إعادة نشر تأبين عبدالله ولد انويكظ رحمه الله
رحل إلى رحمة الله عبد الله ولد محمد السالك ولد انويكَظ ليلة الخميس 1/مايو2013 إثر وعكة صحية عابرة ، وبرحيله يختفي من الدنيا – جسما وبدنا – المغفور له ، ويبقى أثره الإيجابي من بعده ، ذخرا له بالذكر الحسن في هذه الدنيا ، والأجر والثواب الجزيل – بإذن الله – في الدار الباقية ( والآخرة خير وأبقى ).
نشأ وترعرع الفقيد في وادي أتويزكت ، 10 كلم من مدينة أطار ، واشتغل مبكرا بالتجارة وانحاز إليها ، في جو من التكسب الحلال وبرا لوالدين.
عبد الله الفتى الحي المثابر ، لأبيه محمد السالك رحمه الله ، وأمه آمنة، المعروفة رحمها الله ، عند أهل اتويزكت بكثرة صدقاتها وإحسانها ، رفض الاستسلام للظروف الصعبة ، وأقدم على ساحة الجد بوسائل بدائية محدودة ، ثم سافر إلى سوق الجزائر الحدودي، في تيندوف ، مع ابن عمه الأكبر منه ، سيد أحمد ولد برو رحمه الله ، وتدرج في ميدان التجارة ، متحولا إلى أقصى الشمال ، قي نهاية الخمسينات ، ببير امكرين ، وبرز منذ ذلك العهد ، متفوقا على أقرانه من التجار الشباب ، خصوصا المنحدرين من ولاية آدرار، القاسية المناخ والموارد .
وما لبث أن تطور نشاط الرجل الصبور الذكي ، متوسعا إلى روصو وغيرها .
وكانت له سفرة بحرية ، إلى شنغهاي في الصين ، في سنة 1966، على متن سفينة تمخر عباب البحر،وهو الفتى الآدراري ، الذي ما عرف إلا الجبال والصحاري والواحات .
ومع مرور الوقت أصبح عبد الله رحمه الله ، من أكبر المساهمين الخصوصيين في تنمية القطاع التجاري والصناعي في الوطن .
وذاع صيته وظهر نابغا موهوبا ، في هذا المسرح المالي الصعب .
ولم يتوان عبد الله ولد انويكظ عن الإسهام في المجهود الحربي ، في منتصف السبعينيات عندما طلب منه الرئيس الراحل المخطار ولد داداه رحمه الله ذلك العون الإستعجالي .
غير أن هذا الرجل – ذي الإرادة والطموح الواسع – رحمه الله وتغمده بشآبيب لطفه ومغفرته ، لم ينسى المحاظر والمساجد والضعفاء ، فكان إسهامه المستمر في لجنة المساجد والمحاظر ، الهيئة المعروفة في هذا المضمار، وساهم بسخاء في إعادة بناء المسجد العتيق بأطار ، وتأسيس معهد إسلامي في أطار،قبالة المسجد ، باسم مالك ابن أنس رحمه الله ، كما كان دائما قيوما على المسجد العتيق المجاور له في لكصر، الذي كان يأمه العلامة رحمه الله بداه ولد بصيري،ثم أعاد المغفور له ، بنيان هذا المسجد العتيق ومحظرته ،على أحسن وجه ، تقبل الله منه .
وله أيادى بيضاء كثيرة متعددة الأوجه ، أغلبها سر ، لايعلمه إلا لله ، أو القلة القلائل .
قال رسول الله صلى الله علية وسلم ( لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها للناس ).
قبل أيام مررت بنجله الأكبر محمد ، فقال لي تعال للمقيل مع الوالد عبد الله ، فكان ذلك المقيل الأخوي الطابع ،المفعم بروح الفكاهة والتواضع ، والانفتاح، وعندما هممت بالوداع ،قلت له لن أنساك في الدعاء ،قال ممازحا، معبرا عن عمق توكله على ربه : “هيكل “( أفصل أنت فيه )، أي أحوج أنت منى لهذا الدعاء .
لقد كان بعيدا عن الاعتقادات الفاسدة ، يقدر أهل الخير، ولا يتعاطى مع الخرافات والمبالغات .
كان دائم الصلوات، حيث ينادى بهن ، كثير القصد لبيت الله ، حجا وعمرة ، ولم يعرف عنه الانشغال باللهو وتضييع الوقت .
هو المعلم الأكبر في مدرسة الجد والصبر، في هذه الحقبة من تاريخ الوطن ، ومنذ أن دخل ميدان العمل التجاري مبكرا ، شيد المؤسسات وبنى المصانع، على قدر جهده رحمه الله .
رجل حكيم بعيد النظر والطموح ، رقيق عطوف وقت اللين ، حازم وقت الحزم والعزم والصرامة .
له تجربة كبيرة في التجارة والاستثمار والشراكة ، تستحق الدرس وأخذ العبر والملخصات لمصلحة العمل التنموي ، في حاضر ومستقبل البلاد .
نرجوا الله أن يتقبل عمله الصالح ويتجاوز عنه، ويخلفه خلافة حسنة في أهله وماله ، ءامين .
رحمه الله وسائر موتانا وموتى المسلمين ،ورحمنا إذا صرنا مثلهم .
بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة” الأقصى “
ملاحظة: كتبت هذا المقال يومان بعد وفاة الراحل صديق والدي عبدالله ولد محمد السالك ولد انويكظ، ـ وبرور صديق الوالد من بروره – وأضيف في هذا المقام بعد مرور سنة على وفاة الراحل تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته في فردوسها الأعلى، إنني خالطت هؤلاء وأشهد لهم بسرعة الرضا بعد الغضب ولين العريكة لمن لم يجادلهم جدالا عقيما أو يظلمهم، وسرعة البديهة و البركة في المال بسبب الصدقات المستورة التي لا يبوحون بها ولو خالفتهم وشاحنتهم، وأرجو الله لصديقي الحميم الشديد الوفاء – محمد ولد عبدالله ولد انويكَظ – أن يلهمه الله إكمال مشوار أسلمة المصرف وكافة نشاطه الحيوي لله الحمد في المجال الإقتصادي.
وللتذكير توفي عبدالله ولد انويكَظ فاتح مايو 2013 بمنزله في لكصر انواكشوط، ونرجو بمناسبة هذا الرمضان الحالي المبارك أن يسامحه الجميع ويدعو له بالخير ورحمنا إذا صرنا مثله.