“الزمان” تعيد نشر مقابلة مع آسية بنت نافع المديرة التنفيذية للمعهد الإسلامي لتعليم البنات

المعهد الإسلامي لتعليم البنات 14 سنة من العطاء

الأستاذة المعهد الإسلامي لتعليم البنات تجربة إسلامية وطنية رائدة، تشرف عليها كوكبة من الأستاذات المتمزات تربويا وأخلاقيا ومهنيا وعلميا، فبرهن على قدرة المرأة الموريتانية على إدارة المؤسسة التعليمية، وعلى نشر العلم والمعرفة بين صفوف النساء، والفتيات.

دخل المعهد عامه الرابع عشر مواصلا خطواته في سبيل نشر العلم والمعرفة والدعوة والتربية على الأخلاق الإسلامية والقيم الحضارية للمجتمع الموريتاني.

حول تجربة المعهد وظروف عمله تحدثت مديرته آسية بنت نافع للسراج  فكان الحوار التالي:

السراج: في البداية حبذا لو قدمتم لنا تعريفا عن المعهد؟

آسية بنت نافع: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم

أشكر موقع السراج الدعوي على إتاحة هذه الفرصة لنقل تجربة المعهد لقرائه الكرام.

 المعهد أول مؤسسة إسلامية تعليمية خاصة بالبنات تجمع بين التعليم المحظري والعصري، انطلق 2000-2001.

كان تأسيس المعهد ناتجا عن إحساس بعض الغيورين على الوطن وقيمه بغياب العلم الشرعي وقلة الاهتمام به بين صفوف الفتيات، وعزوف الكثيرات منهن عن التعليم الأصلي، لهذا قامت مجموعة من الغيورين على البلد ومصلحته والناظرين عن بعد لما يهدد المرأة بصفة عامة من موجة تستهدف الأخلاق والقيم بالتفكير في إنشاء المعهد والتشريع له، فتم لهم ما أرادوا.

والمعهد يتبع لوزارة التوجيه الإسلامي، وقد كان انطلاقته متواضعة جدا، حيث كانت الانطلاقة بقسمين ابتدائيين: -في منزل مؤجر.المعهد الإسلامي لتعليم البنات

ومنذ ذلك الوقت حتى الآن اكتملت بنية المعهد من 6 أقسام روضة، وابتدائية، وثلاثة أقسام إعدادية، وقسمين ثانويين.

مر المعهد بعدة مراحل اختزلنا في بعضها بعض مراحل الثانوية بناء على اختزال الفترة وتهيئة الطالبة للحصول على الشهادة الثانوية.

والمعهد يعطي شهادات للناجحات، ويسعى لاعتماد شهاداته رسميا، وقد قدم طلبا بهذا للوزارة، وما زال ينتظر تلبية طلبه.

السراج: ما هي رسالة المعهد بالتحديد؟:

آسية: رسالة المعهد الأساسية هي تطبيق منهاجه التربوي الذي تتصدره النقاط التالية:

1- تخريج طالبات علم متميزات، ملمات بالواقع، ويجمعن بين العلم الشرعي والعلم العصري، متميزات في أخلاقهن، محصنات عقديا وفكريا وعيميا ضد الانحلال الخلقي وتيار الاستلاب الحضاري.

2- الإسهام في التنمية الثقافية والحفاظ على الهوية الحضارية للبلد.

3- المشاركة في إنشاء المشروع الوطني الرامي إلى تعميم تمدرس البنات.

4- القيام بواجب محاربة الجهل.

5- الإسهام في جهود محو الأمية.

6- انتشال الفتيات المتسربات مدرسيا.

السراج: بأي شيء يتميز معهدكم عن غيره من المؤسسات التعليمية المختلطة؟

آسية: مميزات المؤسسة:

– أنها خاصة بالنبات.

– تجمع بين التعليم الأصلي والعصري.إحدى حلقات تعليم القرآن في المعهد الإسلامي لتعليم البنات

– مراعاة أخلاق التلميذة.

– أنه لا يعمل فيه إلا النساء، طاقم المعهد كله من النساء.

السراج: كم عدد الأستاذات عندكم؟

عدد الأستاذات 19 أستاذة في المقر المركزي بالإضافة للطاقم الإداري، (مديرة الدروس، محاسبة، مديرة عامة، ثلاث مراقبات).

السراج: وماذا عن المنهاج التربوي؟:

مر المعهد بمراجعات كثيرة، ومع ذلك ظل يحافظ على أن تتخرج البنت حافظة لكتاب الله.

في كل مرحلة تحصل الطالبة مجموعة من الأحزاب (الابتدائية 35 حزبا، الاعدادية والثانوية 25 حزبا).

السراج: ومن غير القرآن ما هي أبرز المقررات الأخرى؟زهرات المعهد الإسلامي لتعليم البنات

آسية: نحن ندرس المقرر النظامي الأساسي والإعدادي والثانوي بحذافيره، وما ذكرته هو ما نضيفه إليه، كما أننا نضيف إليه:

– مختارات من الكفاف للشيخ محمد مولود بن أحمد الجواد رحمه الله.

– وعمدة الأحكام للمقدسي رحمه الله.

– هذا بالإضافة إلى بعض محاور السيرة النبوية.

– ومختصر ابن عاشر.

– وملحة الإعراب في النحو، وقد كنا نقرر الألفية على الطالبات، لكن بعد الدراسة والتقييم استبدلناها بملحة الإعراب.

– هذا بالإضافة إلى مقرر التفسير الذي يشمل عدة سور من القرآن من بينها: سور النور، وسورة المؤمنين وسورة لقمان..

السراج: وماذا عن الشهادات؟

آسية: نحن نعطي للمتخرجات من المعهد شهادات عند نهاية المرحلة الاعدادية والثانوية والابتدائية، ولكنها غير معتمدة رسميا حتى الآن.

السراج: ماهي شروط اكتتاب المدرسات؟

آسية من أبرز تلك الشروط:

– الحصول على الكفاءة التربوية.

– الحصول على إجازة في القرآن بالنسبة لمدرساته، وأن يكن حافظات للقرآن كذلك.

فميزة المعهد أن نصف وقته في القرآن.

وماذا عن شروط التحاق الطالبات بالمعهد؟:

آسية: يشترط المعهد في الملتحقة به أن:

– تنجح في مسابقة دخول المعهد.بعض زهرات المعهد الإسلامي لتعليم البنات

– أن يكون مستواها العمري مناسبا للصف الذي تنوي الالتحاق به.

وهل من أنشطة أخرى غير الدراسة الصفية يمارسها المعهد؟

هناك أنشطة في المعهد غير صفية توصف بهذا الوصف “الأنشطة اللا صفية”، وهي أنشطة ثقافية ترفيهية تربوية، ينظمها نادي للطالبات يسمى نادي الإبداع، وهذه الأنشطة تكون خارج القسم.

و تكتشف فيها مواهب الطالبات الإبداعية العامة التي لا يساعد الدرس العادي على اكتشافها، كما يغير فيه الروتين عن الطالبات.

السراج: كم عدد خريجات المعهد؟

آسية: الخريجات كثر، فهن بأعداد كبيرة لا يمكن حصرها لكن من أكملن المقرر، وبدأن من البداية حتى التخرج، يزدن قطعا على العشرين، من الخريجات الحافظات لكتاب الله عز وجل،  هذا مع ملاحظة  أن أعداد الحاصلات على أكثر من نصف القرآن بالمئات.

السراج: ماهي مصادر تمويل معهدكم؟:

آسية: لا مصدر تمويل ثابتة للمعهد، وهذا من أكبر عوائق المعهد، ومع ذلك فمن مصادر تمويله الرسوم التي تدفها التلميذة المسجلة فيه.

وقد بدأ المعهد نشاطه برسوم بسيطة على التلميذات، حتى رسخت القدم فزاد الرسوم قليلا، ومصدر تمويله الأساس هو هذه الرسوم، وقد نقوم في المعهد بتقديم طلبات لجهات معينة، ولكن قل أن نجد منها دعما دائما.

كما أن هناك صناديق تبرع توزع في بعض الصيدليات والمساجد يستفيد منها المعهد.

 

السراج: ماذا عن العلاقة بالوزارة الوصية؟:حلقة تعليم في المعهد الإسلامي لتعليم البنات تظهر اكتظاظ المكان بهن

آسية: ما زالت علاقتنا بالوزارة الوصية والتي هي وزارة التوجيه الإسلامي رمزية حتى الآن.

وقد يساعدوننا مشكورين ببعض المصاحف في بعض الأحيان.

كما يساعدوننا في  المشاركة في المسابقات التي تنظمها الوزاراة.

السراج: وهل شارك المعهد في أي من تلك المسابقات؟

آسية: لقد شارك المعهد في بعض المسابقات الوطنية، ودائما تحتل التلميذات القادمات منه الصدارة في المسابقات التي يشاركن فيها.حجرات المعهد الإسلامي لتعليم البنات الواقع خلف مسجد أبي طلحة عند الرابع والعشرين

فمثلا شاركن في المسابقة الدولية لحفظ القرآن في الأردن، وحزن المركز الثالث في الأردن، بعد حيازتهن على المركز الأول هنا.

ولدينا الآن طالبة ناجحة هي الرقم الثاني، وستتوجه للأردن هذه الأيام.

كما شاركنا هذا العام في مركز الشفيع، وفازت طالبتان من طللباتنا في المراكز الأولى.

السراج: هل لغير الناطقات بالعربية وجود في المعهد؟:

آسية: كن فيه منذ تأسيسه، ولكن بنسب قليلة.

أتذكر منهن اثنتين على الأقل واصلتا من البداية، وحتى حصلتا على الباكالوريا، وبالتالي حفظتا القرآن بشكل كامل.

السراج: كم هي أعداد الطالبات في المعد؟:

آسية: يصل عددهن حوالي500 طالبة الآن.

السراج: ما هي أهم العوائق التي تحول دون إكمال المعهد مهمته؟:

آسية: هناك عوائق متعددة منها ما هو ذاتي نابع من صرامة البرنامج التربوي الذي نلتزم به، ومنها ما هو خارجي،  ومنها ما هو مركب من الإثنين، كما أن منها ما هو تابع لطبيعة الفئة المستهدفة، وعموما فإن أبرز تلك العوائق هي:

– أن التحفيظ لا يتم إلا لمن أكمل التعليم كله.

– تأثر الفتيات بالظروف الاجتماعية، مع أن هذه الظاهرة بدأت تتراجع.

– عدم وجود وسيلة نقل توفر للفتيات تنقلهن من وإلى المعهد.

عدم وجود مدرسات مفرغات للمعهد.

– عزوف الكفاءات نظرا لضعف الراتب.

ضعف متابعة الوكلاء لمحفوظات البنات.

– عدم وجود مصادر تمويل ثابتة، إذ الرسوم المفروضة من أجل التسجيل غير كافية حتى لرواتب الأستاذات، أحرى أن تكفي حاجات المعهد الأخرى، خاصة أن لديه بعض الفروع في روصو وأطار وألاك وتفرغ زينة، بالإضافة لمقره المركزي في عرفات، كما أن لديه بنية إدارية تحتاج تغطية مالية، وهي الإدارة التنفيذية، ومجلس الإدارة والمجلس التربوي، ولجنة العلاقات.

– ضعف مستوى الطالبات، فرغم الإقبال الكبير إلا أن التميز في مستويات التلميذات يشكل عائقا كبيرا.

– كما أن عدم استمرار الطالبات يشكل عامل كسل وفت في عضد الأستاذات.

– ضيق الحجرات والاكتظاظ داخلها، فطاقتنا الاستيعابية محدودة نظرا لضيق الحجرات، وهذا عائق آخر.

السراج: هذه العوائق، فما هي الآفاق المستقبلية؟

آسية: الآفاق التطويرية، تتركز الآن في فتح قسم لتحفيظ القرآن في فترة وجيزة لا تتجاوز ثلاث سنوات.

– خلق إطار تعليمي لاستيعاب الخريجات، (مستوى جامعي، أو معهد علمي حتى يتخرجن وهن عالمات).

– تعليم المعلوماتية والإعلام.

– إخراج كاتبات متميزات.المعهد الإسلامي لتعليم البنات

– فتح فروع في كل مقاطعات نواكشوط، وفي كل ولايات الوطن.

– البحث عن مصادر تمويل ثابتة ودائمة، (كالأوقاف وكفالة المدرسات، تفريغ أستاذات للمعهد عن طريق الوزارة).

– السعي في إيجاد بنايات أوسع للمعهد، والحصول على محسنين مستعدين لمد اليد لفروعه في المقاطعات.

– كما يسعى المعهد إلى توظيف خريجاته، وتكوينهن حتى يكن من أفضل الكفاءات الوطنية.

 

السراج: وماذا عن تقييم التجربة؟

آسية: حقق المعهد إنجازات كبيرة في ظل صعوبات جمة، ومن أهم إنجازاته:

– ضخ مجموعة من الطاقات الشبابية في الساحة.

– تخريج طالبات متميزات؛ لأن هناك مستوى من الأخلاق والعلم الشرعي يفرضهما المعهد ترك بصمات هامة في خريجاته، بل وحتى في أولئك اللاتي لم يكملن المسار الدراسي كله.

– تبلية حاجات الكثير من أبناء المجتمع في حضانة بناته، إذ المعهد يحضن الطالبة داخله طيلة فترة الدوام، ولا يخرجن حتى في الفسحة، وهناك متجر داخل المعهد يوفر للتلميذات حاجاتهن، كما أنه في حالة غياب الأستاذة، يمنع على التلميذة الخروج إلا بعد حضور أوليائهن، أو إذنهم لهن بالخروج.

السراج: هل من تقييم ينظر للإيجابيات والسلبيات؟

آسية: بصراحة: إذا نظرنا إلى ما نطمح إليه يكون النجاح محدودا، وإذا نظرنا إلى الصعوبات الكبيرة، والصرامة التبربوية في المنهج المقرر، والظروف الصعبة التي تمر بها الأستاذات والطالبات فالنجاح مميز.