الكاتب الصحفي، سيدي علي ولد بلعمش، يرد على الوزير السابق ولد سيدي محمد: أربٌّ يبول الثعلبان برأسه ؟
تعيش موريتانيا اليوم زمنا استثنائيا بكل المقاييس يحتاج خروجا على النص وخروجا على القانون وخروجا على المألوف .. يحتاج مفردات جديدة ومنطقا جديدا .. يحتاج تعبيرا أكثرا شغبا وتمردا على الرتابة .. يحتاج نصوصا ترفض المحظورات وتتحدى الممنوعات.. يحتاج عقولا جديدة تعيد للمفاهيم صدمتها وللفهم نزقه وللتفهم بعض كبريائه. تماما كما جاء في المقال الرائع للدكتور حماه الله: “دار ابن لقمان على حالها”.
مسكينة هي موريتانيا حين تتقزم العقول فيها إلى حد خلع وزيرها بدلة وطنيته استعدادا لمنازلة أستاذ تاريخ ينتمي إلى الأرض كلها، بأضيق عبارة جهوية “للبيت رب يحميه”!
لقد كنتُ ممن ساقهم الفراغ يا سعادة الوزير، إلى قراءة مقال الدكتور فقرأت نصا جسورا تم فيه توظيف الرموز التاريخية بتناغم بديع مع المشهد الحياتي المخجل لكاتب متحكم تتقطع أوصاله ألما لإذلال أهلنا في نواذيبو لا شماتة بهم.. وكنتُ ممن ساقتهم الأقدار إلى قراءة مقالكم المؤسف، المبرر لهذا الإذلال بأن “مهرجان نواذيبو وخطابه كان لهما ما قبلهما وسيكون لهما بإذن الله تعالى ما بعدهما” (لا قدر الله) إمعانا في التزلف وتفننا في التلذذ بالاحتقار.. لقد كنتَ مقنعا و”وفيا” لا شك بما يكفي لإسكات الدكتور حين قلت:
“أبشرك يا حماه الله أن البلاد بخير وأن أهل نواذيبو على رأس الدرب تسير”. ربما، لكنك كنت ستكون أروع لا شك لو قلت “على رأس الكلب تسير”.. وكنت ستكون أصدق بكل تأكيد لو قلت “على رأس الكذب تسير”.. ولا أدري في الحقيقة عن أي درب تتحدث، فالنص شديد التوتر والتزلف والتعصب “للبيب” ولخطاب رئيس الجمهورية المذل، على حساب الوطن المختطف والمواطن المحتقر أكثر من أي كلب وأي ذئب، حتى لا تعتبرها إساءة إلى “بيتك المحمي” أكثر من أي بيت أعزل على امتداد الوطن!
ليس من عادة من يخاف أويطمع أن يدافع عن الكرامة. فتذكر المعايير التي تم اختيارك على أساسها يا معالي الوزير، لتشكر من يتهكمون من مقالك؛ فليس من مصلحتك أن تكون بطلا في ملحمة البطل الأوحد .. وليس من مصلحتك أن تكون أكثر فصاحة من فخامة رئيس الجمهورية في نواذيبو .. وليس من مصلحتك يا معالي الوزير أن تكون “ربا يحميها” وقد نسيت “بالتوجيهات النيرة لفخامة رئيس الجمهورية”.. تذكر يا معالي الوزير أنك فضلت أن تكون كلبا لفخامة رئيس الجمهورية (أكرمك الله) على أن تكون مجاهدا عظيما من مدينة نواذيبو أو مناضلا افتراضيا من الشامي أو حتى مواطنا مطحونا من هذا البلد الطيب. بالأمس يا معالي الوزير المحترم، حين كنت تكتب ردك الغاضب على الدكتور غيرة (نصدقها) على الوطن، اعترف فخامة رئيس الجمهورية بمسؤولية الدولة عن جرائم كلابها وبعودة جميع مواطنيها وكل جيرانهم وأصدقائهم ومعارفهم الطيبين (دفعا للشبهات وقطعا للنباح) ولم يطالب باعتراف السنغال بقتل آلاف كلابنا التي تم ذبحها أمام المارة وشيها في الأفران على أيادي جيراننا الأبرياء، ونحن في انتظار رد معاليكم الغاضب ـ كما عهدناكم ـ على تمادي فخامة رئيس الجمهورية في احتقار شعبنا المجاهد، فكم سننتظر مجيء رد معاليكم، إذا كان ما زال “للبيت رب يحميه”؟
واحذر يا معالي الوزير، أن تذكرنا بالبيت والمثل العربي القديم:
أربٌّ يبول الثُّعلبان برأسه لقد ذلَّ من بالت عليه الثعالبُ
المصدر: صرخة موريتانيا (ثورة قلم)