تأملات قرآنية رمضانية
قال تعالى: “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم”
عندما تتأمل هذه الآية، يتضح لك أنها منسوبة إلى جهة عالمة بحقيقة الإنسان، في هذه الحالة النفسية المعقدة، أي الظلم، فالمظلوم في بعض الحالة لابد أن يفرج عن نفسه بالتصريح بكامل شكواه، وإلا فإن ما كبته وكتمه قد يضربه ضررا نفسيا بالغا، وربما بدنيا بينا، قد ينتهي بالموت.
إن ربنا وحده، صانع الإنسان، هو من يستطيع العلم الكامل بهذه الخاصية، من نفسية المظلوم المعقدة، إذن منزل القرآن خالقنا، وليس الخالق كالمخلوق.
وهكذا يحسم الأمر تلقائيا، بحتمية وجود خالق، تنتهي إليه هذه المخلوقات، وليست له بداية، لأنها تقتضي أن يكون مخلوقا حاشا، فلابد أن يكون قائما بذاته، لا بداية له ولا نهاية.
وقد قيل في معنى الآية عند بعض الشراح، أنه لا يجوز لأحد أن يدعو على أحد، إلا إذا كان المدعو عليه ظالما له، فيجوز للإنسان أن يدعو على من ظلمه، وقيل أيضا في معنى الآية نفسها، أن من سبك يجوز لك أن تسبه من باب القصاص.
سبحان الله، آية واحدة يكفيك التأمل فيها، خصوصا في جو رمضاني في سحره وصباحه، وقرآن الفجر “إن قرآن الفجر كان مشهودا”، لترسيخ التوحيد وتجديده “جددوا إيمانكم فإنه يخلق كما يخلق الثوب”. ويأتي رمضان فرصة لترسيخ العقيدة الإسلامية والإيمان بالرسالة الخاتمة جملة وتفصيلا على أسس عقلانية مفحمة لا وجه فيها للتردد أو مداخل المشككين والموسوسين من شياطين الإنس قبل الجن، فهم أقل ضررا في رمضان (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين).
وعندما يذوق الإنسان طعم الإيمان ويخالط شغاف قلبه بقناعة ومعايشة روحية وبدنية في جو الذكر والإنفاق والصيام والقيام وغيرهما من مناشط الخير الرمضاني بوجه خاص وغيره، لن يرتد كفرا بإذن الله، فقد ذَاقَ طَعْمَ الإيمانِ : مَنْ رَضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ رَسُولاً.
وفي الحديث الصحيح: “عنأنس بن مالكرضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم قالثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهماوأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار”.
أكرر قصد الشرح والتبيين، إن المظلوم يجوز له سب من ظلمه، مثل ما أفعل ضد بعض من ظلمني أكثر مما ظلمته (تحويل بعض الأشخاص ابتداء من الشاكي بوعماتو ووصولا إلى محاميه خصوصا وبعض القضاة موضوعي المقال المتعلق بالمخدرات والمنشور في مايو2007 العدد 242 ، 245 تكييف التهمة من قانون الصحافة إلى القانون الجنائي ظلما وعدوانا دون وجه حق، بحجة أنه بلاغ كاذب، ولا بلاغ في الحقيقة والواقع وهم يعلمون وإنما نشر فحسب، يستحق عقاب النشر إن كان ولابد والمتهم بريئ حتى تثبت إدانته على يد محكمة عادلة دنيوية أخروية، غير محكمة صامبو محمد الحبيب القاضي الذي حكم بسنة نافذة وثلاثة مائة مليون أوقية).
هذه الحالة النفسية لدى المظلوم عموما لا يستطيع وصفها وإجازة تنفيسها بهذه الدقة المتناهية، إلا خالق الإنسان، إذن القرآن المحفوظ حفظا مشهودا تاريخيا ملموسا متواترا، هو ما عند هذا الخالق العليم بطبيعة المظلوم الغريبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الظلم ظلمات يوم القيامة”، والمذكور اسمه وحده –أي الله جل شأنه- وتفاصيل ما يطلب ممن خلق، ومن الظلم خروج الصنعة عنادا ومكابرة على صاحب إنشائها وإيجادها، وإذا حضر الوسواس بالتفكير والعياذ بالله، بمن خلق الخالق، قلنا إفحاما لمن تصل وسوسته إلى هذه الدرجة من الزيغ والمرض النفسي المعوق، تعويقا تاما، مفضيا إلى الكفر والعياذ بالله، إن سلسلة الخلق والتوالد الطبيعي بأمر من الله وسنته، لابد أن تنتهي إلى مخلوق أول، خلقه خالق قائم بذاته، دون بداية، أي النشأة ودون نهاية، أي صفة المخلوق، التي تتناقض مع ما قال المولى عن نفسه، وصدقناه: “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام”. من سورة الرحمان.
إذن هو من عند خالق الإنسان، الذي لا يعلم حالته هذه، في حالة الظلم ومرارته المروعة إلا خالقه، العليم بجميع خصائصه ونفسياته المستورة، عن من لا يعلم جهلا وقلة خبرة بمختلف الحالات الإنسانية، كي الظلم مثل حر الجمر أو أشد، حتى يحمل الإنسان إلى حد من المعاناة أحيانا لا تنسى أبد الدهر، فيجب التعبير عنه في غياب العدالة، لغيابها طبعا في موريتانيا، واستحالتها تقريبا، في الحالات المنسوبة لمحيط السلطة والمقربين منها.
ومن نوادر أيام العرب، حالات الثأر المغروسة بعمق في الطبع البشري عموما، وليس في أجلاف وهداة العرب، كما يتوهم البعض ترويجه، أن العرب أشد حرصا عن الثأر من غيرهم، على منوال قصة الزير سالم أبو ليل المهلهل، أي قصة حرب البسوس، التي دامت قرابة أربعين سنة، لسبب بسيط أدى إلى قتل جساس لكليب، فانطلق الثأر في نفس أخيه الزير وما توقف إلا بعد مقتلة عظيمة وضعف الزير كهولة وآثار سقطة أضعفت وأمرضت متنه وأدت به إلى الهلاك، بعد مشوار غريب من الثأر العربي الجاهلي، دونته صفحات التاريخ ومثله المسلسل المعروف المشهور “الزير سالم أبو ليلة المهلهل”.
أقول من نوادرهم العربية أيضا في هذا المعنى، رجل آخر غاضب من مقالة صاحبه، المتشاجر معه، حبسه عن الكلام طرف ثالث، منعا للإجابة على ما أغاظه، بوضع يده على فمه، ولعله حبس عنه النفس بشكل محدود، ولكنه حبسه قطعا عن القصاص اللفظي المشروع ربما، فلما رفع يده عن فيه، وجده قد مات.
وأن تعفوا أقرب للتقوى، ولكن بعض النفوس الحارة، مهيئة للإنتقام والثأر، صنعة وخلقة ربانية، أكثر من العفو المجاني، دون تعويض واعتذار صريح، والله، يا ولد بوعماتو لن أعفو عنك لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولا عن الإماراتيين –حكومة- الذين سلموني ظلما وعدوانا، إلا حين تعتذرون على ملإ الدنيا وتعوضونني ماديا، تعويضا كافيا لبعض جراحي (جراحات السنان لها إلتئام
ولا يلتام ما جرح اللسان)
ومرهقا لبعض مصالحكم الدنيوية، حتى لا تتكرر الحالة اليتيمة، تسليم صحفي عربي، من دولة عربية إلى أخرى، ويكون التعويض الإماراتيين بمليارات الدولار، لأن هذا أقل ما يتذكرون، ولو تذكرا عابرا لكثرة ثروتهم –ما شاء الله-.
أما ولد بوعماتو فأمره معقد، لا أظن إن أعطاني كل ثروته الحرام، في أغلبها أو بعضها على الأصح تحريا للصدق، هل سيسكت بعض غضبي، الذي هو جزء من غضب الله-بإذن الله-، لا أقولها تزكية للنفس وإنما تفاؤلا وتحدثا بنعمة الانتقام الرباني المشهود (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره)، ولتنظروا ما صنع به خالق الخلق.
ظلمنا وسحقنا ثم يقول بعض زملائنا لا كلهم، مثل صاحب الزمان الذي له صلة مودة وصحبة عادية بولد آده، لا أستطيع نشر كذا أو كذا، أو يتصل عليك ولد ازوين مزبدا ومرعدا، لأن أحد أسياده من المخابرات، ولد آده أو مكت، مسه زيد أو عمرو من الكتاب الذين لم يرزقوا بصلة بالمخابرات، رغم سعيهم لها أحيانا دون جدوى، فهم أحر نفسا وأقوى ضميرا من أساليب استغلال القذرة، رغم علاقاتهم التكتيكية أحيانا ببعض الجهات الأمنية، أما بعض الزملاء فهم قلة لله الحمد، من الذين لا يحمون مصالحهم إلا بنهج ولد عمير والتاه بالتحامل على من مس من جناب ولد بوعماتو، لأنهم في صحفهم ومواقعهم التجارية، يكرسون من قيم التجارة والنشر المشروط المدفوع الثمن، حالا أو مؤجلا، مالا يعد ولا يحصى، ولم يسدد غالبا، فما كسبوا الزملاء ولا أحرزوا المطلوب المندوب من المادة والرشوة تحت الطاولة، فلا الجرائد صدرت، ولا الديون سددت، ولا توفر إفطار صحفي صائم صابر، وإنما تعزز الخوف وثقافته ومسلكه، وما علموا أن الإنسان بقدر ما يفقد من خوف الخالق ورجائه، يعوض بخوف المخلوق الضعيف الهزيل، الذي لا يضر ولا ينفع، والطمع فيه من غير أن يكون قادرا على المنح. لأن خزائن الأمر كله لله، والعباد ليسوا إلا “امراسيل”، ولا تفرطوا فعلا إلى حد التهور في الصلات والعلاقات، ولكن احذروا أن تربطوها بما لا يستقيم من المفاهيم والتصورات.
أكرر الآية من سورة النساء رقم 148 قال تعالى جل شأنه: “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلموكان الله سميعا عليما إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا“.
لقد جاءت مقالاتي على هذا النسق فعلا، محاولة للتفريج عن مرارة الظلم المتجددة، الذي كلما نضبت أحيانا، هيجتها الذكرى، لتفيض وتطغى وترتفع، فلا أجد لها محبسا إلا التعبير المباشر الصاعق، بغض النظر أحيانا عن عاقبته، فلا منجاة من الألم أحيانا، إلا بطريقة آلية، مثل، إلغاء الحامض من الفم، حتى في اللباس أحيانا، ما يسمى حسانية “المحور”.
أما التفكير قبل ذلك فمستحيل، مستحيل، أنشروا أو لا تنشروا.
اللهم من نشر تعبيري عن الظلم، فأنصره وأيده وجازيه عني خير ما جزيت محسنا عن محسن إليه، ومن ستره فلا تستره لا في الدنيا ولا في الآخرة، سواء صحفيا أو محاميا أو قاضيا أو رئيسا أو مرؤوسا، اللهم آمين، يا رب العرش العظيم.
أهنئ موقع الغد، وسائر المواقع من مواقع زملائي، على النشر الواسع التلقائي، المخاطر أحيانا، وهم في أغلبهم كذلك جسارة وجرأة إلا بعض من ذكرت صراحة بشكل مقصود ولهم ملفات سأنشرها بالأرقام والتفصيل، فقد شربوا من دمي ومعاناتي، وركبوا على ظهري، وما “عمر المختار لوتانتيك”، و”موسى صمب سي” ببعيد عافاهم الله، ولا عبرة بالأقلية، فالأكثرية متضامنة، شهدت لصحافتنا بالحكمة والتآزر، وهم من يصنع الآن وغدا تاريخ حرية التعبير الحقيقية في هذا البلد، وأنتهز الفرصة هنا لأحيي تحية عميقة تقبل الله سعيه في الدنيا والآخرة، زميلي الكتوم الذي يعرف نفسه وكذلك الزميل الهيبة ولد سيداتي ونعمة عمر وموسى ولد حبيب ورياض وأبو المعالي وعبد الله الفتح ومحمد ولد مالكيف الملقب “شنوف” والإعلامي الصاعد عزيز ولد الصوفي، وكلهم مازالوا يصبرون على معاناتي وخصوصية رأيي، ويكرسون المهنية قدر المستطاع، واقعا لا شعارا أجوف، ولا دخل لي في خصوصياتهم، ولابد لكل إنجاز كبير من مخاطر كبيرة أحيانا، قال الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
وقال آخر:
ومن يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر.
وقال ربنا: “أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنونولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين” من سورة العنكبوت
وقال تعالى في سورة البقرة: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُالَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُوَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَآمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِقَرِيبٌ”.