الاستاذ “ولد محم”.. نفس عصام سودت عصاما/ بقلم: سيد احمد ولد التباخ (رأي حر)
لا أحب نقاشات السياسة ولا تروق لي معارك السياسيين لأنها في العادة معارك خالية من البطولة وخالية من شرف الفرسان ..هذا الموقف جعل علاقتي محدودة بالمشهد السياسي ومحدودة أكثر بالفاعلين في هذا المشهد القبيح غالبا.
لكن في كل حالة إنسانية توجد استثناءات، والاستثناء في مشهدنا السياسي أن هناك فاعلا سياسيا فرض نفسه عليّ وأرغمني أن أهتم به وأن أحاول متابعة كل خرجاته وطلعاته الإعلامية، هذا الاستثناء هو النائب البرلماني والوزير السابق الاستاذ سيد محمد ولد محم، والذي يتعرض الآن لحملة جبانة من بعض الأقلام المأجورة التي اعتادت أن تقتات على لحوم الشرفاء لحظات فقط على تغير الزمن لهم!!
مثّل ولد محم بالنسبة لي حالة استثنائية في مشهدنا السياسي لأكثر من سبب جعله يتحول من فاعل سياسي في مشهد سياسي متردي إلى فارس نبيل ورجل كبير يحمل أخلاق الفرسان.
فقد كان الرجل المثقف صوتا للمقهورين أيام كان محاميا يصول ويجول دفاعا عن البسطاء وبحثا عن عدالة مفقودة، وكان رجلا ثوريا يوم وقف يجالد قضاء ولد الطايع دفاعا عن رجال حملوا البندقية انتصار للأرض والإنسان، وكان خطيبا مفوها يوم تربع على شاشات إعلام العالم ليقنع الدنيا أن التغيير في موريتانيا ضرورة وطنية، وكان سياسيا بارعا حين أشعل النار في خطاب المعارضة وأظهر ضعف حجج قادتها وهشاشة موقفهم السياسي، وكان وزيرا مسؤولا حين وقف وحده عندما غابت دولة بأكملها ليوضح للناس وللرأي العام أن الكذب لا يصنع الثورات وأن الدفاع عن القرآن مسؤولية كل الموريتانيين ولا ينبغي (ولا يمكن ) أن يكون مطية للأغراض السياسية.
لقد أستطاع ولد محم أن يوفق ببراعة في كل المهام التي تحمّل ونجح فيها وكانت جودته أكبر من المسؤوليات التي أنيطت به، ولا ينبغي أن تكون محاكمته اليوم على أساس الموقف الشخصي من الخط السياسي الذي يتبناه ولد محم ويقتنع به ويدافع عنه، إنها قناعته الشخصية ولا أحد يملك القدرة على إرغام الناس على قناعات معينة على أساسها يهاجمهم أو ينتصر لهم.
إن أي شخص يحترم نفسه لا يستطيع اليوم أن يتحدث عن فشل لولد محم أو عجز فيما تحمل من مسوؤليات أو ممارسة أي تجاوزات مالية من أي نوع، فالرجل ـ كما يعرف الجميع ـ لم يدخل الحكومة قادما من الشارع، ولم يقفز إلى السلطة قادما من ملجئ أيتام. إنه عصام القرن الحادي والعشرين، عصام الذي سودته نفسه وعلمته الكر والاقداما وصيرته ملكا هماما، لكن يستطيع أصحاب الأقلام المأجورة والجبناء التطاول والهجوم والخوض في أعراض الناس التي ربما يكون الزمن قدر تنكّر لها!!
هذه الحرب القذرة حرب للجبناء ولا تليق بالفرسان وولد محم فارس نبيل ولن ينزل لمستوى من خلق ليمتطي “الأتان” ومن خلق ليصنع الفخاخ، وسيظل قامة سامقة فكرا وثقافة وأدبا وموقفا كبيرا نبيلا من الوطن ومن الناس، وسيكون مخطئا جدا هذا النظام السياسي حين يفرط في واحد من أهم عقوله وأهم منظريه ومثقفيه، ولن يفلح الكتاب المرتزقة أصحاب الأقلام المأجورة في كسب معركة فشل فيها أسيادهم من المفسدين ولصوص المال العام، فالرجل ـ كما أسلفت ـ قد ارتقى بحيث لم يعد يصله رمي قصار القامة. بقلم: سيد احمد ولد التباخ/ إعلامي