عن ترجيح ليلة27من رمضان كليلة القدر

إعداد : فاطمة م بون

الزمان أنفو _ ليلة القدر من أعظم ليالي العبادة في شهر رمضان؛ إذ يُضاعف فيها الأجر وتُفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة. وقد اجتهد العلماء في تحديد هذه الليلة استنادًا إلى ما ورد في الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تحمل دلائل رمزية وعددية تُستدل بها على ترجيح ليلة 27 من رمضان. نستعرض في هذا التقرير الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه مع الإشارات العددية في سورة القدر التي تُشير إلى هذا الترجيح.

الحديث النبوي وتحليل دلالاته

روى أبي هريرة رضي الله عنه ما يلي:
«تَذاكَرْنا ليلةَ القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: “أيُّكم يَذكُرُ حين طلَع القمرُ وهو مِثلُ شِقِّ جَفْنَةٍ؟”»
(رواه مسلم)

أهم النقاط:

وصف القمر عند طلوعه:
يشبه النبي صلى الله عليه وسلم القمر عندما يظهر عند طلوعه بشق جفنة، مما يدل على أنه ناقص البدر في تلك الليلة. ويُعتبر هذا التشبيه علامة بصرية تستدعي تأمل المؤمنين والبحث عن ليلة القدر.

دعوة النبي للتأمل واليقظة:
يحث الحديث على التمعّن في العلامات الكونية كدليل على قرب حلول ليلة القدر، ما يعزز من أهمية المراقبة والتأمل في مظاهر الطبيعة أثناء الثلث الأخير من رمضان.

ترجيح ليلة 27:
استنادًا إلى هذا الحديث وغيره من الروايات، تتراءى علامات تجعل العلماء يترجون ليلة 27 من رمضان باعتبارها الليلة التي تتسم بخصائص القدر والعظمة.

سورة القدر والإشارات العددية

تعتبر سورة القدر من السور التي حملت دلالات خاصة لليلة القدر، وقد وردت كما يلي:

> بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
1. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
2. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
3. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
4. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
5. سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ

دلالات الآيات:

تأكيد نزول القرآن:
تبدأ السورة بالتأكيد على نزول القرآن في ليلة القدر، مما يدل على مكانتها العظيمة والخصوصية التي تميزها.

التساؤل عن ماهية الليلة:
تأتي الآية الثانية بتساؤل يدل على عمق المعاني الخفية وراء هذه الليلة، فيحفز المسلم على التفكر في معانيها.

أفضلية ليلة القدر:
تؤكد الآية الثالثة أن ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر، ما يُظهر عظم فضلها وقدرها من البركات والرحمات.

نزول الملائكة والروح:
تُشير الآية الرابعة إلى نزول الملائكة والروح فيها، وهو دليل على خصوصية هذه الليلة في العبادة وتقديم العون الإلهي لكل من يبحث عن الخشوع.

سكون وسلام حتى الفجر:
تختم السورة بتأكيد حالة السلام والطمأنينة التي تسود الليلة حتى مطلع الفجر، مما يجعلها مناسبة للعبادة والذكر والدعاء.

الإشارات العددية:

يُستدل في بعض التفاسير على أن تكرار ذكر عبارة “ليلة القدر” ثلاث مرات في السورة يُرمز إلى قيمة عددية، حيث يُحسب عدد الحروف (تفسيرٌ رمزي يعتمد على جمع قيم عددية معينة) مما يُنتج الرقم 27.

كما أن الإشارة إلى “سبعة وعشرين” في بعض الروايات والشرح اللغوي تُعزز فكرة ترجيح ليلة 27 من رمضان كليلة القدر.

الخلاصة والتوصيات

1. دلالات الحديث الشريف:
يبين الحديث عن أبي هريرة وصفاً بديعاً لظاهرة القمر عند طلوعه، مما يُعد علامة بصرية تساهم في ترجيح ليلة القدر، ولا سيما في الليالي التي تتناسب مع تلك العلامات.

2. الإشارات القرآنية في سورة القدر:
تُظهر آيات سورة القدر، بخاصة ذكر الليلة ثلاث مرات وتأكيد فضلها العظيم، رمزية عددية تُشير إلى الرقم 27، مما يدعم الترجيح الفقهي لهذه الليلة.

3. التركيز في العبادة:
بغض النظر عن اختلاف الآراء بين ليلة 21، 23، 27، و29، فإن الموعظة هي بالتكثيف في العبادة في كل ليالي الثلث الأخير من رمضان، مع تركيز خاص في ليلة 27 لما حملته من دلائل شرعية ورمزية.

بجمع الأدلة النبوية والقرآنية، يتجلى أن هناك دلائل تُرجيح ليلة 27 من رمضان كليلة القدر. ورغم تعدد الآراء حول تحديدها بدقة، فإن الهدف الأسمى يبقى تحصيل الأجر والثواب في الليالي المباركة. لذلك، يُستحب للمسلمين الاجتهاد في العبادة والدعاء والذكر خلال الثلث الأخير من رمضان، مع تركيز خاص على ليلة 27 لما لها من مكانة ودلالات خاصة في الشرع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى