صراع الكبار في مهرجان ‘كان’ بجولة إنكليزية موريتانية
انطلقت فعاليات مهرجان كان في دورته السابعة والستين بصراع الكبار في المسابقة الرسمية للمهرجان بفيلمين أولهما للمخرج الانكليزي المخضرم ‘مايك لي’ وثانيهما للموريتاني ‘عبد الرحمن سيساكو’.
وبالتزامن مع بدء عرض الفيلم الأول في المسابقة الرسمية ‘تم افتتاح قسم ‘نظرة ما’ والذي يعد من أهم أقسام المهرجان بالفيلم الفرنسي ‘فتاة الحفل ‘من إخراج ماري أماشوكيلي، وكلير بورغرو سامويل تايس والذي يدور حول الحب بشكل عام باعتباره الوسيلة للاستمرار في الحياة . وافتتح قسم ‘كلاسيكيات كان’ الذي قدم ضمن عروض اليوم الأول فيلم المخرج البولندي الراحل كرزيستوفر كيسلوفسكي ‘الصدف العمياء’ بعد ترميمه. كان المهرجان اختار فيلم ‘الصدف العمياء’ في قسم ‘نظرة ما’ منذ 27 عاما ثم حظر في بلاده لأنه عالج الواجهة السوداء لتاريخ الشيوعية، ولأنه يحمل في طياته مفاهيم فلسفية حول حرية الإرادة ومبدأ عدم الشك. ويشارك المخرج البريطاني مايك لي في المسابقة الرسمية لهذا العام بفيلم ‘السيد تيرنر’، الذي يحكي قصة الأعوام الأخيرة من الحياة المعذبة للرسام الرومانسي ‘جيه ام دبليو تيرنر’ الذي توفي عام 1851، ويقوم بدور البطولة فيه الممثل ‘تيموثي سبال’. وقال مايك لي في الندوة التي عقدت قبل عرض فيلمه مباشرة عن بطل فيلمه: ‘كان رساما كبيرا ورائعا، وأدركت أنه كان من الممكن الاستلهام من حياة هذا الرجل الرائع بشتى الطرق. يجب أن يشعر المخرج بشيء من التقدير إزاء موضوعه، كانت حياة ‘تيرنر’ صعبة ومما لا شك فيه أنّي أشعر بهذا التقدير.’ ويأمل لي (71 عاماً) في أن يحقق ثاني فوز له بجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم وذلك بعدما حاز على الجائزة عام 1996 عن فيلم (أسرار وأكاذيب). وفيلم ‘السيد تيرنر’ هو خامس فيلم للمخرج لي يتم اختياره للمشاركة في المنافسة الرسمية في مهرجان كان، أحد أهم المهرجانات السينمائية في العالم . وحصل ‘مايك لي’ على جائزة أفضل مخرج في ‘كان’ عام 1993 عن فيلمه ‘عري’، كما رشح أكثر من مرة لجائزة الأوسكار، وتم اختياره كرئيس للجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان برلين في دورته الـ62. أما الفارس الثاني في سباق اليوم فهو عبد الرحمن سيساكو الموريتاني الجنسية والهوى. وجاء فيلمه ‘مبتكو’ حاملا هما أفريقيا شرقيا صرفا، لكنه بعين غربية نوعا ما. وكان سيساكو ولد في موريتانيا وعاش جزءًا كبيرا من طفولته في مالي قبل أن يهاجر إلى أوروبا. وتدور معظم أحداث أفلامه ما بين موريتانيا ومالي، لتُكوّن فى مجملها رؤية معمقة للمعاناه والاستغلال فى أفريقيا ما بعد الاحتلال الاستعماري من منظور شخصي لأبناء هذه القارة. واختبر سيساكو مبكرا معنى المهجر بسبب تنقله ما بين مالي (مسقط رأس أبيه) وموريتانيا (مسقط رأس أمه)، بالإضافه إلى دراسته للسينما في الاتحاد السوفيتي سابقا، إلى جانب البعد العالمي الذي فرضه عليه أسلوب حياته بعد ذلك. ورغم مكانته كصانع أفلام على مستوى العالم، إلا أن هذا لم يحصنه تماما ضد الصعوبات الإنتاجية التي تواجه ‘المخرج – المؤلف’. وسيساكو هو أحد الحاصلين على منحة ‘سند أبو ظبي’ لهذا العام لتطوير مشروعه الروائي الجديد ‘ميتو’، ومن وجهة نظره فإن السبيل الوحيد للمحافظة على العمل من التأثير المادي والتدخل الانتاجي، يكون عبر توزيع موارد الإنتاج على أكثر من جهة للمشاركة بنسب صغيرة، بدلا من جهة واحدة متحكمة. ‘سند’ هو صندوق خاص بمهرجان أبوظبي السينمائي لتمويل المشاريع السينمائية في مرحلة تطوير السيناريو ومراحل الإنتاج النهائية، ويوفّر ‘سند’ لصانعي الأفلام في العالم العربي دعماً داخلياً يعينهم على تطوير أفلامهم الروائية والوثائقية الطويلة أو استكمالها. واختار سيساكو، بعد سنوات من ‘الهجرة الاختيارية’، أن يعود من فرنسا للاستقرار في موريتانيا، من أجل أن يتفاعل بشكل أكثر مباشرة مع مصادر إلهامه، وليؤمن تدفق ثنائي الاتجاه مع الناس في وطنه. وتدور قصة فيلم ‘مبتكو’ الذي رشحه أكثر من ناقد للحصول على سعفة ‘كان’ حول كيدان وفاطمة وبنتهما توبا وقصة إسان وهو راعيهما الصغير، الذي يثور ضد الرعب السائد في منطقة الصحراء. ويقدّم المخرج في العمل شهادته عن الصراع الصامت للرجال والنساء الذين لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم . يذكر أن المهرجان ينهي فعالياته في 25 مايو / آيار الجاري، ويتنافس 18 فيلما لمخرجين من موريتانيا وتركيا واليابان وبلجيكا والولايات المتحدة وفرنسا وإنكلترا وغيرها على جائزة السعفة الذهبية، وهي أهم جوائزه . ومن المتوقع أن يستقبل المهرجان 127 ألف زائر إلى جانب 30 ألفا من المهتمين بصناعة السينما و4000 صحافي ، بحسب الموقع الرسمي للمهرجان. (الأناضول)