حزب البعث الموريتاني يدعو إلى محاربة الرق
أعرب بيان موقع باسم حزب البعث العربي الاشتراكي – القطر الموريتاني عن رفضه لسلخ الحراطين عن مجتمعهم العربي، واعتبر المحاصصة “وبالا ماحقا على كل المجتمعات و الدول التي اعتمدتها “، ووصفها بــ” الهروب من التعاسة الواقعية إلى التعاسة الوهمية” .
وقال البيان المنشور تحت عنوان: «الموقف من ” إعلان من أجل موريتانيا المستقبل “» صدر مؤخرا ويتناول شريحة الحراطين إنه أصبح لازما التوجه نحو “مواجهة ظاهرة العبودية الخسيسة ، و تحديات ممارستها الاجرامية المشينة من جهة ، و تحديات آثارها الكارثية من جهة ثانية ، و إعمال التفكير بعمق حيال من يستثمر هذه الوضعيات لتفجير المجتمع و دفعه في اتجاه المجهول”.
واتهم البيان بعض المتحدثين باسم الحراطين بأنهم عناصر دربتها إسرائيل وتعمل من أجل تفكيك المجتمع.
ولم يعرف “حزب البعث العربي الاشتراكي” في موريتانيا ما بعد التعددية، وهو الاسم الذي عرف أيام الحركات السرية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب البعث العربي الاشتراكي أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
القطر الموريتاني مكتب الثقافة و الاعلام
الموقف من ” إعلان من أجل موريتانيا المستقبل “
ظهرت وثيقة بعنوان : ” إعلان من أجل موريتانيا المستقبل ” ،حول قضية شريحة لحراطين و ما تتعرض له من إقصاء مستمر .
و الوثيقة – بعد اطلاعنا عليها – تبدو ميثاقا يطلب القائمون به تأسيس موقف و طني موحد من هذه القضية بالغة الأهمية ..و كأي عمل إنساني ، لا بد أن تتراوح الاستجابات له بين القبول و الرفض و الممانعة و التحفظ و الاعتراض الجزئي ،تبعا لمواقع قوى المجتمع و تباين خلفياتها التكوينية الأيديولوجية و الثقافية ، و تعارض المصالح بين الجماعات الاجتماعية ،و تبعا لمستويات الادراك ما بين عموم الناس ، و أصحاب الأهلية العلمية . و أيا يكن الأمر ، فإن الاهتمام بقضية وطنية و اجتماعية و إنسانية ليس من قبيل الترف الفكري ،ولا هو من باب الفضول السياسي ،أو التطفل المجاني . فلم يعد خافيا على أحد ما يتعرض له مجتمعنا من تشرذم ، و ما يتصيد في رواكده من جوارح ؛ الأمر الذي يطرح مستقبل هذه البلاد على جميع الألسنة اليوم ، و بأكثر من صيغة و سؤال .و لم يعد مقبولا ، ولا حتى ممكنا الهروب من مواجهة ما لم يعد منه بد .فالهروب أصبح لازما نحو مواجهة ظاهرة العبودية الخسيسة ، و تحديات ممارستها الاجرامية المشينة من جهة ، و تحديات آثارها الكارثية من جهة ثانية ، و إعمال التفكير بعمق حيال من يستثمر هذه الوضعيات لتفجير المجتمع و دفعه في اتجاه المجهول ، ثالثا
لقد تغلغل تيار الكيان الصهيوني و دوائره الدولية الخفية – التي لا تراها العين ، و لكنها تدرك بآثارها الهدامة – في موريتانيا خلال اعتماد سفارته بين ظهرانينا ؛ و درس هذا التيار الصهيوني بنية المجتمع ، فاطلع على مواطن الغبن الاجتماعي العظيمة ، فأعمل معاول الهدم في البنيان الوطني ، و نقض غزل النسيج الاجتماعي أنكاثا ، بإشاعة و تغذية ثقافة العنف و الكراهية بين السدى و اللحمة (الفئتين العربيتين السمراء و الطينية )في النسيج العربي في ظل اخفاق مريع للنخب السياسية و الدينية في القطر ؛ و عملت هذه الدوائر على اصطياد عناصر دربتها و مولتها و أطرتها بإتقان على خطف الأضواء في مجال الدفاع عن حقوق لحراطين ، و لكن بشروط فصلهم عن المجتمع العربي الذي ينتمون إليه .و من المفجع أن هذه العناصر القليلة تسعى لفرض رأيها الانفصالي على عموم هذه الشريحة العربية التي لم تخول أحدا بالتحدث باسمها على هذا النحو الانشقاقي المهدد لوحدة المجتمع الهزيل في تكوينه .
إن حزبنا – حزب البعث العربي الاشتراكي – الذي كان سباقا في الدفاع عن هذه الشريحة المظلومة و قدم في سبيلها تضحيات قاسية في حقب الجمر ، فإنه يؤكد دعمه و مناصرته اللامشروطين لكل الاستراتيجيات و التدابير التي تحقق استيعاد أبناء لحراطين – و غيرهم من المغبونيبن تاريخيا في مجتمعنا لحقوقهم ؛و خصوصا ما جاء من اقتراحات تميزية إيجابية في هذه الوثيقة ، إلا انه يعترض اعتراضا كليا شديدا على :
1 – محاولة سلخ هذه الشريحة من انتمائها العربي الذي لا مراء فيه ، على مستوى اللغة ، العادات ، التقاليد ، الثقافة الشعبية و العالمة ، الفلكلور ، الزي ، السكن ، الفن ، الذوق ، و الطباخة …
و الأغرب من ذلك هو السعي المحموم لبعض رموز النخبة من هذه الشريحة في بتر لحراطين من الانتماء القومي العربي و رميهم في فراغ الهوية ؛ حيث ينبتون من كل عمق خارج حدود القطر ، فلاهم من العرب ، و لاهم من الزنوج ، ولاهم إثنية قائمة على أصولها الثقافية و الحضارية و اللغوية ،تبعا للتصنيف الإثني المعتمد في العالم .
2- المغالطات المتعمدة في النسب المئوية الواردة في الوثيقة التي لا تحيل إلى أي مصدر إحصائي على أي نحو كان ؛ ولا تأخذ في الاعتبار العلاقة بين النسبة و التناسب .فحين تقارن هذه الوثيقة – مثلا- أعداد الأطباء و القضاة و الأئمة و الجامعيين ، فإنها لا تقدم نسبة المؤهلين لهذه القطاعات من الشريحة السمراء ، مقارنة بعدد أمثالهم من الشريحة الأخرى ؛ ولا تذكر نسبة الذين تم إقصاؤهم في المسابقات برغم أهليتهم العلمية و الأكاديمية المشهودة بسبب انتمائهم الفئوي .فمن البدهي أن حملة الشهادات العليا و نسبة الفنيين من الشريحة العربية “الطينية” تتفاوت بين مجموعاتها الاجتماعية نفسها ( القبائل ) لأسباب سوسيو- ثقافية ؛وهي في الجملة أكبر كثيرا منها في شريحة لحراطين ، وذلك بسبب ظروف تاريخية ظالمة و مدانة –لاشك في ذلك – ولكن إيراد هذه النسب على هذا النحو المغلوط قصدا في ثوب لغوي ناعم هو السم الزعاف في كأس زجاجية لألاء،؛لأنه يعبر عن أقصى درجات الإغراء بالفتنة الاجتماعية خلسة ..و قديما قيل :« إن الشيطان يأخذ أحيانا شكل ملك الأنوار »ᴉᴉ .
وعندما يدخل المجتمع الفتن الأهلية ، تتحول كافة فئاته و تياراته و شخصياته المرجعية و مثقفيه و المعتدلين إلى مستنقعات للآثام المتبادلة ، ولن تسترجع فيها الحقوق ، و ستنتهك فيها حقوق أخرى ، غالبا ما تكون للضعفاء من كل فئة .. وهذا هو الخسران المبين ، حين تلتبس العلاقة بين المصير و الحرية . يقول بول تلش :« إن الإنسان يخسر الحرية و المصير معا حين يسعى للحرية عن طريق تحديه لمصيره بطريقة عشوائية و اعتباطية »
3- المجاهرة بطلب المحاصصة التي كانت وبالا ماحقا على كل المجتمعات و الدول التي اعتمدتها ، برغم تاريخها العريق في قيام الدولة و مؤسساتها الانضباطية القوية .إنه الهروب من التعاسة الواقعية إلى التعاسة الوهمية .
إن حزب البعث العربي الاشتراكي لا يهتم البتة بالفئة التي ينتمي إليها رئيس الجمهورية أو الوزير الأول ، ( أسمر أو طيني ) طالما أنه صاحب كفاءة ، و مشهود له بالوطنية و معبر عن إرادة الأغلبية من الموريتانيين .
إن أكثر ما يخشاه الحزب أن يكون المطالبون بالمحاصصة المقيتة مجرد مدفوعين بشهوة السلطة و التكسب الرخيص :« باسم الأحشاء البشرية » في بطون المظلومين من لحراطين .. وهذه عادة مضللة استمرأها الانتهازيون من كل الفئات ؛ خصوصا حين يتشابه تحلل الدولة مع :« التسامح اللا محدود الذي يدمر التسامح » ، بتعبير جن لوك .
وفعلا ، بدأ البحارة يقفزون من سفينة النظام بحسب ما جاء في « الرأي الساسي ».