القول الفصل في لقاء الرئيس والشباب
لم تكد تنهي اللحظات الأخيرة من لقاء رئيس الجمهورية بتلك العينة الممثلة لشباب موريتانيا حتى بدأت مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية تنثر بسخاء آراء بعض المعلقين من الكتاب ومن غيرهم حول مدى جدوائية اللقاء ؟
وهل تؤمل منه ثمرات يمكن أن يجنيها البلد من ورائه ؟ وهل هو بالفعل كان ناجحا كما أريد له ؟ أم قدر لنتائجه عكس ذلك ؟ وهل كان بالإمكان أبدع مما كان ؟ …. الخ . البعض حاول الإجابة عن بعض هذه التساؤلات مستندين لذلك باستقراء واقع التظاهرة وما دار فيها من طرح وأفكار هي مكمن ما يعلق عليه الشباب في موريتانيا آمالهم وطموحاتهم المتعطشين إلى تحقيقها ،وآخرون لجأوا إلى الشكوك والفرضيات فأنجدوا فيها وأعرقوا حتى وقعوا في الاعتزال الفكري ،على عكس طائفة أخرى جنحت إلى ما يشبه طريقة أهل الظاهر في التعامل مع النصوص الشرعية – مع وجود الفارق في المستند – فأصدروا أحكاما على اللقاء من خلال استنطاق الجدر واللافتات .. والحركات والسكنات ،وشذ قوم باللجوء إلى التخمين والظنون والأوهام مستندين في ذلك على ما يمليه الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء ،حتى صدق فيهم قول من قال : إن يعلموا الخير أخفوه وإن علموا + +شرا أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا . ولا شك أن الاختلاف سنة كونية ماضية ” ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ….” بيد أنه باستعراض مناط هذا الخلاف العالي منه والنازل أرى أن الذي يمكن أن يشبه – في هذا المضمار – مشهورالمذهب في مرونته ونظرته المقاصدية الشمولية أن يكون لقاء رئيس الجمهورية بالشباب ناجحا ،وأن فكرته قد وصلت بالفعل كما يراد لها ،على ما ينبغي أن تكون عليه ،ولن أعني نفسي بسوق وتحرير الأدلة على هذا الرأي مع رجحانها ورودا ودلالة حتى كادت أن تكون قواطع ،وحسبي من ذلك التنبيه على ثلات مسائل قد برزت بادية للعيان في هذا اللقاء الهام في نظري : الأولى : قد تبدى من خلال هذه التظاهرة أن في موريتانيا مجموعة كبيرة من الشباب المثقف الواعي ،لهم نفوس جامحة نحو بناء الوطن والحفاظ على مقدراته ومكتسباته على كل الصعد ،تجلى ذلك في الآراء والمقترحات التي أدلى بها متكلم كل ورشة من الورشات في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة والمعادن والمياه والصرف الصحي والأمن والرياضة … الخ ،والتي أثارت وشخصت الكثير من الإشكالات في هذه المجالات . الثانية : قد سطر التاريخ بأحرف ذهبية على صفحاته أنه قد وجد في موريتانيا رئيس دولة لا يجد في صدره حرجا من أن ينزل من قصره ليجلس بمفرده مع شباب بلده ،بعيدا عن كل البيروقراطيات وصخب مجاملات السياسيين ،ليستمع إلى آراء أولئك الشباب وأفكارهم ،ومشاكلهم ومعاناتهم ،مستنيرا ومسترشدا بكل فكرة بناءة يمكن أن تجود بها بنات أفكار جيل الغد وبناة المستقبل باعتبارهم الشريك الأول ،والفاعل الإيجابي في أي عملية تنموية ،وتجسيدا من سيادته لضرورة تجديد الطبقة السياسية من أجل ضخ دماء جديدة في شرايين ومفاصل سياسة البلد . الثالثة : تبين أن هذا اللقاء وما يضارعه من اللقاءات التفكيرية ليس ترفا ولا نافلة من الفعل أو القول ،بل إنها تكتسي أهمية قصوى لسد ثغرة وثلم طالما ظل رهوا في كل العقود والعهود السالفة ،مما جعل الموازين تختل سياسيا وثقافيا واقتصاديا لغياب الأفكار والرؤى الشابة المضمخة بالحيوية والنشاط . ومما زاد لقاء الشباب رونقا وبهاء حرص السيد الرئيس على أن تظل الأهداف والغايات التي أقيمت من أجلها التظاهرة هي الحاضرة والمسيطرة في أذهان المشاركين بعيدا عن التكلف السياسي ،وقد قدر لها ذلك – في نظري – مما أشعر بجو من الحرية الذي أتاح لكل متحدث أن يعبر عن كل ما يخالجه من أفكار وأطروحات يرى أنه من الضروري إثارتها .وقد كان الختام مسكا بإعطاء إشارة انطلاق لمجلس أعلى للشباب تسند إليه مهمة متابعة وتنفيذ ما تحقق من توصيات وأفكار خلال هذا اللقاء . د/ سيدي يحيى ولد محمد ولد عبد الوهاب [email protected]