عرض الأمين التنفيذي المكلف بالشؤون الإسلامية الشيخ بونا عمر لي بمناسبة ذكرى بدر الكبرى رمضان 2014 حول موضوع “الوحدة الوطنية والتعايش السلمي في الإسلام”
الوحدة الوطنية تعني اتفاقجميع عناصر الشعب بمختلف شرائحه وطبقاته واتجاهاته على تغليب الانتماء الوطني على أي انتماء آخر مهما كان، بعيدا عن الأنانية والذاتية ، لأن تعدد الولاءات لايساعد على اللحمة الوطنية ، بل يسهم في تمزيق النسيج الاجتماعي للوطن.، وهم مصطلح جد في الساحة مع تنامي الوعي الديمقراطي و سيطرة العولمة فطرحت اشكالية المواطنة وحقوق الأقليات ..
والتعايش السلمي يمثل وعي الشعوب لمصلحتها وايمانها بقضيتها ، ويعني تعاون الدول فيما بينها والتعاون في مصالها الاقتصادية والتجارية ، وهو مصطلح نما بعد الحرب العالمية الثانية ، أما المجتمعات الاسلامية كانت طبيعتها الوحدة والتعايش السلمي بحكم دينها الحاض على التعاون على البر والتقوى
جاء الإسلام ووجد الشعوب تعيش صراعات قبلية وطبقية وعنصرية فأعاد الاعتبار للقيمة الإنسانية بوحدة المنشأ البشري ، (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
وصور رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيعة المجتمع الصالح مرة كالجسد وأخرى بالبنيان المرصوص وأخرى بركاب سفينة مهددة بالغرق إذا لم تتضافر الجهود لمنع العابثين عن خرقها تبعا لأجندات خصوصية مغفلة
أكد القرآن الكريم ارتباط الأخوة بالإيمان قال تعالى (إنما المومنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم .. ) ، وإذا لم تكن الأخوة فثم خلل في الإيمان، فبدأ مشروع تصحيح المصطلحات الجاهلية التي تنغص الوحدة والتعايش السلمي بين الناس ، كما قال لأبي ذر عندما عير بلالا بسواده ، يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية ، ومفهوم الجاهلية (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ) ففرغه من المضمون القبلي وشحنه بالمعنى الايجابي بالأخذ بيده ظالما ورده عن الظلم ، وكانت دولة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة نموذجا للإرساء قواعد الوحدة الوطنية والتعايش السلمي في المجتمع تجسد ذلك في :
نظام المؤاخاة بين المهاجرين اللآجئين واخوانهم الأنصار إلى درجة التوارث بها ، قبل أن ينسخ بعد وقعة بدر
وثيقة المدينة : وكانت وثيقة المدينة دستورا متقدما في تحديد المواطنة وقيم التعايش جاء فيها :
إن المهاجرين والأنصار أمة واحدة ، وأن أيديهم جميعا على من ظلم أو ابتغى دسيعة إثم ولو كان ولد أحدهم
إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ….
واقتضى تأمين المجتمع ضبط الحدود التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها حرما آمنا ، والإذن بالجهاد لتمارس الدولة وظيفته العسكرية ،
تطبيق الرسول التمييز الإيجابي لإعادة التوازن الاقتصادي والاجتماعي فعندما أفاء الله بغنائم بني النضير، خير الانصار بين أن يوزعها على الجميع ويبقى المهاجرون في دور الأنصار كما كانوا ، أو يوزع على المهاجرين ليستقلوا عن دورهم ، فقال الأنصار بل تقسم عليهم ويبقوا في دورنا كما كانوا ، ونفذ الرسول ذلك ، إلا أنه أعطى لإثنين من الأنصارلحاجتهما (أبو دجانة وسهل بن حنيف)
حل المشاكل المنغصة للوحدة والتعايش بسياسة طي الملفات :
في خطبة الوداع : أعلن على روس الأشهاد أن دماء الجاهلية موضوعة وأول ربا أضعه ربا عمي العباس ، ودماء الجاهلية موضوعة وأول دم أضعه دم ابن ربيعة بن الحارث ..وهكذا طوى الملفات الخطيرة وكانت بؤر المشاكل المشوشة على التعايش والوحدة .
علمنا القرآن الكريم حكمة نبي الله يوسف في طي الملفات المزعجة : فبعد مر بالمرحل الصعبة في الإسترقاق وتعرض لعمليات البيع والشراء ودخل السجن .. إلى أن صارا وزيرا للمالية في ملك مصر واستقدم أبويه وإخوته الذين ورطوه بهذه المآسي ، ولكنه عندما قدم تقريرا لوالده عن هذه المعاناة لم يكن انتقاميا ولاناكئا للجروح بل اكتفي بإشارة واعية (… وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ، من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ، ) ملخصا بذلك مأساة الاسترقاق وفاتحا صفحة جديدة للإنسجام والتآلف، فالرق ظاهرة تاريخية تجوزت ، وكان يمكن أن يتعرض لها كل شخص كما تعرض لها نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي ، يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم
ولاشك أن بلادنا سائرة على طريق طي الملفات المزعجة نذكر من ذلك :
حل مشكلة الإرث الإنساني التي كانت مقلقة للوحدة الوطنية والتعايش السلمي في بلادنا فالصلاة الترحمية في كيهيدى فتحت القلوب وشفت الجراح وغسلت السخائم وغرست المحبة والتآخي والتسامح والسلام ، فانطوت بذلك صفحة قلقة ، وانفتحت صفحة لبناء الوحدة والتعايش السلمي بين الأشقاء ، فلا داعي لنكء الجراح واستبطان أجندات خصوصية
حل مأساة الرق : لقد جرمت الظاهرة وارتفع مستوى التجريم من فرار إلى قانون ثم رفع أخيرا إلى مستوى الدستور ، وأنشأت وكالة التضامن لإمتصاص مخلفاتها وإزالة المعوقات بتطبيق التمييز الإيجابي الذي يقوي اللحمة الوطنية ويصون التعايش السلمي بعيدا عن المزايدات .
عرض الأستاذ بون عمر لي
حسن بي