هل أصبحت إذاعة موريتانيا منبرا لطمس الحقائق ؟
أثارت حلقة أذيعت، مساء يوم الخميس الموافق 09 أكتوبرالحالي، على أثير إذاعة موريتانيا زوبعة في وسط الحقل الإسلامي وذلك عندما تدخل المسمى محمدن ولد حمين حول موضوع المحظرة الشنقيطية، تاريخها وتأسيسها في العاصمة في بعيد الاستقلال..
وكان من الواضح من مداخلته أنه لا علاقة له بالحقل الإسلامي ولم يقرأ عن تاريخه ولا عن الرجالات الذين أسسوه، حيث أنه ذكر محظرة بداه ولم يتعرض لتاريخ تأسيسها وكذلك محظرة العون، التي ذكرها دون أن يتعرض لاسم مؤسسها ولا تاريخ تأسيسه لها، كما نسي أن يذكر تاريخ تأسيس مدارس ابن عامر ومعهد الفاروق للدراسات الإسلامية ولا تاريخ تأسيس مدارس الفلاح.
فهذه المحاظر والمدارس الإسلامية هي التي حافظت على هوية هذه البلاد، كما قال مؤسس محظرة العون الشيخ محمد عبد الرحمن ولد محمد محمود ولد الطالب أحمذو، التي بثت في برنامج الشاهد على قناة شنقيط حول رحلته العلمية وتاريخ تأسيسه للعمل الإسلامي في موريتانيا، وهوالذي أسس تلك المحظرة في سنة 1970 في العاصمة نواكشوط وهو أول إمام وخطيب لجامع الشرفاء، حتى سنة 1978، حيث خلف الشيخ محمد الأمين ولد الحسن على محظرة العون وعلى إمامة الجامع وتفرغ للتدريس وإدارة معهد الفاروق، الذي أسسه سنة 1975 في مقاطعة السبخة، حيث أنشأ منه فرعا جديدا في مقاطعة الميناء، ليصبح بعد ذلك مقرا رئيسيا لمحاظر معهد الفاروق، بجانب مسجد قطر، الذي يؤمه فضيلة الشيخ حاليا، فقد ظل الشيخ يعتبر أن التعليم النظامي يحتاج إلى جهد في مجال العمل الإسلامي، لذلك اهتم بالتدريس في المدارس النظامية.
ولم يذكر دور لجنة المساجد والمحاظر،التي تأسست سنة 1980، في دعم المؤسسات الخمسة المذكورة أعلاه، والتي تأسست مابين 1960 و1976.، وهي السنة التي تأسست فيها مدارس الفلاح على يد المرحوم الحاج محمود ب، أما مدارس ابن عامر فقد تأسست 1963 على يد المرحوم الشيخ محمد الأمين الشيخ ومدرسة الشيخ بداه ، التي .بدأت فعليا سنة 1960.
وتجاهل ضيف البرنامج الجمعية الثقافية، التي ضمت رموزا من مؤسسي العمل الإسلامي، بجوانبه المحظرية والدعوية والحركية، من أمثال الشيخ كاكيه والشيخ محمد عبد الرحمن ولد الطالب أحمذو والشيخ محمد فاضل ولد محمد الأمين ومحمد الحبيب ولد أحمد والمرحوم الإمام عبد العزيز سي والحسن ولد ملاي أعل، بالإضافة لبعض رجال أعمال الخير من أمثال حاجي سيدنا وعبد محم وملاي ولد الغرابي ومحمد عبد الله ولد خرشي.
وقد شهد لهم الشيخ محمد عبد الرحمن ولد الطالب أحمذو أنهم قالوا بلسان حالهم ومقالهم :”إذا ماتت الناقة والبقرة فإننا نريد أن لا تموت المحظرة”، فقدموا الدعم المادي والمعنوي لهذه المحاظر والمؤسسات الإسلامية، مما منحها مزيد من العطاء والبقاء على قيد الحياة، حتى يومنا هذا، بالإضافة لانشائهم بمهد ابن عباس.
وتمثل هذه المؤسسات والمحاظر المذكورة أعلاه النواة الأولى وباكورة العمل الإسلامي بعيد قيام دولة الاستقلال، وقد حافظ مؤسسوها الأوائل على استقلاليتهم وبعهدهم عن أماكن الشبهات، مع حفاظهم على هوية البلاد، فقد حافظوا أيضا على أمن واستقرار البلاد، ومنعوا كل مظاهر الفوضى والدعوة إليها، كما كان يقول بداه في خطبه ودروسه وكذلك الشيخ محمد عبد الرحمن ولد الطالب أحمذو، حين سئل في مقابلته مع قناة شنقيط، قال:”واكبت جميع الأنظمة ووجدت أن العالم لا ينبغي له أن ينتمي إلى حاكم ولا محكوم ولا حزب ولا جهة، لأن العلماء هم الحكم وهم المرجعية، فيجب على العالم أن يكون مستقلا لتبيين الحق ولخدمة العلم وتبليغه”.
وإننا لنستغرب محاولات البعض للقفز من فوق هذه الحقائق التاريخية ومحولة طمس آثار تلك المؤسسات، التي أسهمت في تخريج أجيال متعلمة وعاملة من الأئمة والأساتذة والفقهاء والدعاة، كان لهم دور كبير في نشر العلم وتبليغ الدعوة وتبصير المسلمين بأمور دينهم ودنياهم، داخل الوطن وخارجه، وخاصة خريجي معهد الفاروق للدراسات الإسلامية، الذي خرج معظم الأئمة والدعاة العاملين في دولة الإمارات المتحدة وقطر والكويت،..
وكان حريا بإذاعة موريتانيا أن تستضيف شخصيات من داخل حقل العمل الإسلامي، العاملة في الميدان خلال فترات السبعينات والثمانيات،التي عرفها الشيخ محمد عبد الرحمن ب”فترة ربيع الحركات وبداية العمل الإسلامي”، لإلقاء الضوء على تلك المراحل المضيئة من العمل الإسلامي ولإعطاء أولئك الرواد حقهم ومنحهم المكانة اللائقة بهم والعمل على تكريمهم ومنح جوائز علمية بأسمائهم.