حوار وشباب وصور وكافيار
-لا أهمية لـ”حوار” يقام على أعتاب ولاية منصرمة. إنه تحضير انتخابي. إنه دعاء الركوب في الفلك. إنه حديث الليل، في أحسن الأحوال. إنه وعود النجاة من انفلاق البحر. إنه مناسبة لالتقاط الصُور وأكل الكافيار (بالمناسبة الكافيار موريتاني الجنسية، ولكنه أوروبي الثمن والوصفة).
ولا شك أن هنالك شباباً، عاقلين ووطنيين ومخلصين وغير مهتمين بتذوّق أنواع الشاي وتوزيع بطاقاتهم العنوانية، سارعوا إلى الحفلة. وهم طبعاً ليسوا مجرد متزاحمين على موائد اللئام؛ ولكن يجب أن يتحدثوا لنا- ونحن نثِقُ في رجاحة عقولهم- عن أي ضغط عندهم؛ أي رافعة؟ أي ضمانات؟ أية استيراتيجية؟ (أرجوكم لا تقولوا لنا إنها استيراتيجية “الإصلاح من الداخل” فالماركة مسجلة لانبطاحيي السبعينيات). هل يضمنون لنا أنهم لم يكونوا يتحدثون -مثلاً- مع السيد عرقوب، الذي نعرف جميعاً أنه يسكن (بالصدفة؟) في القصر الرئاسي؟ يجب أن يعودوا بما هو أكثر من ورقة تشمبرلين.
2-هذا من ناحية. من ناحية أخرى لقد تحوّلت أيديولوجيا “الشباب” إلى فاشية هدفها الأساسي “التمييز الإيجابي” لصالح “الشباب” تحت يافطات “إشراك الشباب” و”تجديد الطبقة السياسية”. وقد أصبحت هذه عقيدة “دم أزرق” يشترط فيه أن يكون شاباً؛ وأصبح يمكن انتقاد موظف بأنه “عجوز”. بل وطالبت أحزاب معتبرة بتحديد سقف عُمري للوظائف البرلمانية والبلدية!
من الواضح أن اتجاهات شبابية معينة صارت تدفع منذ زمن إلى رفض الاستحقاق واحتقار الخبرة وأصبحت تدفع إلى أن يكون الشباب فصيلة سياسية يتمُّ تمثيلها في المحاصصة السياسية، وليس باعتبارها نمط تعليم وتكوين جديد تحتاجه إدارة لا روح فيها. ومن المضحك أن “الشبابية” صارت، تماماً كما كانت شبيبة هتلر وموسيليني وفرانكو- وقوداً للأفكار القديمة التمييزية.
كما أنها لم تفلح في إدراج الشباب: حزب “الحراك الشبابي” أنجح على قامته الانتخابية البرلمانية كهلاً وتصارع “شبابه” على التمثيل والتعيين حتى أقصيت “الوزيرة الشابة” لصالح كهول وعجول آخرين. إنها أفكار المحاصصة القبلية والعرقية، وقد تمّ ترجمتها إلى تصنيفات جديدة من نوع “الشباب”.
باختصار إن كثيراً مما يلمع من بعيد ليس ذهباً؛ وكثيرٌ من الشبابية ليس إلا كهولية متنكرة.
من صفحة عباس ابراهام الشخصية