الوزير / محمد الأمين ولد محمودي
يستعد احد رجال ولد عبد العزيز ليعلن أسماء من انتقاهم الرئيس ليكونوا جلساء الأشهر القادمة ورغم أن عمر هذه الحكومة لن يكون طويلا إلا أن كل موريتاني يرى في نفسه الكفاءة للدخول فيها..فمادام ولد عبد العزيز هو من يختار فكل شيء محتمل..قال لي احد الميكانيكيين إن الغلام الذي كان يقوم بطلاء السيارات في ورشته لم يعد لعمله منذ البارحة وانه قضى يومه يتجول في الكاراجات باحثا عن من يعرف اكبر ميكانيكي في البلد اسمه السابق “عزيز دلكو” يريد وساطة لديه ليدخله في الحكومة المنتظرة.. أضاف الميكانيكي الذي يحدثني:
وصمته بالجنون والهبل لكنه رد علي مادام رئيس الجمهورية ميكانيكيا فالراجح أن وزير الخارجية سيكون عامل صفائح معدنية “توليي” لحاجة القارة الإفريقية لمن يقوم اعوجاجاتها.. صديقي الميكانيكي محتار من عامله لكنه لا يستبعد أي شيئ ففي موريتانيا كل شيئ معقول لكن كيف سيتذكر ولد عبد العزيز أصدقاءه من ميكانيكيي الأمس البعيد ثم انه لم يمارس معهم العمل ولا يعرف ايا منهم لأنه كان ميكانيكي طائرة وبما أن موريتانيا لا تملك طائرة حينها لم يعرف الرجل التشحيم, ولا بقع الزيت تطايرت على ثوبه..ببساطة هو ميكانيكي مع وقف التنفيذ..ولأن وقف التنفيذ هذا طال اشتغل بالحراسة التي اتضح أنها سر قوته فعبرها عرف الموريتانيين على حقيقتهم رآهم يتملقون ويبكون ويقبلون القدم التي تدوسهم, عرف طينة ممارسي السياسة في البلد وعرف الجيش والشجعان فيه والجبناء..الحراسة أفضل بكثير وبهذا ربما يعين حارس مرمى الفريق الوطني او حارس سينما الوازيز او حارسا من حراس تفرغ زينة شريطة طبعا أن يتذكرهم في خضم نبشه لتلافيف ذاكرته. على ذكر التذكر, عمد بعض الحالمين بالتوزير إلى حيلة قديمة جدا..يتصلون بموقع الكتروني او صحيفة او تلفزيون ..ليطلبوا الخدمة مقابل مبلغ زهيد فالربح غير مضمون..ذكر البطرون بنا..بالبنط العريض يأتي الخبر ساخنا:ولد عبد العزيز سيعين فلانا صاحب كذا وكذا..مالا يعرفه الحالمون هؤلاء عن الرئيس انه الآن سيكمل”تان تان” وبعدها سيقرأ الفرسان الثلاثة وطبعا في نسختها الكرتونية التي تبسط كثيرا ملحمة الكسندر ديماس..اما الصحف والجرائد والتلفزيونات فهذه أشياء للاستهلاك الخارجي.. الحكومة الجديدة واضحة وغير معقدة..وزير خارجية نظيف إذا كان من الزنوج يجب أن يكون اسود كالفحم وجميل المحيا ولا يقبل ان يكون ملونا او خلاسيا او اسمر..لا لا عمقنا الإفريقي يقتضي هذا اللون ثم ان الرجل سيجوب العالم لإيهام الناس بأنه حامل عصا موسى لحل مشاكل أكبر قارة تعاني في الكون..إذا كان هذا الوزير عربيا او بربريا او هما معا عليه أن يكون قطعة سكر نظيفة..بياضه ناصع لا تشوبه شائبة فالأفارقة يحترمون لون مستعمريهم ولا يرضون بلون غيره..لا توجد منطقة وسطى مابين اللونين الأبيض والأسود..ولن ينقصنا وزير بهذه المواصفات..ابدا..بدا.. وزير الداخلية هو الأهم في الحقيقة وهنا سيعتمد العزيز على أمراء التزوير في الإدارة الإقليمية وهم كثر وينتظرون الإشارة لتقديم الخدمات في الانتخابات المقبلة.. بقية الوزراء تتولى الرئيسة تحصيلهم من من أسهموا في تقليل العوانس في قريبات الرئيس ..وبهذا تكتمل الحكمة وعلى بركة الله تنطلق المرحلة القادمة من حكم عزيز لموريتانيا..أما الحالمون فلا يعلمون انها أضغاث أحلام وليس العزيز من سيحققها.. على كل حال يجب أن لا تفقدوا الأمل..للقدماء: انفضوا الغبار عن بدلات فترة ولد الطايع فمن يدري.. للحالمين الجدد: حضروا بدلات من “بوس” سوق “بي ام س أي” وهذه تباع بأربعة عشر الف اوقية وتصلح لأول إطلالة وبعدها خزينة الوزارة ستتولى الباقي والخسارة لن تكون كبيرة في حال لم يتذكر الرئيس أيا منكم..فأبشع شيء هو ذلك الرجل الذي يبحث عن بدلة في محلات “الشان” طنا منه انها “ماركة أصيلة” في حين انها مزورة وغالية ويصل ثمن الواحدة منها الى مائة الف.. وقد لا يكون المبلغ جاهزا وأغلب الباعة هناك صاروا لبنانيين يبيعون لكنهم لا يقرضون حتى اكبر زبنائهم..”بي ا مسي أي” سوق شعبي يقع غرب عمارة “آفاركو” سابقا ..من دخله اليوم سيجد فيه بعض الملثمين من غير زبنائه عادة..يحملون هواتف بعدد شركات الاتصال ويبدو على كل واحد منهم أثر السهاد والأرق ..هؤلاء زبناء يأتون السوق غداة تشكيل كل حكومة..بلغني ان احدهم باع العام الماضي عشرين بدلة بعد أن لم يتحقق حلمه لعشرين مرة لكنه اشترى بالأمس بدلة تناسب ذوق هذه السنة..طبعا دائما في إطار المزور..عند الحلاق حاذر أيها الحالم أن يحلق لك على طريقة رونالد واو بيكام فأنت وزير محتمل, فقط غير لون مجمل الرأس الى السواد وخفف ما على مقدمة الرأس من ما يشبه المشاطة, وهكذا تكون قابلا للظهور في أول صورة للحكومة بعدها افعل ما تريد فقد تقربت من الزعيم ودخلت عواطفه وصرت قطعة من المشهد. يا أهل السياسة فاتتكم الفرصة حين لم تعترضوا سبيل الانقلاب أما وقد ركبتم موجته طمعا فانتظروا عقودا من التهميش والإذلال والنسيان..وكل حكومة وانتم بخير على الأقل.