رمضان ومدرسة الجهاد الغزاوية
مؤلم فعلا أن يستشهد الأطفال والنساء والرجال البرءاء، العزل، من غير حملة السلاح، إلا سلاح الإيمان والوطنية الفلسطينية، إلا أنه مهم في المقابل أن تكون أبسط النتائج أن يستيقظ بعض الإحساس العالمي والإسلامي خارج أسوار غزة بالمظلمة الفلسطينية المدوية البشعة.
شعب بريئ تسلب أرضه ويهتك عرضه ويسفك دمه، بدون ذنب، إلا أنه قال ربي الله وديني الإسلام -في أغلبه على الأقل- وأبى أن يستسلم للمحتل المعتدي الصهيوني، ويخرج من أرضه، فصبر وبقي، رغم القتل والتمثيل المروع التاريخي!.
أجل، لقد افتتح الله لسائر المشاهدين المسلمين مدرسة جهاد سريع النفع للنفس والعقل، ورغم الألم كانت الأحداث في غزة في هذه الأيام الرمضانية الصعبة الضاغطة بموت الأخلة والأحباب في غزة، وفي كثير من بقاع الوطن العربي بوجه خاص، أرض الحريق المذهل والصراع الدموي الخطير المتفاقم، وضاغطة كذلك -أي أيام رمضان هذه –بالصيام والقيام، مع متابعة أوضاع إنسانية تمزق شرايين القلب لا قدر الله، من شدة وقع المشاهدة بوجه خاص!.
لكن هكذا واقع المسلمين الفلسطينيين في كل وقت تقريبا، وخصوصا في غزة في رمضان هذا 1435 هـ الموافق للسنة العجمية 2014 من شهر يوليو (تموز).
فتموز الجهاد، كان مؤلما داميا صعبا، إلى أقصى الحدود، لكنه كان مدرسة جهاد مفتوحة لسائر المستمعين والمشاهدين والمتابعين، من المسلمين بوجه أخص.
فهل نعي الدرس الجهادي الغزاوي الرمضاني، أم يمر عند أغلبية عامة ورعراع المسلمين، وكأن طيورا شويت وتطايرت أرواحها بوحشية وعبث فحسب، دون أن نعرف ونوقن أن الشهداء في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وهل نفتح عقولنا وقلوبنا، بصدق وجدية كاملة وتركيز حقيقي، لنستوعب العبر والدروس الجهادية الغزاوية الرمضانية السحاء الكثيرة المنهمرة، مما يقع اليوم في أكناف بين المقدس، وعند بيت المقدس نفسه، من التظاهر والتضامن، ورغم جو القتل والعبث بالأرواح الإنسانية، على أيدي الصلف الصهيوني الجامد الحس المتجمد، عن إدراك العاقبة الوخيمة عليهم، فلقد فتحوا النار على أنفسهم بصورة جماعية.
وأصبروا معشر المسلمين وغير المسلمين، فسترون كم ستتحول بحور دماء الفلسطينيين المظلومين المغدورين، من قبل الصهانية وأغلب الأنظمة والشعوب العربية والمسلمة قريبا، إلى نقمة وجهاد وشيك خالص لوجه الله، يخرج في الأسود من مختلف أقطار الدنيا، وبخاصة من أرض الإسلام الواسعة، ليأكلوا الصهاينة أكلا لما عجيبا، وفي أقل من عقد من الزمن، عندما يكتمل انتصار الربيع العربي الحالي، ذي الطابع الإسلامي المدني التشاركي الموزون، وحتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي ورائي تعالى فاقتله.
لقد مثلت أحداث غزة إشارة بقرب نهاية اسرائيل، أو على الأصح الكيان الصهيوني اللقيط.
إنها فرصة العمر أن نقترب من أجواء الجهاد على الأقل، عبر مدرسة أكاديمية متخصصة في رمضان بالذات زمانا، وفي غزة مكانا، في وسط الشهر المبارك في مظان ليلة القدر بالعشر الأواخر.
فلنجتهد لهم بصواريخ الدعاء والمشاركة المالية والمعنوية المباشرة، فهذا كله جزء من الجهاد، وقد يكون الجهاد بالمال أحيانا، أو بكلمة من منبر إعلامي مؤثر صادق، لا تقل أهمية، عن التقرب بالروح على أرض الواقع الجهادي الغزاوي المبارك الجلي، ولا يقلل ذلك من أهمية فتح الطريق، عبر إسقاط الأنظمة المستبدة، دون فتنة، عسى أن يفتح الطريق عمليا، لخروج المسلمين فرادى وزرافات إلى ساحة الاستبسال والفعل الجهادي المباشر.
إن الدعاء سلاح فعال، قال الله تعالى “قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا”
إننا مطالبون بالتفكير في إنشاء فيلق جهادي مشرع على أرض شنقيط، يتلقى الدعم من النظام والشعب، سواء بسواء، رغم لوثات الحالي، وإن منعونا الجهاد، جاز لنا أن نفكر وندبر، ولا نألوا جهدا لفتح الطريق، إلى الأقصى الأسير، وليكن اسم هذا الفيلق الجهادي الشنقيطي، مثلا، قوافل الأقصى، والانتماء إليه علني، وهدفه التسلح العلمي والشرعي والتدريبي، للتأهل للمشاركة في المعركة الكبرى الفاصلة، حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله، إلا شجر الغرقد، فإنه من شجر اليهود.
هذا حقنا الإسلامي المشروع، البديهي الدفاع عن شعبنا الفلسطيني المسلم الشقيق، بكل المعاني العقدية والدموية، وقصدا لتحرير الأقصى، وفلسطين الأسيرين الغاليين!.
ولابد من إثارة هذا الموضوع في أعلى المستويات الشرعية والفقهية العلمية البحتة، والإعلامية والسياسية المعينة، تمهيدا جديا للخروج من السرية المتوهمة عند البعض، أن بعضنا سيتبناها، ما الداعي، إما أننا مع أنظمة مسلمة، ولو كانت مستبدة مستحوذة ظالمة، فعسى أن لا يصل ظلمها، إلى حد منعنا من الجهاد بأنفسنا وأموالنا -إن وجدت- والدفاع عن الحياض والحمى (وما أغلى الحمى والحرمات حين تكون حرمات الدين الإسلامي الحنيف الخاتم)، ولتخرج نخبنا الموالية والمعارضة على السواء، من حيز خداع النفس وعباد الله وخلق الله على شتى أنواعه، وليطرحوا مسألة إقامة وزارة للتحرير، تسهم بالدرجة الأولى في جميع قضايا المسلمين المتطلبة لذلك الجهد الإعلامي أو السياسي أو العسكري أو التنسيقي أو الأمني، أو غيره، وخصوصا قضية فلسطين المستغلة.
ولا خير فينا إن لم نقلها، ونتحرك -عمليا وبحكمة- لتنفيذها، أي كلمة الحق وخصوصا لصالح إخواننا الغزاويين الفلسطينيين، الذين يذبحون يوميا من الوريد إلى الوريد، ولا يتحرك فينا إلا بعض المشاعر، وكأننا نساء خلقنا للعواطف والبكاء، دون الحسم والسنان والدماء والمقارعة، حتى نلقن الصهاينة درسا، يبقى أبد الدهر.
وأقول لأهل موريتانيا، إن لم تفعلوها منسقة، وعن مشورة وإجماع واسع إن شاء الله، فسيأتي الله بقوم من بني جلدتكم، اللهم اجعلنا منهم، يحبهم ويحبونه، يجاهدون في الله حق وإخلاص جهاده، ويتخطون كل الحدود الموصدة، وستسمعون عن قريب بإذن الله عن مساهماتهم النوعية، نصرا واستشهادا واستبسالا في ساحة الوغى، ولتعلموا أن الموريتانيين موجودين بكثرة في “القاعدة” و”داعش”، أليس هذا المسرح الغزاوي المنشود الوصول إليه، أصفى وأحلى وأقنع وأكثر اطمئنانا، حكما ومبررا ومسوغا واضحا بينا، فلا تتأخروا وفكروا معي في مخرج جهادي سريع، يوصلنا إلى أرض المعركة.
اللهم لا تبارك في بقية أعمارنا –إن لم تكن هذه هي حقيقة نيتنا وعزيمتنا ومقصدنا لنيل رضوانك وجنتك عبر الرد عن عبادك المستضعفين المظلومين المعذبين في الأرض تعذيبا على أيدي أبناء القردة والخنازير من لقطاء بني صهيون- اللهم آمين، اللهم أوصلنا إلى أرض المعركة، دون تأخير أو نكوص، فنقتل أو نقتل إن شاء الله، مقبلين لا مدبرين، بقصد رضوانه وحده، لا طلبا لرياء ولا فخر ولا ذكر، إلا ذكرك يا الله، يا أكرم الأكرمين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم امنحنا الصدق والثبات والعون لذلك، وأشركنا في أجره ومسرحه المباشر، غير فاتنين ولا مفتونين، اللهم آمين.
يا صلاح الدين الإبن، شد الحزام ودبر الأمر وفكر مليا، فما عاد لنا من عيش كريم في هذه الأرض الإسلامية القصية الحبيبة العزيزة، بعد ما رأينا الجنة مفتحة مشرعة أبوابها، وقد طابت وطاب طلبها.
فالسعي والحراك للوصول إليها إن شاء الله.
فماذا ننتظر غير مركب وثير دنيوي زائل زائف، منغص بمختلف المكدرات الدنيوية الطبيعية، أو ولد يرهق بالمطالب أكثر ويشغل عن طريق الجهاد، أو مال يلهي جمعه أو يحرق القلب فقدانه والطمع فيه، وبذل المهجة الغالية فيه، لحصول بعضه، وهو لا يستحق بذلها، أي المهج، إلا في الله، ولله، “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ”، فتعال معي يا ولدي، كن لي سندا وعضدا، فندعوا أهلنا في هذه البلاد إلى الجهاد وهجر المضاجع والتوبة من خيانة قضايا المسلمين، وخصوصا أهل أكناف بيت المقدس، فإن استجابوا لنا بجهاد جماعي فنعم الأمر، لله الحمد والمنة، ونعم النصر العميم في هذه الهداية الجماعية المباركة الميمونة، المبشرة بنصر قريب، إن شاء الله وإلا حزمنا أمتعتنا وأمرنا وخرجنا، ولنقم في أرض غزة وأكناف بيت المقدس، ونساهم هناك، إعلاما وجهادا، حتى ننتصر أو يستشهد إن شاء الله، مقبلين غير مدبرين، ولهذا سميت قدما، صلاح الدين، تيامنا باسم المجاهد المحرر للقدس العزيزة، من قبضة الصليبيين يوما، تحرك وانتفض وقم فأنا في انتظارك إن شاء الله، دون تردد أو تأخر بإذن الله، ولابأس بتحريك الشارع المحلي، عسى أن تكون النهضة الجهادية أوسع، لتكون أكثر تأثيرا، إن شاء الله.
حرك قلمك السيال في الإعلام التواصلي “فيسبوك” وغيره، فالقوم من أنصار الصهيونية الدولية يخوضون معرفة إعلامية لا تقل شراسة في هذا المنحى، ولتتعلم من فنون تفوقهم الإعلامي والتقني، لتحاربهم به، فقد استفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عدوه المجوسي الفارسي، وقت غزوة الأحزاب، بعد أن وجهه بأدب ولباقة، سلمان الفارسي الصحبي المؤمن إلى ذلك، فقال له يا رسول الله: “كنا إذا خفنا خندقنا”، فبدأ صلى الله عليه وسلم فورا، بتنفيذ الخطة.
اهجموا يا أبناء المسلمين عبر صواريخ الدعاء، وصواريخ الإعلام المدروس، الموجه بدقة وإخلاص وإتقان!.
وفي “اتويتر” فرصة للجهاد والمؤشرات والإحصاءات العالمية لاحظت كثرة العرب والأفارقة في المغرب العربي وغرب افريقيا، بصورة متزايدة على صفحات “فيسبوك” بوجه خاص، واستغلاله من قبل البعض ايجابيا، للتشجيع والدعوة للصيام والقيام في الشهر الحالي، حسب تلك الدراسة المنشورة قبل أيام في موقع “أقلام”.
فلتكن هذه المرة الفرصة الإعلامية الذهبية المؤثرة إلى أقصى الحدود، للدعوة للتضامن مع إخوتنا الغزاويين المنكوبين، بل والدعوة للنزول إلى ساحة الفعل الجهادي المباشر، فلماذا تعاطى (أي الصهاينة) من مختلف أقطار الدنيا وتجمع شتاتهم، منذ وعد بلفور سنة 1917!
وتجمعوا في أرض الميعاد (فلسطين)، حسب اعتقادهم، وسموها اسرائيل، وأقاموا كيانا مفبركا على عجل، بدعم وتخطيط عميق منهم، وبدعم صليبي، أمريكي بريطاني غربي واسع، صنع معجزة وأسطورة اسرائيل، التي لا تقهر حسب أنصارها.
فما وقع هذا الإنجاز الصهيوني بالعواطف فحسب، وإنما بالتضحية بالنفس والمال والوقت وكل الجهد البشري المتاح، فإن علم الله فينا صدقا، فليعيننا ولينصرننا قريبا بإذن الله، فلنتحرك جميعا، كل من موقعه، وكلنا على ثغرة من ثغور الجهاد والإيمان والتضامن والإسلام العظيم، الفسيح، المعاني والمبادئ والدلالات.
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”.
يا خيل الله اركبي، حان وقت العمل والفعل المخطط المهيئ الموصل، وآن وقت هجران النوم والتراخي وخيانة الأمانة.
إن نصرة إخواننا من أكبر الأمانات في هذه الأرض: “من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم” ولقد شبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، وقال المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، وقال صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْوَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُعُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.
اللهم ارزقنا الإيمان وأربط على قلوبنا وعزيمتنا هذه، وأرزقنا النصر أو الشهادة، وما ذلك على الله بعزيز.
بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة “الأقصى”