إنها تستفزكم!!
هناك جملة من الأمور والتصرفات التي تقوم بها السلطة الحاكمة لم أجد لها تفسيرا منطقيا ومقنعا يجمعها، غير تفسير واحد، قد يبدو لكم غريبا إلى حد ما، وهو أن هذه السلطة الحاكمة تُعارض نفسها، وأنها تبذل جهودا جبارة من أجل استفزاز الشعب الموريتاني، ومن أجل إجباره على أن يخرج في ثورة عارمة ضدها، هذا ما وجدتُ من تفسير لتلك التصرفات الغريبة والمريبة التي تقوم بها السلطة الحاكمة، والتي سأكتفي هنا بذكر أربع منها:
1 ـ فأن تكرر الحكومة على مسامعنا، بالغدو والآصال، بأن احتياطنا من العملات الصعبة قد وصل إلى ما يقترب من المليار دولار، ومع ذلك فيكون تصرف الحكومة المترتب على ذلك هو رفع الدعم عن المحروقات وعن الغاز المنزلي مما تسبب في زيادة أسعار تلك المواد، بل وزيادة في أسعار كل السلع والبضائع، وذلك بسبب أن أسعارها تتأثر وبشكل مباشر بالتغير الحاصل في أسعار المحروقات. فبم تفسرون عدم رفع الدعم عن المحروقات والغاز من طرف كل الأنظمة السابقة، والتي لم تمتلك احتياطيا من العملات الصعبة بحجم هذا الاحتياط الكبير الذي يمتلكه النظام الحالي، وذلك في الوقت الذي سارع فيه النظام الحالي إلى رفع الدعم عن المحروقات والغاز رغم امتلاكه لكل هذه الأموال المكدسة من العملات الصعبة؟ 2 ـ أن تكرر الحكومة على مسامعنا، بكرة وأصيلا، بأنها أصبحت تصدر الكهرباء إلى الدول المجاورة، وذلك في وقت تتعمد فيه على أن تقطع عنا الكهرباء، وبشكل متكرر، ولم تسلم المستشفيات من عمليات الانقطاع المتكررة، وذلك لدرجة أن بعض الجراحين في المستشفى الوطني اضطروا لإجراء عمليات جراحية استعجاليه في قاعة تنعدم فيها الكهرباء، أي خالية من الإضاءة والتكييف. فبم تفسرون أن تصدر الحكومة الكهرباء إلى الدول المجاورة، وذلك في وقت تتعمد فيه على أن تقطع الكهرباء عن شعبها، وأنا لا أتحدث هنا عن القرى والمدن الداخلية، بل أتحدث عن العاصمة، وعن أكبر مستشفياتها؟ ومن المفارقات الغريبة في هذا الأمر هو أنه في الوقت الذي أعلنت فيه حكومتنا المستفزة عن البدء في تصدير الكهرباء إلى بعض الدول المجاورة، في ذلك الوقت بالذات، أعلنت إحدى حكومات الدول المجاورة، والتي من المفترض أننا نصدر لها الكهرباء، بأنها ستخفض وبالنصف سعر الكهرباء عن مواطنيها. فبم تفسرون أن تخفض تلك الدولة التي نصدر لها الكهرباء سعر الكهرباء إلى النصف، وذلك في الوقت الذي تصر فيه حكومتنا المصدرة للكهرباء على أن لا تخفض سعر الكهرباء، ولو بأوقية واحدة؟ ثم إذا كانت شركة الكهرباء بكل هذه الأهمية، وإذا كانت توفر لنا العملات الصعبة من خلال تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة، فلماذا تتركها الحكومة ولعدة أشهر بلا مدير عام، فلماذا لا يتم تعيين مدير عام لهذه الشركة الهامة التي تصدر الكهرباء للدول المجاورة؟ ومن الطرائف التي تذكر في هذا المجال، هو أن الكهرباء انقطعت خلال نشاط لمبادرة من المبادرات الكثيرة التي ظهرت قبيل انتخابات 21 يونيو، وأنها انقطعت في وقت كان فيه صاحب المبادرة يتحدث عن انجازات الرئيس، وعن تصدير الكهرباء إلى بعض الدول المجاورة، فما كان من صاحب هذه المبادرة إلا أن أوقد شمعة ليواصل قراءة انجازات الرئيس، وبما فيها طبعا تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة. 3 ـ من الأمور المستفزة أيضا هو أن هذه الحكومة التي تكرر علينا بكرة وعشيا بأنها تمكنت من خفض نسبة البطالة من 30% إلى 10% فقط، وهو ما يعني بأنها قد تمكنت من تشغيل عشرات بل مئات الآلاف من العاطلين عن العمل (قد يكونون من الجن) ، بأن هذه الحكومة التي تكرر ذلك، قد حرمت أصحاب الشهادات الموريتانيين من الإنس من عمليات التوظيف والتشغيل الواسعة التي قامت بها خلال السنوات الأخيرة، ونحن هنا لا نتحدث عن أصحاب التخصصات في العلوم الإنسانية، وإنما نتحدث عن أصحاب التخصصات العلمية، وعن تجمع “أنا علمي”، والذي نظم احتجاجا أمام الرئاسة في الأسبوع الماضي، وأعلن خلاله بأنه قد مل من تكرار الوعود الزائفة. فإذا صدقنا الحكومة في زعمها، أي أنها قد تمكنت من خفض نسبة البطالة من 30% إلى 10%، وأنها شغلت في السنوات الماضية 20% من العاطلين عن العمل، وهو ما يعني عشرات الآلاف إن لم أقل مئات الآلاف من العاطلين عن العمل، فلماذا حرمت الحكومة التي شغلت كل هذا العدد الكبير من العاطلين عن العمل، تجمع “أنا علمي”، والذي يعد هو الأكثر تأهيلا للتوظيف بحكم التخصص، وبحكم نوعية الشهادات؟ 4 ـ من الأمور الأخرى التي لا يمكننا إلا أن نعتبرها استفزازا للشعب الموريتاني، هي هذه الأكوام الهائلة من القمامة التي تلقيها الحكومة صباحا ومساءً أمام منازل الفقراء في حي “المربط”، وفي “تيفيريت”، وفي غير ذلك من الأحياء التي أصبحت مكبا للنفايات. فلماذا تصر الحكومة على أن تجعل من بعض الأحياء التي يسكنها الفقراء مكبا للقمامة وللأوساخ وللنفايات التي تأتي من كل أحياء العاصمة، خاصة الراقية منها؟ حفظ الله موريتانيا..