الوزير الأول يحيى ولد حدمين: ضربة معلم / الولي ولد سيدي هيبه
حسنا فعل رئيس الجمهورية بأن عين وزيرا أولا من غير الذين هيأتهم بأساليبها عديد اللوبيات، السياسية “الكانتونية” في الأغلية و في المعارضة المتحايلة جميعها على الإدراك المجتمعي العام و بكيد دعاياتها “الغرضية” المربكة، حتى يقطع الطريق على مشاريعهم ذات الشعب المتباينة إلى الطموحات الضيقة في أهدافها من ناحية، و المتلاقية عند نقطة احتجاز الوطن داخل حظائر سرايا أحلامهم الخاصة من ناحية أخرى. و حسنا فعل أن اختار رجلا غير ملطخ برواسب و أدران الفترات الماضية التي لا شك ستسيل يوما الكثير من الحبر و تفتح الباب أمام مراجعات ضرورية باتجاه دعم الحرب على الفساد و المفسدين و التي آتت بعض أكلها خلال المأمورية المنتهية. و هي الحرب الهامة و التي لا بد أن تظل هدفا متقدما و ملازما لكل مراحل تنفيذ البرنامج التنموي العام. و لما كان الدكتور مولاي ولد محمد لغظف قد أبلى بلاء حسنا خلال قيادته للحكومة طيلة الفترة المنصرمة و هو الأمر الذي لا يختلف عليه اثنان، فإن فترته تلك قد شكلت مخبرا حقيقيا لصناعة و إرساء قواعد “الاستقرار الحكومي” إن جاز التعبير، بحيث توقفت معه فوضوية الترحال ما بين القطاعات و عبثية استبدال و تجديد الوزراء. و هو الأمر أيضا الذي كشف عن إضعاف ملموس لقوة التيارات النشطة بكل اتجاهات النفوذ القبلي و الإثني و الحقوقي و الرأسمالي، مما خلق هامشا معلوما لإضفاء المصداقية على الوزراء و قد ترك لهم حيزا محسوسا من الوقت يؤدون فيه المهام الموكلة إليهم. و لا شك بعيدا عن التأثيرات من أي نوع كانت من الاعتراف بأن هذه الحكومة و بغض النظر عن بعض الهفوات و التعثر الملحوظ في عمل بعض القطاعات و النقص المدرك في أصناف من الخدمات، قد حققت قدرا معتبرا من الانجازات الحيوية الكبيرة و أشاعت أجواء غير مسبوقة من الأمن خففت إلى حد بعيد ما كان قائما قبل ذلك من التوتر و الاحتقان. هي إذا فترة تحسب لقيادة رجل تميز بـ”العملية” أكثر من الحضور “النظري” حتى نأى بنفسه على إثر ذلك عن المعارضة التي كادت لا تجد له ما تؤاخذه عليه اللهم في السياق العام لخطابها المعارض. و لم تكن الظروف التي تم خلالها اختيار الدكتور ولد محمد لغظف بأقل “مخبرية” من الوقت الحالي حيث غيبت أحزاب معارضة قوية نَفسَهَا عن الحراك الجديد و أخذ النسيج السياسي شكلا مغايرا مع دخول مستجدات لها أبعاد ها في حسابات العملية السياسية التي منها معالجة المعطى الحقوقي و تجديد الطبقة السياسية. و هي المرحلة التي تتطلب بهذا الوجه الجديد دخول رجل جديد له هو كذلك أن يشكل حكومة تلائم المرحلة الجديدة و تأخذ بمقتضياتها البلدَ إلى آفاق جديدة من التنمية العادلة في ظل تحول سياسي متحرر من القيود التقليدية و منفتح على كل القضايا الوطنية العالقة.