فساد في الوكالة الموريتانية للطيران المدني…اين المفتشين ؟/(الحلقة الاولى)
منذ ازيد من ثلاثة اعوام, اي منذ تعيين المدير العام للوكالة الموريتانية للطيران المدني الحالي ابو بكر ألصديق ولد محمد الحسن , لم نتشرف قط بزيارة المفتشية العامة للدولة, هل هذه مجرد صدفه ؟ ربما تكون كذلك بالنسبة للبعض, و لاكن بالنسبة لي ليست كذلك,فالمدير الحالي يعرف تماما كيف يحصن نفسه من المفتشية ومن الصحافة كذلك..
فحتى هذه الساعة لست واثقا تماما من ان مقالي هذا سينشر على الانترنت,لاكني سأبذل ما بوسعي لكي ينشر. اذن كيف بنى المدير هذا السور العظيم من حوله ؟ بسيطة ,كما نعلم جميعا, فان مفتشية الدولة تتبع اداريا الوزير الأول فاذا كان الوزير الاول نفسه ’المنفذ لبرنامج رئيس الجمهورية و من اهمه محاربة الفساد’ يتدخل شخصيا لدى المدير لتشغيل فلان او لاعطاء فلان بعض الصلاحيات فكيف له ان يرسل الينا المفتشين ؟ نعم كما قرأتم تماما فالوزير الاول له هو الآخر حاجيات, فمؤخرا تدخل الوزير الاول لتشغيل ابن اخت زوجته- منت حرمه-المسمى صالح ابن الخرشي وهو الآن يعمل بالوكالة,وتدخل كذلك لتشغيل احد اقاربه المنحدر من مدينة النعمة وهو ابن مولاي محمد ,على كل حال ’الصحة لهم’ فهم ككافة الشباب المتعلم العاطل عن العمل اللذين لا ملاذ لهم سوى الوساطة فلا تثريب عليهم (لا انوي من هذا النيل منكم ),ولكن اللوم على النظام الحالي .
هذا القليل مما نعلم وهناك الكثير مما لا نعلم…كنت فقط اريد ان اعطي بعض الامثلة لكي ابين لكم كيف يحصن مديرنا نفسه من مفتشيه الدولة او من الوزير الاول. زيادة على هذا, الجهود الجبارة اللتي قام بها المدير الحالي لاخراج موريتانيا من الائحة السوداء التي فرضتها المجموعة الاوروبية على الطيران الموريتاني,يشكر على تلك الجهود ,ولكنها كانت بمثابة ضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد :
1-اخراج موريتانيا من اللائحة السوداء,2-تحسين صورته وطنيا ودوليا,
3- التغطية على سوءاته اي فساده وظلمه للعمال اللذين لا حول لهم ولا قوة لهم.
فبالنسبة اليه الضعيف لا يعيش,اذا لم يكن وراءك من يخافه او يطمع فيه فانك لا محالة ستكون في سلة المهملات الى ان يشاء الله.
الرحمة ليست في قاموس المدير الحالي ,ولهذا كتبت هذا المقال ,وقد ترددت كثيرا قبل كتابته .لكنني تشجعت وقلت في نفسي انه من لا يرحم لا يرحم,عسى ان نجد من يسمعنا وينقذنا من هذا الظالم المستبد او على الاقل لكي يعرفه الناس على حقيقته,فاذا كان الوزير الاول نفسه متواطئ معه في الفساد فلا نرجوا الكثير إلا من عند الله فهو الغني البصير.
اما بالنسبة لحصانته ضد الاعلام,فبسيطة هي الاخرى,كما يعلم الكثير منكم ,فان رئيس مجلس ادارتنا هو الاعلامي السابق ووزير الاتصال الاسبق في عهد سيدي ولد الشيخ عبد الله, الكوري ولد عبد المولى, فهو اللذي يتولى هذه المهمة ’المستحيلة’ مقابل ترفيهه ,حيث اتخذ اكبر مكتب بعد مكتب المدير مقرا له في مبنى الادارة العامة, وأصبح شغله الشاغل الاجتماع ببعض صحافة البشمركة و بعض المرتزقة من النواب وغيرهم ممن لهم علاقات واسعة بالأوساط الخبيثة والجواسيس , فيقدم لهم الشاي على مدار الساعة ويواسيهم ويقدم لهم بعض المكافآت المالية ’اموال الشعب’ مقابل اخلاصهم و تفانيهم في العمل الجبار الذي يقومون به ألا وهو تحصين المدير العام من نقد الاعلام و ألا يذكرونه الا بالخير, وعندما أخذ كل ذو حق” حقه” ذهبوا الى اهلهم فكهين. هكذا تتم عملية تحصين ابو بكر,ولا احب ان اقول الصديق لانه ليس كذلك..حتى ولد عبد العزيز لم يحظ قط بهذه الدرجات.
هناك بالطبع العديد من الفاعلين و المساعدين في هذه المهام الصعبة وأولهم المنفذ الاول لكل ما يؤمر به بدون تردد او تفكير وهو المدير المالي احمد ولد عبد الله الذي لا يستحي ان يطلب ’كوميسيون’ على كل فاتورة تقع بين يديه صغيرة كانت ام كبيرة, فقد بلغ منه الجشع وحب المال انه مؤخرا اجر سيارته الخاصة, كان قد اشتراها مؤخرا من نوع تويوتا برادو اخر صيحة,اجرها للمدير العام الذي تعطلت سيارته قبيل ذهابه الى ازويرات رفقة وزير التجهيز ولد حدمين, لتفقد الاعمال في مطار ازويرات الجديد .ويذكر ان هذا الاخير-اي المدير المالي- استطاع ان ينهي بناء فيلا ذات طابقين في تفرغ زينة في ظرف لا يتعدى 9 اشهر. برادو وفيلا طابقين (عزيز انت فم؟ هذا الفساد الي تكول) ,هل يعقل هذا ؟ مع راتب لا يتعدى ست مائة الف اوقية؟ اذا عمل ثلاثين عاما لا يمكنه تحقيق ذلك من راتبه.
ومن الفاعلين ايضا السكرتير الخاص للمدير العام محمد لعبيد الذي يحظى بمكانة خاصة وهو امين سره وقد اوكلت اليه مؤخرا رخص التحليق والهبوط التي يفعل ما يشاء بها: يعطل من يشاء ويمنحها لمن يشاء مقابل رشوة. وقد اشترى مؤخرا شقة في الدار البيضاء بالمغرب.
هناك ايضا فاعل آخر لا يقل اهمية عن السابقين بل اخطر, فاعل خفي, ألا وهو حرم المدير –كيطه-, نعم تلك المراة التي يقول البعض انها تدير الوكالة عن بعد, فتعز من تشاء بها وتذل من تشاء, ولها مخابرين يعملون بالوكالة يمدونها بالاخبار اولا باول ,ولا يرفض لها زوجها اي طلب يتعلق بتسيير الادارة…. نظام مافيوزي متكامل .
ومن فساد المدير العام (مما نعلم) اعطاء صفقة ’
accompagnement à la certification ISO 9001 version 2008
التي تجدونها على موقع الوكالة وللتي استفاد منها مكتب الدراسات التابع له اصلا(Bureau verritas)
والذي كان يعمل به سابقا.
عندما يقول الموريتانيون ان ’فلان شغال’ فذلك يعني في اغلب الاحيان انه يعمل بجهد لإرضاء الرئيس ولكنه لا ينسى نفسه ’متفكرش’.
بقي الكثير من الفاعلين وبعض مغامرات المدير العام ولاكن ساتركها للحلقات القادمة باذن الله, لا اريد ان اطيل. ولاكن اريد ان انوه الى ان المدير الحالي منذ ان قدم وهو يطبق سياسة فرق تسد ويشجع النميمة ويكافئ كل من ياتيه بخبر , ويذل من لا يأتيه بالأخبار ,هكذا استطاعت موريتانيا ان تخرج من الائحة السوداء, تماما كما تستخرج المجوهرات من افريقيا الى ان تصل الى الاسواق الغربية , فالمستهلك الاخير لا يعرف كم عانت الاسر وهلك بعض الآباء عن ابناءهم من اجل تلك الابتسامة اللتي ترسم على شفتيه عندما يشتري تلك الحلية.
نرجو من الجهات العليا ان تبعث لنا مفتشيه الدولة او فريق حيادي لا ينتمي للوزير الاول للتحقق في هذا الفساد المستشري في هذه الوكالة. وارجوا من الرئيس محمد ولد عبد العزيز ان يراعي في تعييناته مستقبلا مزايا الاخلاق والتقى والوطنية ومن ثم ألكفاءة ,فاعلم ايها الرئيس ان هؤلاء يمثلونك, وانك مسؤول امام الله عن كل المظلومين في عهدك, فيوم اذ لا ينفعك ولد غزواني ولا ولد ددو ولا لغظف ولا حتى اقرب الناس اليك.
ربنا ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمن
موظف رفيع في الوكالة الموريتانية للطيران المدني