قطاع الصحة…معاول الهدم تنتصر على إرادة البناء..!!

لا يختلف اثنان على أن أسوء أيام قطاع الصحة في موريتانيا, كان أيام الحزب الواحد, الحزب الجمهوري الدمقراطي الاجتماعي, حيث كان كبار ديناصورات القطاع يناضلون في ذلك الحزب من اجل السيطرة على القطاع و مص دماء المرضى, و لا شك أن من لا تخونه الذاكرة, يتذكر معي أنه حتى سنة 2008 لم يكن في أي من المستشفيات العمومية على عموم التراب الوطني أي جهاز تصوير طبقي ( اسكانير الوحيد في المستشفى الوطني متعطل ) و لا أي جهاز للتصوير بالرنين المغناطسي, بالإضافة إلى غياب أهم الفحوصات المخبرية, كل تلك لأجهزة و المعدات اختفت وغُيّبت من المستشفيات الوطنية, ليتمكن مصاصو الدماء من ديناصورات الفساد من اجرائها في العيادات الخصوصية بمبالغ شيطانية خيالية. في سنة 2009 قامت الدولة باقتناء  أحدث اجهزة  الفحوصات الطبية  لصالح المستشفيات الحكومية و بأسعار تفضيلية في متناول الجميع, فاصبح  مثلا بإمكان المواطن اجراء فحص التصوير الطبقي ( اسكنير ) بعشرين الف اوقية بدل من مئتي ألف اوقية في العيادات الخصوصية… و اصبح في موريتانيا اليوم أكثر من 10 اسكانير منتشرة في العاصمة و في الداخل مما يعني أننا أكثر اسكانيرات من السينغال وكوت دفوار ومالي وغينيا و أقل عدد سكان ومع هذا يموت المرضى قبل الحصول على ميعاد او يتوجهون إلى احد هذه الدول….ولذلك نلاحظ توجه الكثير من المواطنين الموريتانيين إلى السينغال, من اجل اجراء تلك الفحوصات بدون أي انتظار و بدون طوابير, رغم ان عدد سكان السينغال اضعاف مضاعفة عدد سكاننا و رغم كذلك ان اجهزة اسكنير عندنا اكثر بكثير من اجهزة اسكنير في السينغال. إذن فما سبب كل هذه الطوابير و الهجرة إلى السينغال: إن من أهم اسباب تلك الطوابير الطويلة والمصطنعة عمدا و ذلك التأخير المقصود سلفا هو: • السبب الأول الاستمرار في التعطيل العمد والمقصود لعمل أجهزة الاشعة في داخل البلاد( مرمية في غرف مهجورة) بهدف تغذية السوق الخاصة( العيادات الخاصة ) في العاصمة انو كشوط بالمرضى, مع العلم بأن نقل المرضى المصابين بمشاكل حادة في  الدماغ او الحبل الشوكي, من الداخل إلى العاصمة بظروف النقل المعروفة, يتسبب في الكثير من الوفيات قبل الوصول إلى العاصمة بالإضافة إلى تفاقم و تعقيد حالات الناجين من الموت اثناء النقل, مما يتسبب في كثير من الأحيان في عاهات دائمة. • أما السبب الأساسي الثاني فهو أن كبير الديناصورات لا يقدم الخدمة في المستشفيات العمومية سوي يوما واحدا في الاسبوع, و غالبا ما تقتصر تلك الخدمة المحدودة على معارفه الشخصيين, أما بقية أيام الأسبوع فيخصصها ذلك الديناصور ” عيادته” المجاور للمستشفى. • و السبب الثالث هو النقص الحاد في تكوين الاطباء في تخصص الاشعة, لأن كبير الديناصورات الذي علمهم الفساد يقف ضد ذلك التكوين و من زمن طويل, ظنا منه أن تعدد الأخصائيين في الاشعة سيفسد عليه سوق مص دماء المرضى الفقراء. • أما السبب الرابع فهو وقوف الديناصورات ضد ابرام أي عقود مع أخصائيين في الأشعة…. فهذه النقاط الاربعة من أهم أسباب مئات الوفيات و آلاف الإعاقات الدائمة التي تعرض و يتعرض لها مواطنينا منذ اكثر من ثلاثين سنة بطريقة مدروسة و مقصودة و محبوكة من طرف ديناصور أراد بناء قطاع الصحة على هذا الشكل التجاري القاتل….    

بقلم: الدكتور محمد ولد أممد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى