فرصة للنفاق/ محمد ولد شيخنا

بعد شهرين من العلاج في”برسي”عاد الرئيس من إصابته، التي يعلم الله وحده من أطلق فيها الرصاصة أو غرس الخنجر،فقامت الدنيا ولم تقعد وفقد المنافقون صوابهم فتفننوا في كتابة المقالات وإلقاء الخطب ليثبتوا ل”القائد العظيم”،الذي لولاه لما كان وما كان،أنهم متعلقون به حريصون على صحته.

عاد الرئيس وقد هزم الرصاصة أو الخنجر،فقال المرجفون في المدينة أن على المعارضة أن تسكت بل أن تخرس وتستر “روحها” لأنها ادعت أن إصابة الرئيس بليغة وأن من حق البلاد أن تحصل على كشف طبي لحالته. عاد الرئيس واستقبلته الدولة في حفل تاريخي أنفقت فيه مئات الملايين من أموال دافعي الضرائب وانطلقت ألسنة النفاق في تمجيد الرجل الذي قهر الرصاصة أو الخنجر،وذهبت في ذلك كل مذهب إلى حد دفعه لتصديق ما يدعون فقال في مقابلة تلفزيونية مشهورة هي الأولى بعد عودته:”لقد أصبت إصابة قوية ولولا أنني كنت على لياقة بدنية عالية لما تمكنت من التغلب عليها”ونسي الرجل،في غمرة الفرح بانتصاره الموهوم على الرصاصة والخنجر والمعارضة، أن يستحضر القدرة الإلهية في ما حدث. يومها علمنا أن هذا الوطن ما زال في مؤخرة الصف لأن تمجيد الرؤساء ووضعهم في مرتبة فوق عامة الناس صفة من صفات الأنظمة الديكتاتورية الشمولية، وأن الديمقراطية الموريتانية لم تجد فرصتها للإنطلاق بعد لأن العسكر ليسوا مؤهلين عقليا ولا فكريا لأن يقودوا تحولا ديمقراطيا في بلد متخلف تعيش”نخبته” على فتات موائد الجنرالات،وتنال قبائله وأشخاصه “حقوقهم” على قدر ما يعبرون عنه من ولاء للحاكم الذي تحوله تلك النخبة “المسكونة بحبه” إلى معبود الجماهير الذي لا يخطئ. ولأن موريتانيا،المهزومة تنمويا،المعاقة سياسيا ،الفاشلة ديمقراطيا بحاجة لانتصارات وهمية فإن حدثا “تاريخيا” كتولي البلاد رئاسة الإتحاد الإفريقي لا يمكنه أن يمر على الباحثين عن فرص النفاق ولا على ألسنة السوء التي تغير ولاءها من نظام لنظام ،على طريقة عباد الشمس الأحمر،فقررت أن تنظم استقبالا شعبيا بالمناسبة وبدأ الكتاب العامون والخاصون والمدونون في تصوير الحدث كما لو كان إنجازا استثنائيا،رغم أنهم يعلمون أن كل الدول الإفريقية بدون استثناء تولت رئاسة الإتحاد، وأن ذلك جرى في صمت ودون احتفالات،حيث لم تعتبر أعتى وأغبى الدكتاتوريات الإفريقية التي تولت رئاسة الإتحاد منذ إنشائه إلى حد الآن أن في الأمر ما يستحق التنويه. صحيح أن قادة إفريقيا منحوا رئاستهم لابن عبد العزيز إلا أنهم أدانوه عندما أدانوا الإنقلابات العسكرية ورفضوا إطاحة العسكر بالشرعية في مصر ..فأسرها الرئيس في نفسه وصمت لأنه يعلم أن الشرعية متشابهة في كل مكان.. وأن عبد الفتاح لا يختلف عن عبد العزيز. أليس هذا مخجلا؟..فلماذا وبماذا تحتفلون؟ اللهم لا شماته..طيب الله ثراكم 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى