هجوم ولد عبد العزيز الدفاعي يكشف وقوعه في ورطة لا يفهمها “أصحابه” / سيدي علي بلعمش
خاص ـ الزمان: لقد بدأت المعارضة الموريتانية لأول مرة في مضايقة النظام بشكل منظم و مؤثر، أنتجته عقول قررت أن تخرج من العمل “السياسي” النمطي، بأفكار مناورة تلعب على كل أبعاد المتاح بوسائل فعالة يصعب أن يكتشفها ولد عبد العزيز و يصعب ـ إن أحسها ـ أن يعالجها بغير أخطاء (منتظرة) ستكون نتائجها أكثر سلبية و أقل جدوائية.
لا أحد الآن من “أغلبية” ولد عبد العزيز الهجينة، يفهم أن هستيريا تهجمه على المعارضة و وصفه لها بـ”الثلة المجرمة” و “السياسيون الانتهازيون” و “الجواسيس” لنظامه، لا تعكس سوى قوة الضربات المتتالية التي وجهتها له في مقاتل و الأخطاء الفادحة التي أوقعته فيها لتعري حقيقته المخجلة أمام الرأي العام الوطني و العالم أجمع.
ـ لقد توحدت المعارضة بجميع أطيافها لأول مرة و أجمعت على المقاطعة. و هذا في حد ذاته انتصار عظيم سيكون له ما بعده. و أقل ما يعنيه هذا الانتصار أن العد التنازلي لعمر عصابة ولد عبد العزيز قد بدأ و لن تغير اتجاه عقارب “ساعته” أي معجزة مهما كانت نتائج مهزلته الانتخابية..
ـ فهمت المعارضة من مواجهة نظام بلا أخلاق و لا موانع، أن أسوأ ما يخبئه الزمن هو بقاء ولد عبد العزيز على كرسي لم يستحقه بتفوق عقلي و لا بقوة و لا دهاء اجتماعي و إنما بسبب تراكم أخطاء فادحة و بعض سوء حظ هذا البلد المستباح. و هذا أمر مهم.
ـ اكتشفت المعارضة اليوم من خلال سلوك ولد عبد العزيز الأقرب إلى الجنون، مدى فعالية توحدها و عدم كشف أوراق مواجهتها و مشيها على كل حبال المتاح ..
ـ بدأت المعارضة لأول مرة تجني ثمار العمل المنظم و اكتشفت لأول مرة سهولة انهيار الأبهة الزائفة لقلاع النظام الوهمية و هذا بكل تأكيد هو اكتشاف النار الذي سيغير التاريخ في موريتانيا..
لقد انتهى ولد عبد العزيز يوم خطابه في كيهيدي حين لم يستطع إخفاء انهزامه أمام تشابك حبائل المعارضة .. و انتهى عند صراخه على العربي ولد الجدين في ألاك “أين أهل آلاك.. لا أرى سوى أهل نواكشوط .. هذا بالضبط ما حدث سنة 2009 ” (من يضحك العربي من خوفه لن تستطيع المارينز الأمريكية أن تعيد ضبط دقات قلبه)..
ـ أصبح ولد عبد العزيز يشك في ولاء حزبه، فحيده و شكل حملته من غرباء بدأ أيضا يشك في ولاء كل واحد منهم .. ثم قرر أن لا يثق في غير نفسه.. و استدعى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (مغارة علي بابا) بقية مجرة أحزاب الأغلبية (المغلوبة على أمرها) الذين كان مسعود ولد بلخير يسميهم “ذباب الولائم” و أخبرهم بأمر علي بابا: “من كان منكم يريد أبواقا أو صورا لولد عبد العزيز سنصرفها له و من كان يريد المال فلينتظر عودة علي بابا” (ماذا يريد بوق ببوق؟) فانصرف الجميع من دون أن يأخذ بوق منهم بوقا و لا صورا.. ـ أصبح ولد عبد العزيز يشك في ولاء الجيش و الأمن ، فترك بازيب في نواكشوط لحراسة المعبد و خزائن علي بابا خوفا من انقلاب عسكري ..
ـ كل من أغدق عليهم ولد عبد العزيز بالصفقات المباشرة و الامتيازات المفتوحة من أقاربه الذين مكنهم من ابتزاز الجميع بأساليب فجة و تبجح سخيف، هربوا أموالهم إلى الخارج. وقد باشروا منذ محاولة اغتياله في شقة في لكصر أو ما أصبح يعرف ـ بعد الحملة التضليلية التي أعقبت الحادث للتغطية على حقيقته ـ ب”طلقة أطويله”، إرسال كل فائض من ممتلكاتهم إلى الخارج و لم يعد أي منهم يترك في حساباته الداخلية إلا ما يحتاجه التسيير اليومي من السيولة. و قد قاموا بإغلاق مؤسسة (SGS) التي كانت تنظم التحويلات الخارجية و تضبط سجلاتها لكي يصح من المستحيل متابعتها في المستقبل . و هذه من أكبر و أخطر جرائم الفساد في البلد التي لا يتحدث عنها أحد..
و قد بدأ أقاربه ( هؤلاء ) منذ أسابيع يروجون للائحة من التبرعات الخرافية ليبتزوا الآخرين و يدفعونهم إلى التبرع لحملته، لكنهم لم يقنعوا سوى أهل انويكظ و أهل الجيلي الذين خربوا موريتانيا في زمن ولد الطائع و ها هم يخربونها في زمن ولد عبد العزيز، متناسين ما فعله بولد بو عماتو و ما فعله بكل من وقف معه في حياته منذ صباه التعس حتى اليوم.. لقد لعبت تكيبر دورا هاما في إعادة بعض ديون أهل انويكظ القديمة لهم من الخزينة العامة و يبدو الآن بوضوح أنهم ابتلعوا الطعم القاتل و لن يكونوا أكثر حظا من كل من جربوا التقرب من ولد عبد العزيز فتأكدوا أنه يأخذ و لا يعطي.. ولو كانت تكيبر تستطيع شيئا يا ولد انويكظ لاستعادت أخاها هيبه ولد أحمد الذي اشتهر ببغضه لولد عبد العزيز و لا أحد يعرف اليوم أي شيء عن مصيره رغم أنه مواطن مغربي، لا نفهم لماذا يسكت بلده على اختفائه الغامض منذ فترة طويلة..!؟
ـ و قد تحدث البعض في الأيام الأخيرة، عن تقديم ولد بشراي 40 سيارة جديدة لحملة ولد عبد العزيز و في هذه بشرى كبيرة نزفها للمعارضة و النائب الفرنسي مامير لأن السفارة الأمريكية التي وضعت أحمدو ولد عبد الله على قيادة مركز التفكير حول أمن منطقة ساحل و الصحراء (le Centre/4S) التابع للأمم المتحدة، هي من ستتولى مهمة اعتراض بقاء ولد عبد العزيز إذا صح هذا الخبر . و كان أحمدو ولد عبد الله قد صرح في أغسطس 2012 أن “إرهابيي القاعدة في المغرب الإسلامي (Aqmi) ليسوا سوى وسطاء لمهربين متواجدين على طول امتداد خليج بنين ، مضيفا أن “الشبكات على مستوى أعلى هرم السلطة في كل بلدان المنطقة كثيرة .. لديَّ أسماء و اللائحة طويلة…” و قد شملت لائحة قيادة حملة ولد عد العزيز أسماء أخرى لا تأتي دون ولد بشراي في شيء، تتابعها الأجهزة الغربية في البلد عن كثب و تبحث عن أدلة ملموسة لعلاقتها المتينة بولد عبد العزيز..
و قد يخفى على الكثيرين اليوم السبب الحقيقي لهجوم ولد عبد العزيز على المعارضة التي لم تفعل سوى أنها قاطعت انتخابات ترى أنها عبثية لعدم وجود أي ضوابط تضمن شفافيتها و نزاهتها!؟ إن من بقوا اليوم في حلبة المنافسة (لاله، برام ، ولد عبد العزيز، صار، بيجل) يشكلون لوحة فنية ناطقة، تتحدث بوضوح عن نفسها و عن ما آلت إليه الأمور في البلد و لا شك أن هذا عمل رائع يعود الفضل في كشفه إلى المعارضة .
و نشكر الأستاذ ولد بوحبيني على تعففه و رفضه في آخر لحظة الدخول مع هذه التشكيلة في أي حلبة، حفاظا على سمعته و مكانة موريتانيا التي يجب أن يعرف الجميع أنها أبت أن تشارك في مهزلة كهذه ، يصعب تحديد أي المشاركين فيها أسوأ ..!
يريد ولد عبد العزيز أن يغطي على هذه التشكيلة البائسة، المخجلة بالتهجم على المعارضة، محاولا أن يجعلها طرفا في أذهان الناس ليضفي بعض الشرعية و التقدير على ذاته . و هذا لن يحصل لأن المعارضة قاطعت ضمن برنامج واسع و مفصل تضمن اختراق حملته و لن يستطيع اليوم أن يميز بأي وسيلة بين من جاؤوه من المعارضة متسكعين و من جاؤوه في مهام مدروسة.. لن يعرف يميز بين من يفون له و من يكيدون له .. لن يستطيع أن يخرج سجن شكوكه القاتلة بغير الجنون..
لقد كنا بحاجة ماسة إلى هذه اللوحة الكاريكاتيرية المعبرة رغم إحراجها التاريخي، لنضحك من أعماقنا بعد 5 سنين من الاكتئاب :
ـ كنا بحاجة إليها ليفهم الشعب الموريتاني أي خطر يواجهه اليوم من دون أن نطلب منه سوى أن يدقق فيها بعمق..
ـ كنا بحاجة إليها ليفهم الجميع أن تهجم برام على نخب البلد الدينية لا يختلف في شيء عن تهجم ولد عبد العزيز على نخبه السياسية و الدينية و الاجتماعية.. أنهما روحان شريرتان، عابثتان، موغلتان في الجهل و التخلف، تهددان تماسك المجتمع و تعبثان بقيمه الدينية و الأخلاقية و الاجتماعية..
ـ كنا بحاجة إليها لنضع جميع مكونات الشعب الموريتاني أمام مسؤولياتهم تجاه بلاد وصفها تقرير مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في 2 أيار / مايو 2012 بأنها “معرضة لخطر الانزلاق نحو الفوضى” و أنها “دولة تزداد هشاشة حيث يؤدي ارتفاع وتائر فقدان الأمان إلى التطرف المحلي العنيف والنشاط الإجرامي والإرهابي العابر للحدود” كما تناول التقرير “الضغوط الخارجية متمثلة في تجارة المخدرات والقاعدة وتجارة السلاح”، معتبرا أن موريتانيا “تجسد المخاطر التي تشكلها الدول التي تتمتع بقدرات ضعيفة على الأمن الإقليمي والدولي”.
يحاول ولد عبد العزيز أن يفهمنا أن خزائن الدولة مليئة و أن كل شيء على ما يرام في حين يتضور الشعب جوعا و يلجأ هو إلى الدعاية الكاذبة و المغالطات لعجزه عن تمويل حملة لا ينافسه فيها أحد . و نحن فقط نسأل عقلاء هذا البلد أي معنى يجدون لهذا الكلام؟ لقد ارتفع سعر الحديد من62 دولار سنة 2008 إلى 600 دولار الآن و ارتفع سعر أونصة الذهب من 400 دولار إلى 1800 دولار. و كان برنامج الأمم المتحدة للإنماء يعمل على تراجع الفقر في البلد إلى نسبة28% في سنة 2015، لكن نسبة الفقر الآن تناهز 42% وفق آخر تقارير البنك الدولي. و يكذب من يقول إن هناك أي احتياطي يذكر في البنك المركزي أو غيره، فقد تم نهب ثروات البلد و بشكل غير مخطط اقتصاديا : يدفع ولد عبد العزيز للعمال رواتبهم و يتصرف في البقية وفق مزاجه : يتصل بمحافظ البنك المركزي “ادفع كذا فيفعل .. يتصل على مدير الخزينة العام ، ادفع كذا فيفعل.. يتصل على مدير اسنيم ، ادفع كذا فيفعل .. يتصل على مدير الميناء “أدفع كذا فيفعل ..و هكذا دواليك.. لا يوجد أي تسيير أو تخطيط لأموال الدولة و كل ميزانيات الوزارات وهمية لا يصلها منها أي شيء.. كل ديون رجال الأعمال و الموردين على الدولة أغتصبها ولد عبد العزيز و استباحها دون وجه حق و لا تملك المحاكم حق التنفيذ على هذه الممتلكات الخاصة المغتصبة باسم قهر الدولة و خروجها على القانون..
هذه هي موريتانيا التي يقول ولد عبد العزيز إنها لم تكن معروفة لدى العالم قبل مجيئه و لأن الإنسان و الإنسان البسيط بصفة خاصة، يتكلم دائما عن عقدته، سأقدم لكم موريتانيا ولد عبد العزيز كما جاءت في التقارير الدولية من دون أي تدخل مني :
قضايا المخدرات :
ـ نقلت صحيفة “الأخبار – إنفو” الصادرة بتاريخ 15 مايو 2013 عن مصادر وصفتها بالمتطابقة أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز التقى خلال النصف الأول من شهر إبريل (2013) ببعض أشهر المتهمين في تهريب المخدرات دوليا في الساحل والصحراء، مؤكدة أن هؤلاء دخلوا موريتانيا عدة مرات، وأقاموا في نواكشوط فترة، ومن بينهم مطلوبين لدى الشرطة الدولية “الأنتربول”، كما أن من بينهم مطلوبين للعدالة الموريتانية. ونسبت الصحيفة إلى مصادرها أن المتهمين في أشهر ملفات المخدرات في الساحل والصحراء استقبلوا في نواكشوط استقبال الأبطال، وفتحت لهم قاعة الشرف المخصصة لكبار الضيوف في مطار نواكشوط الدولي.. وقالت الصحيفة إن من أشهر الشخصيات المتهمة في هذا الملف، والتي التقاها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أحد المتهمين في عملية طائرة البوينغ 2009، والتي تم إحراقها في شمال مالي، ويسمى الشريف ولد الطاهر، ويوجد اسمه على رأس لائحة المطلوبين للشرطة الدولية “الأنتربول” من الماليين، ويقدم بصفته المشرف على هذه العملية التي وصفتها مصادر دبلوماسية غربية بأن من بين خفاياها بعض التفاصيل الكافية لإسقاط العديد من حكومات المنطقة.
ـ نشرت جريدة “آفريك.كوم” الألكترونية تقريرا حول المتاجرة بالمخدرات في الساحل، في يوليو 2013 جاء فيه أن “المنطقة تعتبر تقليديا ساحة موبوءة بالتزوير وتهريب حشيش الكنابيس القادم أساسا من المغرب. لقد أصبحت المنطقة- منذ بداية القرن الواحد والعشرين- مرتعا حقيقيا للمتاجرة بالمخدرات والإرهاب والتمردات والجرائم المنظمة. ورغم أن موريتانيا ظلت غير معروفة على المستوى الدولي، إلا أنها تشكل ملتقى طرق لتهريب المخدرات في الساحل عموما.
ـ في يوم 21 يناير 2013 ، أحدث البرلماني الفرنسي نوييل مامير ضجة كبيرة بتجريمه للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. ففي برنامج “28 دقيقة” على قناة “آ أر تي أه”، وصف البرلماني القائد الموريتاني بأنه “يرعى المخدرات”. وأضافت الصحيفة الإفريقية أن “تقريرا أمريكيا يعود إلى سنة 1992 يقول ان بعض الشائعات تردد أن موظفين سامين في موريتانيا يتعاطون المتاجرة بالمخدرات.
وهو ما قال المتخصص الذي التقيناه انه مقتنع به حتى ولو أننا لا يمكننا اليوم أن نجزم بأن الرئيس الموريتاني الحالي متورط في هذه المتاجرة، فالمؤكد فقط هو أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز محاط بأشخاص يقومون بتسيير هذه الأعمال. وبالنسبة لهذا المتخصص فإن التورط على المستويات العالية موجود في الساحل عموما وفي موريتانيا على وجه الخصوص” وجاء في التقرير: “خلال شهر نوفمبر 2009 تم العثور على طائرة، قادمة من فنزويلا، في منطقة غاو بشمال مالي. وكانت الطائرة محملة بعدة أطنان من الكوكايين، وأصبحت تعرف بـ”طائرة خطوط الكاكايين”.
وقد أصبحت موريتانيا في قلب الاهتمامات الإعلامية للمحللين بخصوص تهريب المخدرات والمتاجرة بها في إفريقيا، بعد طائرة غاو وأخرى عثر عليها في الشمال الموريتاني وبنفس المواصفات” و قد وصف التقرير موريتانيا بأنها الدولة التي يحظى فيها تجار المخدرات بأكبر عناية.
ـ في 20 مارس 2013 ، جاء في مقابلة مطولة مع العميل السري المالي حامد عمر على الصفحة الثامنة من جريد (L’inter) الإفوارية ، العدد 4439 : ” في مساء يوم 15 دجنبر 2006، وعلى حدود الساعة السابعة والثامنة طلب مني العقيــد عزيز القيام لصالحه بمهمة في غانا. وبأنني سألتقي هنالك عراقيـا يدعى عثمان علوي، وهذا ما قمت به، وعندما وصلت هنالك بقيت أنتظر تعليمات أخرى بشأن الخطوة الموالية.
وفي الحقيقة، كانا فيما يبدو على اتصال منذ كان ولد الطائع في السلطة، وكانا يتفاوضان حول صفقة أجهل تفاصيلها. وبعد الانقلاب الذي أزاح ولد الطائع وجلب العقيد عزيز للظهور في الفترة الانتقالية، تجددت رغبة الأخير في إعادة الاتصال بعثمان علوي.
وقمت أنا بمهمة العثور على هذا العراقي في أكرا العاصمة الغانيـة. عن طريق هاتفه الذي زودني به العقيد عزيز…، وعندما وجدت المدعو عثمان علـوي قمت بربط الاتصال بينه والعقيد عزيز، وعندما وصلت إلى أكرا لم تكن لدي أدنى فكرة عن الموضوع الذي جئت من أجله، و اكتفيت بتنفيـذ المهمة و إظهار طاعتي العمياء، ولكنني اكتشفت أن العملية ترتبط بصفقة غير شريفة وغير قانونية.
و عند سؤاله ” ما علاقة ذلك بالاتهامات التي وجهها نويل مامير ضد العقيد عزيز”؟ ، قال حامد عمار: “ما أحاول أن أجعلك تدركه، هــو العالم الذي يجري في الفناء الخلفي للذين يحكموننا، وهي أشياء ليست بالضرورة في متناول الجمهور، و أنا أعلم من خلال موقعي كعميل استخباراتي ببعض التجاوزات الممكن حصولها. ولكن ما هي مصداقية الاتهامات التي وجهها النائب الفرنسي للرئيس عزيز حول وصفه برعاية المخدرات؟ ولكم ولقرائكم استطيع فقط أن أقول إن بعض قادتنا يستخدمون مراكزهم للمشاركة في بعض الأعمال المشبوهة والقذرة. على المستوى الاقتصادي :
ـ سجل متوسط دخل الفرد السنوى في موريتانيا سنة 2014، أدنى مرتبة على مستوى الدول العربية حسب بيانات تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات. و قد احتلت قطر المرتبة الأولى بمتوسط دخل قدره 104 آلاف دولار فيما جاءت في المراتب الدنيا جيبوتي 1597 دولارا والسودان 1527 دولارا و اليمن 1518 دولارا (قبل الأخيرة) و موريتانيا 1126 دولارا ..
ـ و في دجنبر 2013 ، صنف تقرير لمعهد “افريزر” حول الحرية الاقتصادية في دول العالم، موريتانيا في المرتبة 16 من بين 18 دولة عربية أي قبل الأخير (و لا أحد يفهم بماذا يفتخر ولد عبد العزيز في هذا المجال.. هل يريد احتلال مكان بعد قبل الأخير و الأخير ؟)
ـ و في فبراير 2014 جاء في وكالة الأنباء الألمانية أن بعثة دولية رفيعة المستوى تضم الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وممثلين عن قطر والكويت والإمارات، أعلنت أن نحو مليون شخص من سكان مناطق الأرياف الموريتانية من بينهم 60 ألف لاجئ مالي يواجهون أزمة غذائية، وهم بحاجة إلى تقديم مساعدات لهم و بحاجة لما مجموعه 108 ملايين دولار، لتمويل مشروعات وبرامج لسد الفجوة الغذائية ومواجهة الخطر المحدق بالسكان المتأثرين بآفة الجفاف وانعدام الأمن الغذائي.. فكيف لنظام أن يفتخر باحتياطي خرافي في خزائنه و مليون نسمة في بلده مهددة بالمجاعة ، لا تحتاج أكثر من 100 مليون دولار لتغطية أزمتها الغذائية؟
على مستوى الفساد :
ـ اتهم الكاتب الفرنسي نيكولا بو الوزير الأول السابق الزين ولد زيدان الذي يعمل حاليا موظفا في صندوق النقد الدولي بأنه ما زال على علاقة جيدة بنظام ولد عبد العزيز، حيث نصح ولد زيدان القطاعات الوزارية المعنية بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي وإعطاء أرقام خاطئة للأخير للتغطية على الفساد. وأضاف الكاتب أن نظام ولد عبد العزيز يقوم بنهب المساعدات الأجنبية عن طريق البنك المركزي وإخفاء أثرها، وهو ما يشارك فيه ولد زيدان الذي شغل سابقا ولمدة سنوات عديدة منصب محافظ البنك المركزي الموريتاني..
ـ في يناير 2014 ، فجرت جمعية “شربا” الفرنسية المتخصصة في الدفاع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية، فضيحة أخرى لولد عبد العزيز حول الفساد في صفقة محطة توليد الطاقة الكهربائية بنواكشوط، كاد يتم بسببها إلغاء تمويل البنك الإسلامي للتنمية لولا التدخل السعودي المرتبط بملف انقلاب السيسي و الضغط على حركة الإخوان المسلمين في موريتانيا. على مستوى حقوق الإنسان و الحريات العامة:
ـ في اكتوبر 2013 أصدرت منظمة (Walk Free Foundation ) الحقوقية الاسترالية، أول تقرير من نوعه حول “العبودية الحديثة” احتلت فيه موريتانيا المرتبة الأولى على المؤشر، وفقا لأعلى نسبة تقديرية من سكانها المستعبدين من أي بلد في العالم..
ـ و في يناير 2014 تحدثت وسائل إعلام محلية عن إنفاق نظام ولد عبد العزيز حوالي 3 مليارات أوقية في شراء تجهيزات وبرامج تنصت عالية جعلت موريتانيا اليوم تعتبر الأكثر تطورا بين دول الجوار في تقنية التنصت على المكالمات الهاتفية و ما يناهز 40 مليون أوقية على التنصت على برامج الاتصال المجانية وخصوصا سكايب وفايبر. و قد تم تسريب هذه المعلومات إثر فقدان المستشار الأمني الخاص بالمعلوماتية في الرئاسة احميدة ولد أباه جهازه الشخصي في المملكة المغربية…
هذه مجرد نماذج بسيطة من طوفان من التقارير المؤلمة و المؤسفة عن موريتانيا التعسة ، أردت من خلالها تفسير ما قاله ولد عبد العزيز و تأكيده ، فربما يكون قد قالها بعفوية و سذاجة من دون أن يفهم سببها الحقيقي.. على الموريتانيين أن يعوا مسؤولياتهم اليوم أمام ربهم و أمام شعبهم و أن يفهموا أن الأخطار المحدقة ببلدهم و مصيرهم أصبحت مرتبطة حقا بمواقفهم من هذه المهزلة السخيفة كخطب و أفكار و حقائق المتنافسين فيها . و حتى لا تنسوا ، تذكروا جيدا : (برام، عزيز، لاله ، بيجل، صار)