رد/ افتعال الجنون السياسي أو الإعلامي…استيراتيجية أم حماقة؟
قديما وحديثا ظل الجنون الإبداعي مستشكل الفهم وإدراك الأبعاد الحقيقية، وتعقل البعض عن التعميم قديما وحديثا على هذه الظاهرة الإنسانية المعقدة، الذي يمتزج فيه الإبداع وتحقيق القصد بطرق غير طبيعية، ربما لتعذر الطرق الطبيعية التقليدية المشروعة في حساب المجتمع البشري العادي.
كما ارتبط هذا الوجه الإنساني الملهم الغامض، بإنتاج زاخر من الشعر والمعلومات النوعية في كل من فن من فنون الحياة، وكأن صاحب هذا المنحى يتلقون من جهة جنية على وصف البعض، فنسب بعض الشعراء إلى الجن، عسى أن لا يخرجوا على غيرهم، من الشعراء الأضعف والأقل إنتاجا، فيقول صاحب الجن فلان من الشعراء، وفي هذا الاتجاه بحث طويل مرهق، ليس هذا مقامه طبعا، بل حين أعجزها القرآن، قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن له قرين من الجن يملي عليه ما يتلو من قرآن، بل تجاوزوا الجن إلى الوصف المباشر بالجنون، رغم غياب أي مؤشرات لاختلال العقل عند رسولنا الأكرم الحكيم الخلوق صلى الله عليه وسلم، الذي وصفه ربه بكمال الخلق وعلوه وتميزه “وإنك لعلى خلق عظيم” وقالوا عنه رواية في المقابل بقيت قرآن يتلى بأسلوب صريح، “وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ”.
وفي حيز هذا النمط من التعامل، ظل الإبداع محاصرا، فقد فسرت قصائد كثيرة بأنها مجرد إملاء من الجن، وحاولت بعض المجموعات الأخرى على مرة التاريخ، إلصاق الجنون بأنبيائها وعظمائها من غير الأنبياء، بل اعتبر “انشتاين” الأمريكي الذي اكتشف الذرة، وكأصغر جزيئ في الكون، والذي صنعت عن طريقها القنبلة النووية وغير ذلك من المنافع الإنسانية في مجالات أخرى غير التصنيع العسكري، وكان اكتشافه فتحا رهيبا لم تفهمه أمريكا إلا بعد وقت، مما اضطرهم لتخزين جزء من دماغه الأكبر -حجما على ما يبدو- من الدماغ البشري العادي، ومازالوا ربما يدرسون الجزء المتبقي من دماغ هذا الفاشل مدرسيا، والذي اتهموه في أول وهلة بأشياء كثيرة، لا صلة لها بالإبداع والاكتشاف النوعي الرهيب.
وذهبت أسرار كثيرة مع أصحابها، كيف نبغوا وكيف كتبوا وكيف أشعروا، وكيف كانوا يعيشون ويفكرون، ومن أين وكيف نزلت عليهم الفكرة أو الأسلوب الشاذ في نظر البعض الذي تميزوا به رغم شذوذه في تقييم البعض، وإن اكتشف ذلك غالبا في وقت متأخر من خروج الإنتاج العبقري، الطبيعي أو المنزل من السماء، في شكل وحي أو إلهام أو طرق أخرى الله اعلم بتأويلها، فيصبح المتهم بالجنون رمزا متبعا وقائدا تاريخيا، سواء كان من فئة الأنبياء أو غيرهم من عباد الله الملهمين، من مختلف المشارب الدينية والمجتمعية بغض النظر عن الاستقامة أحيانا.
ولقد ذهب موسى وفتاه بحثا عن العبد الصالح، الذي يسمى في العرف الشعبي الخضر، وتعبا وأخيرا بعد تسرب الحوت إلى البحر، رغم حاجتهم الماسة إليه، فكان لابد من حالة الجوع ربما، والجوع من أهم محركات الإبداع والصفاء الذهني عند البعض، وليس عند الجميع طبعا، ولكن رجوع موسى إلى الصخرة هو وفتاه وتسرب الحوت في البحر كان بوجه خاص علامة للعثور على المبتغي، ولم يكن هذا المبتغى الذي شق من أجله موسى وفتاه المسافات والمخاطر وتحمل الجوع وغيره ذهبا أو لؤلؤا ماديا ملموسا، وإنما من نوع آخر، رحمة من الله وعلما لدنيا، كيف أعطيه ولماذا، هذه أسئلة صعبة المنال، مستحيلة الجواب تقريبا، إلا في حيز ضيق، قال تعالى في وحي منزل كاشف لهذه الرحلة الممتعة العجيبة المبهرة، التي لن تنتهي عجائبها من كثرة القراءة أو التأمل: فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماقال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداقال إنك لن تستطيع معي صبراوكيف تصبر على ما لم تحط به خبراقال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمراقال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا” من سورة الكهف.
“كل ميسر لما خلق له”، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف، فلا يجد فيه صعوبة رغم نفور الآخرين منه غالبا، لأنه مزعج بإختصار غير مفهوم، وغير معتاد الطباع أو الفعال، ولأهل الظاهرة والباطنة في هذا الباب سجال طويل لن ينتهي.
علينا الإلتزام بظاهر الشريعة على نهج موسى والنبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم ولا نفرق بين أحد من المرسلين أجمعين، ولكن لا ينبغي أن ننكر إلا عن خلاف صريح مع الشرع، وبالدليل، ورغم أن هذا المنهج الاحتياطي لا يمنع وجود حالات صحيحة، رغم تناقضها الظاهري فحسب، مع المفهوم عندنا، ختاما مسكا مهيمنا على كافة الرسالات السابقة، وللمجتمع العادي أن يحارب هذه الظواهر الشاذة الغامضة، لكن هذا لا يمنع أصحاب الشواذ من التمسك بشواذهم، ولو خفية معانيها ودلالاتها عند العامة، والتي قد لا يلزمون شرعا وحكمة أن يفسروها للمجتمع العادي، فلقد كان العبد الصالح بعيدا عن الأنظار متواريا عن عامة الناس، حتى لا يحدث ربما بلبلة في أديانهم وعقولهم، خدمة لتوازن المجتمع.
واصلوا اتهاماتكم كما تشاؤون، وواصلوا التمسك المشروع بظاهر القواعد السليمة العادية والإيجابية فعلا، ولكن لا تعمموا هذا الفهم على الجميع، فتلك مبادرة غير مأذونة أخلاقيا وشرعيا، على منوال ما يفهم من الحالة الخاصة الصريحة العرض في سورة الكهف على سبيل المثال لا الحصر.
فمن قال بأن الكاتب الفلاني مجنون فعلا، أو قيل ضد فلان أو علان أو العشيرة الفلانية، هذا فهم متسرع قد يترتب عليه تصفية –لا قدر الله- هذا الكتاب أو المصلح أو الداعية، كما حدث مرارا وتكرارا في تاريخ الشعوب والمجتمعات، حيث تسبق العاطفة العقل ويطيش سهم الحماقة، حتى لو اكتشف لاحقا غير هذا، فكيف سيصنع الجهلاء المتسرعون، وهل سيقتلون أنفسهم أيضا، ندما وكمدا، لأنهم أيقنوا يوما بعد ذلك، أن الحقيقة سوى ذلك.
لقد قتلت أوروبا القائل بدوران الأرض وكرويتها على يد بابوات الكنسية الكاتولوكية، وكان هذا الحدث من أسباب الثورة الفرنسية على الكنسية لاحقا، والتي امتدت في أغلب الدول الأوروبية، عندما تأكدوا من ضعف المستوى العلمي عند هؤلاء البابوات والقساوسة المتزمتون المتهورون طبعا، ولم يمنع ذلك كله من أن يقول فرديناد ماجيلان كلمته التي تجاوزت قدرته على الكتمان الطبيعي، ولو لم يكن علما دينيا، فالعلم يفيض فيضا، حين يحصل اليقين به، ولا يهم صاحبه كلفته أحيانا وثمن البوح بحقيقته، فقد حصل بعناء وبعد طول نظر وتأمل وتجربة أحيانا، فما معنى أن يحجب هذا الفتح والإنفراج العلمي عن بني جلدته، ولعله ما بحث عنه إلا من أجل المجتمع وخير الإنسانية كلها دون تمييز.
فالعظماء لا يحقدون البتة، ولكنه يصعب فهمهم، خصوصا من طرف الصغار وأصحاب المطامح الصغيرة الضيق الأفق.
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضب
سبحان الله، قرأت البارحة أن أحد البشمركة، هدد قبيلتين كبيرتين، آه…آه…من أنت حتى تهدد من أشرت إليهم والسياق شديد الوضوح لا يحتاج إلى تصريح، ومن أنا وزميلي بلعمش حتى نكون متحدثين باسمهم، ومن أنت حتى تكون متحدثا رسميا باسم عشيرة الشرفاء، التي تنتمي إليها، عشيرة ضاربة في التاريخ في الخير والشر مثل كل الناس، فكل عمل بشري له نواقص وثغرات كبيرة، ولكن هذا لا يفسد للود قضية في حالة الإشارة في سياق عمومي، مثل المنابر الإعلامية، وخصوصا إذا كان المذكور شخصا كبيرا من حجم رئيس أو حاكم عسكري متغلب مثل زيد أو عمرو أو تاجر تعلقت به مختلف الحقوق، الدنيوية والأخروية، وبالغ في قوة العقل، حتى استحوذ بتدبيره الشاطر الشاذ في المردودية والفعالية على أغلب أقوات البلد، فتجاوز الضعفاء أصحاب العزيمة الخائرة وتركهم خلفه بعيدا، بمختلف الطرق الشرعية وغير الشرعية ربما، فجاز تنبيهه قبل أن يرتد عليه غضب المغبونين، طبيعة أو عن قصد وظلم.
ولهذا شرع عطاء المال من غير الزكاة، لأنه قد يفيض عند آخر وينضب نضبانا شديدا لدى آخرين: “ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب“.وقال تعالى: “وفي أموالهم حق للسائل والمحروم”.
من أجل هذا ترتفع صيحات المنكرين والمشفقين، والحريصين على التوازن فحسب، وليس من أجل الانتقام والثأر، وإن كان مشروعا وبشروط، لكن ليس على طريقتك المباشرة البدائية، وأقل هذه الشروط إن لزم الإنتقام والعفو أفضل “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس”، الوقوف أمام القضاء، ولو كان ناقص العدالة، حتى لا تكون فوضى وسيبه، ونرجع جميعا دون تأخر إلى جو السيبة القريب العهد، فنحن نعيش في أرض السيبة، ولكن بعنوان يغطي الحقيقة.
نقول دولة ولا دولة، وديمقراطية للإيقاع فحسب.
وفي حالة حصول أي اعتداء على شخصي الضعيف، أوصي أولادي وأهل عشيرتي وزملائي في المهنة بالبحث عن الخيط عن طريق ولد بوعماتو المافيوي، الذي حاول اغتيالي في السجن المركزي الأحد 27 مايو2007، والبحث أيضا عن هذا الخيط المفترض -إن حصل أي مكروه-عن طريق الزميل الذي ربما وظف عن طريق الخطأ المسمى بادو ولد امصبوع والذي كتب حروفه باسم مستعار أبو العباس السباعي، وله ولد يسمى عباس، فهو أبو العباس فعلا، ولدي تفاصيل كثيرة، عن المعني بمجرد كتابته البارحة، فليحذر من عاقبة المغامرة، فليس كل أبناء “اسماسيد” متسامحين، فأبسط اعتداء أو تهديد متكرر، سأتوجه للقضاء للشكوى منه مباشرة.
وقد قررت مسامحته في الأولى، فإن عاد ضربت في الصميم ولا أبالي شكوى ومتابعة، وبالطرق القانونية والسلمية المتاحة بإذن الله.
ولتعذرني يا زميلي لأنني رددت عليك وليس من عادتي الرد المباشر أو غير المباشر، لكنني لا أسفه أحلام الصحافة وأردت لك مقاما أكبر بمجرد ردي عليك، عكس ما وعدتني من سوء، فأنت أضعف من أن تفكر فيه، فأنت تعرفني وأنا أعرفك.
فما اشتركت حتى الآن مع الكثير من خصومي من أبناء عمومتك وغيرهم بحكم وجودهم في واجهة الحكم، كان عن عبر الطرق الحضارية في أغلبه، قضاء وإعلاما ولم يمسني أحد بشعرة، وأما أنت رغم الزمالة، فقد كتبت اسمك بشكل صريح تقريبا، وشهد عليك كثير من الزملاء، دون أن يصرحوا بذلك وورطت نفسك مجانا، ولكن الصحافة من أكثر القطاعات تضامنا بينهم بأسلوبهم الخاص، فلا تخف، فقد أخطأت في حق كريم داهية واسع الصدر، وربما يتحول خطأك إلى مبرر للصحبة والإحسان ولو في وقت قادم، ليس للإيقاع بك مع آخرين، إلا أنني تعودت هذا مع جميع الزملاء وخصوصا الضعفاء منهم من أمثالك المغمورين.
وأصبحت في الدرجة الثانية عندي بعد محمد ولد بوعماتو.
فمن أمرك، ومن دفعك إلى هذا، وماذا تريد من ورائه، أم أنها مجرد عاطفة إنسانية أسرية، أم وراء الأكمة ما وراءها.
أسئلة كثيرة ستنتظرك أمام القضاء في الدنيا والآخرة بمجرد أن يسكب كأس ماء غلطا أو عمدا في دار اهل اعبيدنه أو مكتب “الأقصى”. وللتذكير منزلي في “دار البركه” قرب مدرسة “صلاح الدين” بتيارت ومكتبي بـ”عمارة النجاح” في قلب العاصمة منذ 2004 في الطابق الثاني في نفس الغرفةS07، فلتزرني بدل الكتابة في موقعك المغمور “الصباح”، الذي لا تملكه أصلا بعد رحلة فاشلة في “الحرية” و”أطلس أنفو”، ولتتقي الله في الراتب الذي تأخذ من غير حضور من المال العام من وكالة التنمية الحضرية، التي قلت كذبا وزورا أنني أمدح مديرها، ولكنني أعرف كيف آخذ حقي دون إفراط أو تفريط أحيانا، حين أكون صاحيا من الغضب الذي ينتابني أحيانا والحدة تعتري أخيار الناس، فاحذر غضبي وإن شئت فبابي مفتوح لتوبتك ولتتصل بالفتح ليوصلك إلى منزلي أو مكتبي. لا تخف زرني يا صديقي إنك لا تعرفني، حتى تنوب عن عزيز أو بوعماتو أو أحمد ولد عبد العزيز رجل الأعمال الغامض.
أما بقية “أولاد بسبع” جميعا تقريبا، فهم بعيدون من أخلاقك ومهبطك الواطي وإن شئت هدد وأزبد وأرعد وأرغد كيف تشاء، فالشرفاء الذين أشرت إليهم من أبناء عمومتي وأبناء عمومة زميلي الشهم الشجاع سيدي عالي منشغلون بالصيام والقيام وغيرهما من مكارم الأخلاق في شهر رمضان المعظم “وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”…إذن سلاما يا “ابن مصبوع بادو” المتخفي وراء “أبو العباس السباعي”.
ألا تعرف أن معاوية لم يسجن صحفيا قط وابن عمك الذي تدافع عنه اشترك مع ولد بوعماتو في سجني وتوريطي في “الانتربول” ونزع ملابسي كاملة أمام شرطي نبالي مجوسي عند سجن “الوثبة” وقيدت بالحديد وعذبت نفسيا إلى أبعد الحدود وغرمت بثلاث مائة مليون أوقية أكبر غرامة في الكون ضد مكتوب أو منطوق ثقافي، والسجاد ولد اعبيدن ومعاوية أو غيرهم من أبناء عمومتي، إن حرصت على الكلام بلغة مباشرة، لا أمانع في الحديث عنها حين تحتد الحاجة للتوضيح وتقريب الأمور لأمثالك من قاصري الفهم، فكان الصحافة بجميع المستويات يلوكونهم بألسنتهم في المجالس وعلى صفحات الجرائد قبل ظهور “الإنترنت” و”لا تنطح فيه شش”، وأما اليوم فيقع كل هذا بسبب مقال مكتوب في مدخله أنها معلومات غير مؤكدة ولا يمكن في المقابل نفيها، أعني المقال الذي أثار حفيظة ولد بوعماتو.
وأيام زمان كان محمد الأمين الشاه الفقيه الحالي الصحفي السابق يتشفى ضد السجاد ولد اعبيدن بأشنع العبارات في عدد يتيم من جريدة تسمى “اليمامة”، وما حرك ذلك شعرة من خاطري عندما قرأت قدحه وسبه المباشر، ولم تستدعيه هيأة، رغم أن حرية التعبير اليوم أحسن حالا وأخطر مآلا وأقل رزقا، خصوصا عند الصرحاء المستقلين فعلا من أمثالي، ولا فخر.
ورغم المادة 11 في أيام الراحل سيدي يسلم ولد اعمر شين رحمه الله لم يصادر سبه وتحامله على السجاد، ومن شدة بساطة الموضوع عندي، لا أتذكر الآن كلمة واحدة مما كتب فقيهكم المبجل في كل قناة رسمية وغير رسمية، وخصوصا قناة أهل قده، واليوم في رمضان في القناة الرسمية “الموريتانية”.
أتأكلون بلد برمته وتهجروا الكثير من أهله، والخطاب هنا للمافيا وتقتلون بعضا منهم في الخفاء على رواية البعض، بالطائرات المفخخة والساحات غير المأمونة أمام أصحاب القاعدة في عمق التراب المالي، وبعد ذلك تهددون صحفيا أعزل سجنتموه وغرمتموه بثلاث مائة مليون أوقية.
يا زميلي أبو العباس السباعي، لو لم تكن صحفيا أو متطفلا مثلي على الصحافة، لاسمعتك ما لو قرأته لذهب وطاش عقلك حتى قتلت فعلا أو قتل غيرك، لأصبح شهيدا وتصبحوا من بعدي في كربلاء جديدة في غرب إفريقيا، بموريتانيا ويومها ستكسب آه، آه.
أليس فينا سفهاء، جرب أو ليجرب غيرك ، فورب الكعبة لن يصل إلي أحد بسوء، وإن فكر جادا أو أقدم فسيدفع الثمن غاليا مثل صاحبكم بوعماتو، كرهه عزيز، بعد أن تورط على رواية البعض في محاولة تصفية 13 اكتوبر2012.
وعودا على بدء أقول لقد ظهر الجنون في الإعلام والسياسة عمدا، على وجه التهديد والفعل أحيانا، لان الأسلوب البارد لم يعد ملفتا للانتباه، ومقالات المدرسة الإبتدائية التي يكتبها بعض الإعلاميين والكتاب من غير الصف الإعلامي، لم تعد تلفت أو تشد انتباها أو توصل رسالة حية للرأي العام المحلي أو الدولي المراقب لتصرفاتنا سائرها عن طريق الدبلوماسية، بل إن عزيز أصر على أسلوب الجرأة هذا والمباشرة وتجاوز هدوء معاوية وتلميحه وأصبح يسجن بكلماته النارية والنابية أكثر من استعماله للسجن المباشر أحيانا، وهو رئيس شرعي في اعتقاده، يجلس على أريكة الحكم، فيصر على التحامل على رموز المعارضة الوطنية ووصفهم بأقدح الأوصاف، يا سبحان الله.
وكان لجماعة معينة شجاع جريء في ساحة الإعلام، ورغم أسلوبه الخاص، كان اعل يومها يمده بالمال ويرسله في المهام الخاصة، ليستعين بها على جنونه الطبيعي أو المفتعل، ومع ذلك لا غرابة أن تكون له مهام دقيقة ومحددة، يؤديها بعناية فائقة.
ولعل مصالح كل المجموعات والقبائل مهددة بالضياع، إن لم يكن لكل قوم مجنون فعلا أو مجنون بالاستيراتيجية والتمويل والدعم والتوجيه، ولو بالغ في جنونه الطبيعي أو المفبرك للوصول إلى ما لا يليق بالعقلاء التقليديين الخوض فيه.
كل هذا لماذا لأن الزمن قديما وحديثا، لم يدبر أحيانا شأنه العسير الصعب المراس، إلا بالجنون الاستراتيجي في منابر الإعلام ومناسبات السياسة والشأن العام، ولنتذكر أحداث 11 سبتمبر2001 حين ضرب شطار من الأعراب الملتزمين إسلاميا ولو ظاهريا، فتحرك مثلهم من الغرب جيشا عرمرما من مختلف الأقطار الأوروبية والغربية، فحرق بوش الإبن أفغانستان والعراق والعالم كله تقريبا، حتى لا تتكرر أحداث11 سبتمبر2001.
إن موريتانيا مقبلة على المجهول، لأنها يحكمها مجنون بالاستيراتيجية الدقيقة، فهو يعرف كيف يفتعل الغضب والرضا، من أجل الوصول إلى أهدافه الأخلاقية وغير الأخلاقية على السواء.
إذن، ألا ترون أن الآخرين سيكتشفون تدريجيا أهمية الجنون الاستراتيجي لحماية مصالحهم على الأقل، والتغلب على خصومهم بطرق فعالة وسلمية في نفس الوقت.
فالجنون فنون كما يقال.
فلنتأمل فيما يجري عسى أن لا نقع في المخاطر، ولات حين مناص.
لقد بدأتم بالجنون قبلنا، لتطوركم العقلي وذكائهم المفرط، فبدأتم به في الإعلام والتجارة واليوم جاء مجنونكم الاستيراتيجي البعيد من الحماقة التقليدية إلى دفة الحكم.
أجل لا يخلو الجنون من بعض الحماقة، ولكنها حسب رأيي متعمدة للوصول بدقة إلى أهداف مرسومة، فردية أو جماعية.
وقد لا يتجاوز ذلك التخطيط فردين كما قال عزيز في مهرجان “ملح” الأخير من حملته المنصرمة، أو ربما لا يتجاوز التخطيط والتنفيذ شخص واحد.
لكن على كل حال مبدع وجريء ويعرف ما يريد، وبعيد من تهمة الجنون التام على الأقل، أو الجنون التقليدي، لأنه باختصار يؤثر في مجرى الحياة ويصنع التاريخ.
فالمجانين العاديون لا يصلون إلى دفة الحكم ولا يقودون المؤسسات الإعلامية والتجارية العملاقة، أو هي في طريقها إلى ذلك الوصف المبدع المبهر.
بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة “الأقصى”