مخرجة :مارست الجنس مع الرجال والنساء
أجرت فرانس24 حوارا مع المخرجة شيرين دبس. للحديث عن فيلمها الجديد “أيار في الصيف”، الذي يتناول التوترات التي ترافق عودة فتاة مسيحية عربية-أمريكية إلى بلاد أجدادها، الأردن، لتتزوج مسلما. وعرض الفيلم في فرنسا منذ فترة قصيرة، وسيعرض في الولايات المتحدة في بداية يوليو/تموز.
ولدت شيرين دبس في ولاية نبرسكا بالولايات المتحدة الأمريكية ونشأت في مدينة صغيرة في ولاية أوهايو. شيرين دبس ليست غريبة عن تزاوج الحضارات وصراعها، وهي مواضيع تناولتها مباشرة في أعمالها، فهي من أب فلسطيني وأم أردنية. لاقى “أمريكا”، وهو أول فيلم روائي طويل من إخراج شيرين دبس ، نجاحا في أكبر مهرجانات السينما الدولية العام 2009 على غرار ساندانس في الولايات المتحدة وكان في فرنسا. وإن كان “أمريكا” تناول قصة مهاجر فلسطيني يربي ابنه المراهق في ولاية إنديانا، فإن فيلمها الجديد “أيار في الصيف” يقلب الصورة : فالبطلة فتاة عربية-أمريكية معقدة الشخصية تعيش في نيويورك )وتتقمص الدور شيرين دبس نفسها(، وتسافر إلى بلاد أجدادها الأردن وبالتحديد إلى عمان حيث عائلتها، لتتزوج مسلما. ويغضب اختيار الفتاة لزوج مسلم أمها المسيحية الأردنية التي تتقمصها الممثلة الفلسطينية الشهيرة هيام عباس.
فرانس24
صورت شيرين دبس الفيلم في الأردن حيث كانت تقضي كل العطلات الصيفية في طفولتها. ويحمل “أيار في الصيف” نفسا هزليا إذ يزخر بعدد كبير من الشخصيات المضحكة وبالطرائف حول النساء العربيات اللواتي يلبسن البرقع وحول سوقية بعض الأمريكيين، والعديد أيضا من حكايات التجسس والتطفل إضافة إلى التدخين سرا. وتوحي العديد من المواقف النابضة حيوية بأنها وليدة تجارب دبس الشخصية. وفي حوار مع فرانس24، تحدثت المخرجة عن هويتها الثنائية العربية الأمريكية وتأثيرها في عملها وعن نضالاتها كامرأة أمريكية من أصول فلسطينية وكمزدوجة الميول الجنسية وسط عائلة عربية.
“بعد حرب الخليج الأولى فقد أبي زبائنه ونعتوا أمي بالعاهرة”
فرانس24: يبحث “أمريكا” و”أيار في الصيف” الهوية العربية الأمريكية وتوتراتها وتأثيراتها. فهل تحدثيننا عن تجربتك الشخصية وعن نشأتك كعربية أمريكية في مدينة صغيرة بالولايات المتحدة ؟
شيرين دبس: كبرت في مدينة صغيرة في ولاية أوهايز، وعندما كنت طفلة كنت أريد أن أكون مندمجة تماما وأن أكون فقط وكليا أمريكية. وكانت المدينة التي نشأت فيها مكونة في أغلبيتها من بيض من الطبقة العاملة وذات ثقافة ألمانية، ولم أكن اريد أن يعتبرني الناس كـ”آخر” مختلف. لذلك تجاهلت نوعا ما موروثي الثقافي والإتني واعتمدت سلوكا وكأنني مثل غيري في المدينة.
ومشت الأمور على وجه طبيعي حتى حرب الخليج الأولى في 1991، فبين عشية وضحاها انقلب علينا الناس. خسر أبي الذي كان طبيبا العديد من زبائنه، وصرنا نتلقى بانتظام تهديدات بالقتل. وصدرت إشاعات مجنونة حول والدي فقيل إن ابنه يقاتل في صفوف جيش صدام حسين، في حين لم يكن له سوى خمس بنات. وصارت أمي تشتم بـ”العاهرة العربية”.
وجاءت المخابرات إلى المعهد الثانوي الذي كنت أدرس فيه للتحقق من إشاعة نسبت إلى أختي تهديدا بقتل الرئيس الأمريكي. كان حقا لكل هذه الأحداث وقع الصدمة، ومن هنا بدأت أعي بأزمة هويتي وبدأت أشعر أنني عربية في أمريكا.
“إخراج الأفلام كان وليد الرغبة في مساعدة كل طرف على فهم الآخر”
فرانس24: هل واجهتي أيضا مشاكل بعد 11 من سبتمبر/أيلول 2001؟
شيرين دبس: كان الموقف هزليا. فحين وقعت أحداث 11 سبتمبر كنت أعيش في نيويورك، وكان بإمكانك في نيويورك أن تكون أيا كان، أي أن تكون مختلفا عرقيا وجنسيا ودينيا …فهي مدينة مختلطة جدا ومختلفة كثيرا عن المدن الصغيرة حيث يعرف كل شخص كل شيء عن حياة جيرانه. وبعد ما حصل سمعت الكثير من الأشياء والتلميحات عن العرب، لكن لا أحد قالها لي بطريقة مباشرة.
فرانس24 : هل ألهمتك “أزمة الهوية” العربية الأمريكية إخراج الأفلام ؟
شيرين دبس: في فترة حرب الخليج الأولى صرت مهووسة بوسائل الإعلام والطريقة التي كانت تروج بها أفكارا مسبقة عن العرب. وكنت معنية مباشرة بما يسوق للناس من خلال التلفزيون والأفلام والأخبار. فتملكني هوس ورغبة جامحة في تغيير ذلك.
كبرت محاطة بالجهل، فأغلب الناس لم يغادروا حدود ولاية أوهايو. في حين كنت أسافر إلى الشرق الأوسط في كل صيف، لذلك كانت لي زاوية نظر مختلفة. وعند عودتي إلى الولايات المتحدة بعد انقضاء العطلة، كان الناس يسألونني إذا كانت توجد سيارات وهواتف في الأردن… فصرت أريهم فيديوهات حتى يدركون ما كانت عليه الأردن. وكان ذلك يحدث في الاتجاهين، ففي العالم العربي كان العديد يحملون نظرة خاطئة عن الأمريكيين، وكنت أحاول تصحيحها.
بالنسبة لي، جاء إخراج الأفلام من الحاجة إلى مساعدة كل طرف على فهم الطرف الآخر.
فرانس24: فيما تتمثل تجربتك كامرأة من أصل فلسطيني في بلاد تعرف فيها صناعة السينما باهتمامها أكثر بإسرائيل ؟
شيرين دبس: كانت تجربة فريدة ومثيرة في الحقيقة لأنني لحظت تحولا كبيرا في نظرة الأمريكيين للقضية الفلسطينية، لم أشهد مثيله طيلة حياتي. عندما كنت أصغر سنا وحين كنت أقول إني من أصول فلسطينية، كانت للناس ردود قصوى فإما أن يتجنبونك تماما أو يصنفوك في خانة سياسية فيريدون فورا معرفة رأيك حول ما يحدث هناك.
لكن حين ذهبت بفيلمي لمهرجان ساندانس في 2009، كان أوباما توج رئيسا قبيل بضعة أيام. وخصصت حينها “سي بي آس” أحد أكبر شبكات الأخبار في الولايات المتحدة، ريبورتاجا حول أن تكون فلسطينيا تحت الاحتلال في الضفة الغربية. وكانت سابقة يقشعر بدني كلما تذكرتها، ففي الفترة التي كبرت فيها في الولايات المتحدة، لم أشاهد أبدا عملا في التلفزيون الأمريكي يتبنى وجهة نظر فلسطيني. ومنذ ذلك الوقت كبر عدد القصص حول الفلسطينيين في وسائل الإعلام والترفيه الأمريكية، وهي تجربة مثيرة أن تكون شاهدا على هذا التحول وجزءا من المساهمين فيه.
شيرين دبس حول ميولها الجنسية “خالطت الرجال والنساء”
فرانس24: صنفك البعض كـ “مخرجة مثلية”، وإحدى شخصيات “أيار في الصيف” هي شابة عربية أمريكية تحاول إخبار عائلتها بأنها مثلية الجنس. فهل لهذه القصة علاقة بسيرتك الذاتية ؟
شيرين دبس: نعم مررت بهذه المرحلة، عاشرت الرجال والنساء وكنت منفتحة جدا حول هذا الموضوع. إنه جدل شائع جدا في العائلات العربية الأمريكية. أظن أن الأمر يختلف حسب العائلة التي ولدت فيها، فبعضها حداثية وحقا منفتحة في حين هناك أخرى ضيقة التفكير. فبعض الأولياء المتدينين يبدون غير مستعدين أبدا لتقبل الميول المثلية لدى أبنائهم. وهناك حتى حالات قصوى يحتمل أن يذهب فيها البعض إلى إيذاء ابنائهم.
فرانس24: ماهي مشاريعك المهنية المستقبلية ؟ عرفت بكتابتك سيناريو سلسلة “The L Word” التلفزيونية حول مثليات الجنس، فهل من عودة للتلفزيون ؟
أعمل على مشروع فيلم روائي إضافة إلى مشاريع اخرى مع التلفزيون. بالنسبة إلى أفلامي السابقة، يتناول “أمريكا” مسألة أن تكون عربيا في الولايات المتحدة، أما “أيار في الصيف” فهو يتطرق إلى كونك أمريكيا في العالم العربي. نظريا يشكل الفيلمان ثنائيا متكاملا وأغلقت هذا الملف. في الوقت الحالي أعمل على مشروع أمريكي لا علاقة له بالشرق الأوسط، وسأعمل مع ممثلين مشهورين. سيكون أول فيلم “هوليوودي” أخرجه، نوع من الكوميديا حول الموت والحب في آن واحد. وأعمل من جهة أخرى على مشروع عربي سيصور في فلسطين وباللغة العربية.