ضياع أمل… وحلم… وعذوبة…
في احد مساءات العاصمة نواكشوط كنت اقف عند احد ملتقيات الطرق في انتظار قدوم احد الأصدقاء للذهاب إلى مكان بعينه……
كانت حركة السير ومحاولة أفراد امن الطرق التغلب على فوضوية السائقين وضبط المرور، تشكل رافدا قويا من روافد التسلية والإمتاع كما هو الحال مع تلك الإشارات التي تشبه إلى حد بعيد لغة الحديث عن عاشق خجول يخوض داخل زحام بشري غمار اللقاء مع محبوبته لأول مرة.
ادرت ظهري للخلف ابحث عن قدوم َ~ صديقي~ الذي تأخر عن الموعد المحدد قرابة ربع الساعة، فجأة فإذا بيد صغيرة تمتد إلي تحاول الإمساك بجناحي الأيسر أربكني الموقف قليلا قبل ان التفت التفاتة سريعة مصحوبة بجملة أتت متعثرة من طبقة الصوت الأولى …..”من انت؟”
وبصوت جميل مصحوبا بتعابير وأنفة جمال الصحراء القاتل خاطبتني تلك الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها السادسة قائلة “خوي أعطين متين انبوص بيه شور أهلي”
بقية منهار أمام الموقف لعدة دقائق أتأمل عيونها التي تنبض بالجمال الحائر في عتمة الواقع، الذي فرض على هذه الطفولة البريئة ان تنغمس في مستنقع وسخ ترعرع ونما في شوارع وطن مريض،
خاطبتها وأنا لا زلت تحت هول الصدمة ….. من أنت …. من جاء بك إلى هنا….. اين تسكنين!! …..
َ كانت الصغيرة أكثر ثقة وتماسكا مني بحيث أجابت أنا أختك من مالي جئت مع والدي بسبب الحرب الدائرة هناك وأريد ان اذهب إلى المنزل وليست عندي نقود لسيارة الأجرة…
تساءلت في نفسي ألا يحق لهذه الصغيرة الجميلة أن تعيش كبقية أطفال العالم…
هل من حق تلك الصغيرة أن تهتز أركان طفولتها عبثا ويصرخ الزمن في وجه أحلامها البريئة على هذا النحوي الهدام…
هل ستذبل تلك الابتسامة الساحرة المليئة بالخير والحنان…والحب .. والصفاء… وتتحول إلى طلاسم يستحيل حلها ليضيع بذلك أمل وحلم وعذوبة.
حسبنا الله ونعم الوكيل !!!!!
بقلم : الحافظ عبد الله صحفي موريتاني