الزواج للجميع وسامسونك/ محمد عبدالله لحبيب
منذ عام تقريبا والمظاهرات تملأ شوارع المدن الكبيرة في فرنسا بين الحين والآخر احتجاجا على “قانون الزواج للجميع”، ويرفع المتظاهرون شعارات تطالب بالمحافظة على النموذج التقليدي للأسرة. ما يتوفر من الأركان في “النموذج التقليدي” محدود للغاية. ربما كسر بعض المتحمسين هواتفهم وربما أحرقوا بعض الأشياء، وربما طالبوا بإعدام بعض الأشخاص، رمزيا على الأقل.
هل اعتبروا تكفيريين متطرفين؟ هل اعتبر تصرفهم غوغائية؟ لن أكسر هاتف “نوكيا الظاوية” لأنه ساعتي ومنبهي ومصباح ظلمتي، وهو أيضا هاتفي الذي أتواصل به مع الناس.
أجدد تأكيدي على أحقية المجرمين المفترضين في الحصول على محاكمة عادلة، وعلى حقهم في اكتمال أركانها بمحاماة تملك الكفاءة والصدق في دفاعها عمن تدافع عنهم.
إذا نزل المحامي عن المنصة ناقشناه في أفكاره التي ربما يكون من ضمنها دواعي دفاعه عن متهم بعينه. يجب توفير ادعاء يمثل الضمير الجمعي الذي تحرك لمحاكمة من اتهم.
يبقى الفكر وحده القادر على “ردع الأفكار” أو إماتتها. كل الكتب التي حوكم أصحابها أو كفروا أو أهدرت دماؤهم، أو نُقضت علميا، انتشرت، بل أصبحت وثائق لا تستقيم قراءة تاريخ فكر المرحلة إلا بالرجوع إليها. من رسائل الكندي والفارابي إلى وليمة حيدر، وأغاني مارسيل خليفة. الضجة التي نثيرها تمنح مقعدا في الساحة وسطرا في ديوان التاريخ.
بعض تجار الكتب المهرة يمهرون كتبا بعينها بأنها “أثارت جدلا” أو “كفر مؤلفها”…استثارة لفضول القراء الجدليين.
الفكر العلمي الرصين وحده يبقى إلى جانب “الأصول المنبوذة”، وقد يأخذ عليها أفضلية تتحول إلى “حزب حاكم ثقافيا” مع الزمن.
لم نجْنِ في النهاية إلا حملة إلهاء تستنفد طاقات وتثير ضغائن وتحرك حزازات. محليا يندر أن يترمز أحد كتاب السلطة بدون هجومات متتالية وسجالات مع منتمين إلى معسكر قوى التغيير. معركة الإلهاء، كل مرة، نخرج بجراح وحزازات ولا تدور عجلة التاريخ شبرا.
انتظروا قليلا. لا أعتبر الإساءة التي صدرت قبل شهرين فكرا. ولذلك لم أشتغل بالرد عليها، بل عبرت عن حبي للمصطفى صلى الله عليه وسلم، وطالبت بتوجيه اللوم والعقاب، إن كان لا بد إلى الجهة التي نشرتها. “العتاب” و”العقاب” هنا فرع عن تقدير مسؤولية يتحملها موقع أقلام تجاه قرائه. (طالبت تحديدا بإسقاطه من بعض قوائم المواقع) تنبيها إلى أن “الأسرة المهنية” تنتمي إلى المجتمع.
من حق الناس أن يعبروا بالطريقة التي يرون ما لم تكن اعتداء على حريات الآخرين. ومن الغوغائية وصف تصرف المالك في ملكه غوغائيةً. قد يكون مفيدا جدا تنبيه مؤسسات رأس المال إلى أن احترام ثوابت المجتمع من قبل مالكيها أو ممثليها، هو جزء ركين من رأس مالها الرمزي والمادي معا. لا أستبعد مثلا أن تظهر عليكم سامسونك بتطبيق جديد يتعلق بالشمائل النبوية. لا يعني هذا تشريع ظلمها بتحميلها مسؤولية ما لم تفعل، أو تروج له. عرضه صلى الله عليه وسلم غني عن النصر بظلم الناس.
وسيظل التظاهر والمقاطعة والدعاوى القضائية وسائل تعبير مدنية. وما يصحبها من فوران عاطفي ينتج عنه “عنف محدود” أمر مفهوم لا يستدعي هجوما على المعبرين، وإن كانت مطالب “الترشيد” هي الأخرى مطلوبة وواجبة ما التزمت حدود التوجيه والنصح.
من الطرائف أن يدعو الإسلاميون (لا ينتمي المتظاهرون أو غالبهم إلى التيار الإسلامي الممتاز [بالمعنى اللغوي] سياسيا) إلى “إتلاف المال”، وينبري اليسار للمنافحة عن استهداف رموز الرأس مالية وآخر تقاليع موضتها. شركة سامسونك مرشحة لتصدر مبيعات الهواتف الذكية.