعكس حالته الوجدانية، ثم يتجه إلى الحديث عن رحلة الحج ومناسكه، لينتقل بعدها إلى مدح النبي وصفاته ومعجزاته، وختامًا بالدعاء والاستغفار.
2. الصور الفنية والتشبيهات:
يستخدم البرعي في القصيدة صورًا فنية قوية، حيث يستهلها بوصف البروق والنجوم في السماء:
> “ضحكتْ بروقُ الإبرقينِ تبسما
وسمتْ نجومُ الحقِّ في كبدِ السما”
هنا يجعل البرق يضحك، وهذا تشخيص للمظاهر الطبيعية، كما يربط بين النجوم والحق، مما يعكس طبيعة القصيدة الصوفية ذات البعد الروحي.
كذلك، يستعمل الاستعارة في وصف النبي ﷺ:
> “قمر تعلقت النفوس بحبه
فكأنَّه في كل قلب خيما”
يشبه النبي بالقمر، وهو تشبيه تقليدي في المدائح النبوية، لكنه يعبر عن حبٍّ عميق ووجداني.
3. البنية الفنية:
اللغة والأسلوب: تمتاز القصيدة بأسلوبها الجزيل، حيث تستخدم ألفاظًا فخمة تتناسب مع الغرض المدحي.
البحر العروضي: تنتمي القصيدة إلى البحر الطويل، وهو بحر قوي يُستخدم في الشعر العربي التقليدي خاصة في المدح والفخر.
التكرار: يستخدم الشاعر تكرار الألفاظ والمعاني لتعزيز مشاعره، مثل تكرار ألفاظ المدح للنبي ﷺ.
4. الجانب الديني والصوفي:
القصيدة تحمل طابعًا صوفيًا واضحًا، حيث يعبر الشاعر عن شوقه الشديد لزيارة النبي ﷺ، ويبرز فضائل النبي وأهل بيته والصحابة:
> “كانَت نبوّته وآدم صورة
في الماء وَالطين المصوّر منهما”
هذا البيت يعكس المفهوم الصوفي للنور المحمدي، وهو اعتقاد شائع بين المتصوفة بأن نور النبي ﷺ سبق الخلق.
5. الدعاء والتضرع:
في نهاية القصيدة، يتجه الشاعر إلى الدعاء وطلب الشفاعة من النبي ﷺ، حيث يعبر عن ندمه على الذنوب ورجائه في العفو:
> “فاعطف عَلى عَبد الرَحيم برحمة
فَلَقَد طغى وَبَغى وَجاروا جرما”
وهذا يبرز النزعة الروحية والوجدانية القوية في القصيدة.
المناقشة والتقييم
1. أهمية القصيدة:
تعكس حبًّا عميقًا للنبي ﷺ وأماكنه المقدسة.
تمثل نموذجًا بارزًا للشعر الصوفي في العصر المملوكي.
تحمل معاني روحية وتأملية تتماشى مع الفكر الصوفي.
2. تأثيرها:
تعتبر نموذجًا للشعر الديني والمدائح النبوية التي انتشرت في العصر المملوكي.
تؤثر في وجدان القارئ لما تحمله من عاطفة صادقة وأسلوب بلاغي قوي.
3. نقد فني:
رغم جمال التصوير، إلا أن القصيدة تعتمد على التقاليد الشعرية القديمة دون تجديد كبير.
بعض الأبيات قد تبدو متكررة في معانيها، خاصة فيما يتعلق بوصف النبي ﷺ ومدحه.
قصيدة البرعي “ضحك تبروق الإبرقين تبسما” هي نموذج رائع للشعر الصوفي والمديح النبوي، حيث تحمل مشاعر وجدانية قوية تعكس حب الشاعر العميق للنبي ﷺ وشوقه للأماكن المقدسة. تتميز بقوة الأسلوب، وجمال التصوير، والروحانية العميقة، مما يجعلها واحدة من أبرز قصائد المدائح النبوية في العصر المملوكي.