عفوا سيدتي !(حواء ينت ميلود)
هذه القصيدة نشرت في إحدي مدوناتي يوم اعلن عن فوز الشاعرة الموريتانية حواء بنت ميلود في المسابقة المغاربية الكبرى للشعر النسوي المنظمة في ولاية قسنطينة بالجزائر قبل سنوات، واليوم يسرنا إعادة نشرها في “الزمان”:
عفوا سيدتي ! سيدتي…
أرجوك لا تصرخي …
أرجوك لا تستنجدي…
كم من مرة قلت لك إنني لست المعتصم !
وأن صراخك لا يثير فى نفسي أية حمية …
فعروقي يا سيدتي… .
لم تعد تحتوي علي دماء تغلي لسماع صراخ امرأة..
وفري عليك صوتك …
لا تتعبي نفسك ..
فأنا سأبقي نائما بكل برودة أعصاب …
الشرف… الكرامة… التضحية…
لم تعد لها دلالة في مخيلتي .. إنها تثير فى نفسي الضحك والسخرية … شرف من ؟ وكرامة من؟ والتضحية من أجل من؟ أنا يا سيدتي أصبحت “رجل سلام “… هدفي الوحيد أن أبحث عن ” السلام” ! وأوقع على اتفاقيات “السلام” ! وأمد يدي فى استسلام ! *** سيدتي… إن كنت بالأمس أعلنت حبي ! إن كنت بالأمس أضحك عندما تضحكين ! أتألم عندما تتألمين! فإنني اليوم يا سيدتي… أعلن استقالتي من كل حب إلا حب “السلام “! سيدتي.. لا تنتظريني على الشاطئ .. لن أمسح دموعك .. لن أحملك بين يدي … لن أضمك إلى صدري… ولن أجتاز بك موج البحر ! لن أدافع عنك يا سيدتي أبدا… فأنا لم أعد أملك سيفا ولا خنجرا ! وليس فى حقيبتي سوى كلمات “سلام” فارغة… أنسج منها خطابا لمن يدفع أكثر! سيدتي.. لقد نفذت جميع بنود الاتفاقية.!.. علمت الرقص لخيولي … أحرقت أوسمتي ودروعي … ابتلعت فى صمت الليل دموعي… حرمت على نفسي مجرد التنديد والكلام ! تنكرت لمبادئي… مزقت دفاتري وأوراقي … واستوردت نوعا جديدا من الأقلام لايعرف الكتابة إلا عن “السلام” ! فأنا لا أبحث عن لقب.. ولا أريد الصعود إلي منصة الإعدام ! *** سيدتي يا أول صورة رسمتها يدي في أفق التخيل.. يا من تغنيت بك يوم تعلمت الكلام ! و صليت من أجلك حتى تصلبت شراييني… وصرخت بحبك ملئ حنجرتي فوق قمم الجبال… وعلى الشواطئ .. يا من كتبت اسمك بدم الوريد فوق المآذن… وعلى السطوح وتحت السلالم.. سامحيني … ياسيدتي فأنا لم أعد “أنا”.. بل أصبحت رجلا يبحث عن “السلام” !