تعليق رائع على رواية لم تظهر بعد
من الممتع أن تكون صديقا لكاتب روائي كبير، يمنحك شرف قراءة روايته قبل صدورها.. البارحة أنهيت مطالعة رواية ” وجع السراب” للرائع المختار السالم أحمد سالم؛ وبلغت مرحلة التطهير….
// قبل ثلاث سنوات عثرت مصادفة على خالدة المختار السالم “موسم الذاكرة” وأنا أتجول بمكتبة الشروق في مدينة رامالله، وكتبت حينها أن هذه الصدفة أدهشتني، وقلت إن موسم الذاكرة “مَوْسَمْ فالسّرْدًْ مْتينْ”، فقد أرضت تلك الرواية غروري كقارئ نهم للسرد، و كمواطن يتمنى أن يرى كتاب الرواية الموريتانيين يكتبون ما يستحق القراءة..
ثم قرأت “وجع السراب” ، ووجع السراب يا أصدقائي الأعزاء كشف جديد، ونقطة بدء (أو انعطاف إن شئتم) في مسار الرواية الموريتانية.. إنها ملحمةٌ وطنيةٌ، سفرٌ في الأسئلة الكبرى لبدايات تلاقي هذا الخليط البشري الذي يستوطن الأرض السائبة، واستنطاقٌ لسؤال التشكل الذي ظل عصيا على مجرد الطرح… و قد ٱوضح المختار السالم كم هي هشة الفوارق بين مختلف مكونات المجتمع البيظاني.. ففي الرواية يرسم العربي والزاوي والحرطاني والعبد والمرابط والزناكي وإيكيو ولمعلم والنصراني والزنجي واليهودي خيوطا متداخلة من خلال بناء درامي محكم يؤسس لسؤال الهوية بٱسلوب جريء٠٠ ويعجبني انه أفرد مكانة ملحوظة للمرأة الموريتانية ٱنداك كعنصر مؤثر في مختلف الأحداث التي تزخر بها الرواية المثيرة.. هذا عن المضمون أما عن الشكل فقد استطاع المختار السالم أن يخلق شخوصا نكاد نعرفها، أو نتعرف عليها لفرط وضوح أبعادها وفردانية أسلوبها؛ وأن يسرد حكايات وقصصا نكاد نعرف قصصا تشبهها دون أن نجازف بقصها.. وكعادته استدعى المختار السالم الشاعر في داخله، مستعيرا لغته وتراكيبه الموغلة في الإمتاع، دون أن يغفل ضرورة الحكي بالحسانية كلما تطلب السياق ذلك…. ثم بنى أحداثه بكثير من الحبكة والمفاجأة وإعطاء قيمة مضافة للمشاعر التي يمكنني أن اتجرأ وأقول إنها كانت البطل الغائب في كل فصول الرواية… أعتقد أن المختار السالم جازف بالسباحة في العمق عن وعي؛ وأعتقد أن الرواية ستثير ضجة فور صدورها بل زوبعة سيكون لها ما بعدها… وما أهمية الأدب إن لم يثر الزوابع والأعاصير؟! شكرًا صديقي على منحي هذا الشرف. رمضان كريم..
من صفحة المبدع الشاعر والفنان محمد ولد إدومو