ملاحظات على هامش كتاب الأدارسة القلاقمة في موريتانيا

altأهداني أحد الأصدقاء نسخة من كتاب جديد في مجال تاريخ النسب، تحت عنوان “الأشراف الأدارسة القلاقمة في موريتانيا – قبائل أولاد الشريف أبي بزوله نموذجا ” لمؤلفه الدكتور أحمد ولد حبيب الله، أستاذ الأدب الموريتاني في جامعة نواكشوط.

والكتاب في مجمله هو عبارة عن مجموعة من الملاحق، جمعها المؤلف من خلال الاعتماد على وثائق تاريخية أو بالاعتماد على بعض الدارسين والمهتمين بعلم أنساب قبائل الشرفاء المنتشرة في بلاد شنقيط، حيث شكلت نسبة تلك الملاحق ما ناهز 83% من صفحات الكتاب البالغة 246 صفحة، بينما خصصت 42 صفحة الأولى للتمهيد والتقديم والشكر والتقدير.

يعد هذا الكتاب أول محاولة جادة لكتابة تاريخ وتحديد أنساب القبائل المرتبطة بالشريف الصالح المدعو محمد بن شمس الدين والمعروف بأبي بزوله، الذي عاش في القرن السادس الهجري، وعرف بتنقله بين أصقاع بلاد النيجر ومالي وموريتانيا.

فلا شك أن مصاعب جمة تنتظر أي باحث أو دارس لعلم الأنساب في موريتانيا، لأنه بلد وليد مجتمع صحراوي بدوي، يعتمد الحل والترحال في بحثه عن مصادر العيش، ويعتمد الرواية الشفهية بدل التوثيق والكتابة وصيانة الأرشيف والمخطوطات.

لذلك ندرك قيمة جهد الباحث وقوة عزمه على وضع أول أساس، يجمع شتات وثائق ومعلومات متناثرة عبر كثير من المكاتب ودور العلم، محاولا تمكين القراء من فحصها والمقارنة بينها وفتح المجال أمام الدارسين والباحثين في المجال لتنقيتها واستخراج نقاط التقائها ورصد نقاط اختلافها.

ويعد هذا العمل جهدا تكامليا، شارك فيه عدد من  الباحثين والمهتمين من أبناء قبائل أولاد الشريف أبو بزوله والمنحدرين من مختلف مناطق البلاد، وهو بذلك يمثل نموذجا للتكامل والتعاون والبحث المشترك من أجل إبراز الحقائق التاريخية وسبر أغوارها.

استطاع المؤلف أن يبرهن على وحدة أصل خمس قبائل موريتانية،من خلال وثائق تاريخية، جمعتها العادات والنسب الواحد المتمثل في انتسابهم للشريف أبي بزوله وفرقتهم الجغرافيا والمصالح.

ومع تقديرنا للجهد الكبير الذي بذله الباحث من أجل إخراج كتاب “الأشراف الأدراسة القلاقمة في موريتايا – قبائل أولاد الشريف أبو بزوله نموذجا”، في شكل ومضمون محترمين، فقد تراءت إلينا ملاحظات، منها ما يتعلق بالشكل ومنها ما له صلة بالجوهر، نذكر منها :

    عدم وجود خيط ناظم بين الملاحق المكونة للكتاب وغياب آلية للمقارنة بين الوثائق التاريخية وإبراز نقاط التقائها واختلافها ومحاولة الخروج بخلاصة .     غياب  طرق منهجية لتقديم المعلومات المتعلقة بشجرات القبائل وفروعها، حيث جاءت مبتورة وناقصة وغير متسلسلة، سواء تعلقت بالقبائل الموجودة في منطقة القبلة أو في منطقة آدرار والشرق الموريتاني..     تناقض وثيقة محمد محمود ولد الحسن  ولد امغر  مع الوثائق المتعلقة بعدد أبناء شمس الدين الصغير، فعددهم إثنان وليسوا أربعة كما جاء في الوثيقة(الملحق 14، ص 88).     تناقض الشجرة الرئيسية لأولاد الشريف أبي بزوله مع مضمون وثيقة أبناء شمس الدين في أطار، حيث ورد فيها أن شمس الدين جد لشمس الدين(الصغير) وليس أبوه المباشر، فقد عاش بعده أكثر من 160 سنة، حيث توفي سنة 822ه في شنقيط(الملحق 3، ص 56).     اختفاء اسحاق  الابن الثاني لشمس الدين من شجرة شماسدة أطار(ص 92) وهو يمثل إحدى الركائز الأربعة لأبناء شمس الدين في أطار وهم : أولاد بو عبدالله ، أولاد الطيب، أولاد القلاوي، أولاد الحاج عبد المؤمن(أخ لأحمد ولد شمس الدين من الأم)     أخطاء في الأسماء (الشيخ سيد أحمد ولد أحمد، والصحيح  الشيخ أحمد ولد عبد الرحمن ولد محمد(الملقب الغلاوي) ولد عبد الله ولد أحمد ولد شمس الدين)(ص 92)     لوائح تخلط بين المهنة والتخصص والوظيفة، فتجد من ضمن لائحة الكتاب والباحثين من لا علاقة لهم بالأمر(ص 102).     خطأ متعلق بعدم وجود حمر النخيل في ولاية آدرار، وهي المعروفة بحمر الدلاء ذات الجودة العالية، واعتبار ذلك حدا فاصلا بينها وبين ولاية تكانت(الملحق 18، ص 105).     أخطاء في مجال ربط البطاح والشعاب بالأودية، فمثلا واد تيارت لديه بطحتان رئيسيتان هما : أم لمحار وإليج، ولديه شعاب منها : أشعابات، أدخالي، أكراكف، قدي، لكريره، بونكير، امريحمات(الملحق 18، ص 105).     عدم ذكر أسماء من استشهدوا في معركة “ايكنيت التكويت” الواقعة جنوب أكجوجت(ولاية انشيري)، والذين من بينهم سيد أحمد ولد أحمد ولد الشيخ ولد أعبيدن ومحمد السالك ولد محمدو ولد سيد أحمد ومحمد عبد الله  ولد أحمد الطلبه(الملحق 17، ص 103)     غياب لائحة العلماء والقضاة والأئمة ورجال السياسة والمستشارين(أصحاب الرأي) بخصوص مكون شماسدة أطار.     عدم اعتماد منهجية لترتيب اللوائح الواردة في المحلقات 16،17،18     غياب خلاصة وتوصيات من شأنهم توضيح الرؤية وإزالة التناقض الوارد في بعض الوثائق.

هذه مجرد ملاحظات تداعت إلى ذهني وأنا أتصفح  نسخة من كتاب “الأشراف الأدارسة القلاقمة في موريتانيا”، عمدت إلى تدوينها راجيا أن تساهم في إنارة وتطوير الطبعة القادمة من الكتاب، حتى يتحقق المقصد وتعم الفائدة.

بقلم سيدي ولد سيد احمد

[email protected]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى