حاتم البطيوي.. الأصيلي/ عبدالله محمدي

الزمان أنفو _ في الأشهر الأخيرة، كان يوزع وقته بين لندن والرباط، دون أن ينسى أصيلة، لكن قلبه ظل مع باني الأسس، محمد بن عيسى، الذي شاهده يفقد قواه رويداً رويداً دون أن يستسلم، حتى جاء القضاء والقدر المحتوم، إذ لكل أجل نهاية وكتاب.

رحل محمد بن عيسى عن دنيانا كما كان مقدراً له. سالت المحابر بالكلام الطيب عن الفقيد، مع ذكر خصاله وتقدير منجزاته الرائدة، لكن حاتم البطيوي، الذي انهمرت دموعه حزناً من هول الفقدان، أدرك بلا شك، في لحظة تنوير، أن العزم قد عُقد عليه ليواصل المسيرة.

كان محمد بن عيسى قد وجد فيه الرجل الأمين، الوفي، القادر على مواصلة المهمة: أن تبقى أصيلة فاتحة ذراعيها للبحر وللضيوف الذين يؤمونها كل سنة لإحياء موسمها الثقافي وموعدها الذي لا يُخلَف.

اجتمع أعضاء مؤسسة منتدى أصيلة أخيراً لينتخبوا أميناً عاماً جديداً، ولم يجدوا على قدر المسؤولية سوى ذلك الرجل الذي كان ذات يوم طفلاً يلهو بالألوان، ويرى في مدينته حلماً مستمراً ترثه الأجيال جيلاً بعد جيل.

بقيت أصيلة على الدوام حلماً متحققاً وواقعياً، جاعلةً من المغرب الكبير منارة دائمة للثقافة والإبداع، وللبسمة التي لا تفارق الوجوه.

ربما سيفرد حاتم البطيوي للراحل المؤسس حديقة أخرى في أصيلة، تزهر فيها الورود، وتحيا في خضرتها ذاكرتنا الثقافية وأحلامنا، كما هو حاصل مع الرواد قبله. قد يجاور بن عيسى محمود درويش والطيب صالح وغيرهما، وهكذا ستظل الأعمال العظيمة وسير الرجال الأفذاذ باقية على أديم أصيلة، وعبر الزمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى