ولد عبدالوهاب ـ قصة سفير
المختار ولد سيدي ولد عبد الوهاب، الوزير في بلاط الأمير محمد لحبيب .. قدم جدّه عبد الوهاب، فى هجرة انتهت به جنوب غرب المنتبذ القصي، ليلتحق ببلاط الأمير إعل الكوري ولد أعمر ولد إعل شنظوره.
وارتقت بعبد الوهاب نفس عصامية، جعلت منه وزيرا للأمير إعل الكوري، المتوفى سنة 1786م، والذى أبرم اتفاقية تجارية مع فرنسا يوم 26 مايو 1785.
ولد سنة 1833م في منطقة المذرذرة
وخلّف عبد الوهاب ابنه سيدي ولد عبد الوهاب الذى عمل وزيرا فى بلاط الأمير أعمر ولد المختار بن أعمر بن اعل شنظورة المتوفى سنة 1829م ويعتبر أعمر ولد المختار هو المؤسس للفرع الثاني من ذرية اعل شنظوره فقد وطد أركان الإمارة وخول للإنجليز سنة 1821 إقامة موسم تجاري عند “إجريْدَه” قرب انواكشوط، ولعب سيدي ولد عبد الوهاب دورا فى تقديم النصح وحشد الدعم المادي والروحي للأمير أعمر ولد المختار، فاتصل بسعيد ولد بباه اليدالي، و استشار الحكيم ديلول ولد الكيحل التيباري، وخلّف سيدي ابنه المختار، الذي عمل وزيرا للأمير محمد لحبيب، وتزوّج المختار باخناثه بنت أنيوال، ورزق منها سنة 1833 بولد سمّاه “اخْيارهمْ .. “تفاؤلا، ليكون أمثل وأفضل لِداته، وبني قومه.
سافر للدراسة في السنغال وفرنسا سنة 1844م
نشأ اخيارهم فى كنف والديه، وعند بلوغه سن الدراسة، طلب ضابط فرنسي من والده المختار، ارساله للمدرسة، قائلا للمختار، اعطني ولدك أدرّسه لك .. وافق المختار، وسلّمه له .. ذهب به الضابط الفرنسي إلى السينغال، ودرس فى السينغال، وكان ذكيا، فتم ارساله إلى فرنسا، فدرس هناك، ودخل الخدمة العسكرية.
شارك في حرب القرم ضد روسيا سنة 1854م
وشارك فى حرب القرم، التى نشبت بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية في 4 أكتوبر من عام 1853، واستمرت حتى 1856م، ودخلتها فرنسا وبريطانيا إلى جانب الدولة العثمانية في 1854م، التي كان قد أصابها الضعف، ثم لحقتها مملكة سردينيا التي أصبحت فيما بعد مملكة إيطاليا .. وكان سبب الحرب هو الأطماع الإقليمية لروسيا على حساب الدولة العثمانية، وخاصة في شبه جزيرة القرم، التي كانت مسرح المعارك والمواجهات، وانتهت حرب القرم في 30 مارس 1856م بتوقيع اتفاقية باريس، وهزيمة الروس هزيمة نكراء.
قضّى فترة في مدينة ليفربول الإنجليزية
مكث اخيارهم بعد الحرب، فترة من الزمن فى شمال غرب إنجلترا، في مدينة ليفربول Liverpool حيث تعلّم اللغة الإنكليزية.
هتف امام نابليون الثالث .. “يحيى الإمبراطور”
ورجع اخيارهم مع القوات الفرنسية المنتصرة إلى باريس، حيث شارك فى الإستعراض الذي قامت به القوات المنتصرة، ولاينسى اخيارهم لحظة وقوفه أمام نابليون الثالث فى ذلك الإستعراض هاتفا “يحيى الإمبراطور”.
عاد الى منطقة المذرذرة سنة 1856م
عاد اخيارهم إلى المنتبذ القصي سنة 1856، وتقول الحكايات، إن نفس الضابط الذى ذهب به، عاد به إلى أبيه المختار بعد 12 سنة، وكان عمر أخيارهم 23 سنة، وكان معه بعض الشبان الفرنسيين فى نفس عمره وبنفس قامته، يلبسون بدلات متشابهة، ورؤوسهم محلوقة على هيئة واحدة، وقال الضابط للمختار، خذ ولدك من بين هؤلاء، وأن المختار عرف ولده اخيارهم بشامة قديمة فيه ميّزه بها، وأنه ألبسه لثاما من النيلة ومكث عليه أياما، ليسترجع بعض ملامح أهل المنتبذ القصي، بعض بياض البشرة الشديد الذي طرأ عليه اثناء اقامته في اوروبا، وبعدها ذهب به إلى أمه اخناثه، ويقال إنه جاء بالكثير من الهدايا، حتى أصبحت مضرب المثل “امجيبت اخيارهم”.
دخل بلاط الإمارة سنة 1856م
دخل اخيارهم بلاط إمارة الترارزه فى عهد الأمير محمد لحبيب سنة 1856، بعد سنتين من تعيين النقيب “لويس فيدرب”، المعروف عند “البيظان” ب ” امّيْسَ فدْرُو” حاكما للسينغال، فى وقت كان الوضع بين الفرنسيين والأمير محمد لحبيب متأزما، حيث بنى فيدرب سياسته على تقوية السيطرة الفرنسية فى السنغال، وتوسيع نطاقها، والضغط على القبائل، ويقول فيدرب “لا بد من أن نملى إرادتنا على رؤساء “المور” من أجل تجارة الصمغ، كما يجب إلغاء موانئ التبادل التجاري .. باستخدام القوة، إذا فشلت وسائل الإقناع، وينبغى إلغاء كل الإتاوات .. وعلينا أن نكون أسياد النهر، كما يجب تحرير “والو” بانتزاعها من الترارزة، وحماية المزارعين على الضفة اليسرى، من غزوات “المور””.
Le général Faidherbe
وفي مواجهة ذلك، تم التحالف بين الترارزة والبراكنه، وأبرم محمد لحبيب حلفا مع أمير لبراكنة، امحمد ولد محمد ولد سيدي، وتم التقارب بين الطرفين أكثر فى “حصرة تندوجه”، التى نظّمها الشيخ سيديا الكبير سنة 1856، والتى حضرها أمراء الترارزة والبراكنة وآدرار، وتم خلالها الإتفاق على توحيد الجبهات للتصدي للنصارى المتربّصين، وشنّ حلف الترارزه والبراكنه هجوما على سان لوي سنة 1855م وسنة 1856 وأسّسو محلة مشتركة قرب “سهوتْ الماء”، وكان من نتائج تلك المناوشات أن أفضت إلى توقيع اتفاقية مع كل من أمراء الترارزة والبراكنة وإدوعيش، حدّدت فيها موانئ التبادل التجاري بمينائي “ماتام وبكّلْ” للتبادل مع إدوعيش، وميناء “پُودُور” للتبادل مع لبراكنه ْ، ومينائي “دگانه و سان لوي” للتبادل مع الترارزه، ويتعهّد الحاكم الفرنسي من طرفه بأن يحذّر التجار الفرنسيين من المتاجرة خارج الموانئ المذكورة، على أن يتقاضى الأمراء “المور” نسبة مئوية من محصول بيع الصمغ، الذى يتم تبادله على الضفة اليمنى لنهر السنغال.
بعد أربع سنوات من وصول اخيارهم، قتل محمد لحبيب 1860م، وتولّى الإمارة ابنه البكر سيدي، وحرص الأمير سيدي خلال فترة حكمه، على سيادته على المجال الترابى الترّوزى مهما كلفه ذلك، حتى ولو دخل فى حرب مع أي طرف، ولم يغب عن سيدي الدور التخريبي الذى يمارسه الوالي “فيدرب” داخل المجال الأميري، سواء تمثّل فى مراسلات أو اتصالات سرية، فكتب له بحزم:
” إنه السلام من عظيم الترارزة سيد بن محمد لحبيب وقاه الله شر البعيد والقريب إلى أمير اندر “فيضرب” موجبه إعلامك أنه منذ أراد الله هذه العافية بيننا والتى لسنا نحبها لم تأل جهدا غاية الجهد فى النكث و النقض نحن لم نعلم بهذا واليوم أظهره الله بالآيات القاطعة ككتابك لعلي المبعوث مع وزيري أحمد لعبيد من أولاد بنيوك ومحمد سالم وخدمتكم فى عيالي ليلا ونهارا سرا حتى صارت جهارا والآن اترك عنك هذا جميعا واحفظ قلمك وكاغدك وإن كنت لاتقدر على هذا فسأرسل لك إعل واعليّ مع من تحب من عيالي واعلم أننا لفى حرب وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار
على الله متكلي وإليه مآبي والسلام
كتبه باب بن محمد بن حمد بإملاء من عظيم الترارزة سيد بن محمد لحبيب خامس ذي القعدة سنة 1281 هـ
وقتل سيدي ولد محمد الحبيب سنة 1871 وتأمّر بعده أحمد سالم ولد محمد الحبيب الذي قتل عند “أيشّايه” سنة 1873 وتولّى اعل ولد محمد الحبيب الإمارة سنة 1873، وكان شهما، بسط الأمن في أرجاء إمارته، ونشر العدل.
أدار مفاوضات مع الفرنسيين اثمرت اتفاق 1858م التجاري
عمل اخيارهم مع اعلي ولد محمد لحبيب، وعقد اعلي إتفاقا مع السلطات الفرنسية، كان بمثابة بند يدعم إتفاقية 1858م وقد أكّد فى هذا البند حرية التجارة، وعدم اقتصارها على محطة “دگانه”، كما أن الهدايا، والتى سبق لها وأن حددت فى اتفاقية 1858م، قد استبدلت بمكافأة سنوية من”النيله” القماش الغيني Guinée قدرها “1200” بيْصَة Piece إلا أن اعلي قتل فى أكتوبر سنة 1886م عند “احسي لغنم”، وتأمّرمحمد فال ولد سيدي.
تم تعيينه سفيرا لدى الفرنسيين سنة 1886م سفيرا فوق العادة
وعمل اخيارهم وزيرا مفوضا من الأمير محمد فال ولد سيدي لدى الحاكم الفرنسي فى اندر .. وفي سنة 1887م قتل محمد فال ولد سيدي، واستتب الأمر لأعمر سالم، آخر أبناء محمد لحبيب، ووقّع الأمير أعمر سالم مع حاكم السينغال سنة 1887م، بحضور اخيارهم، إتفاقية تتضمّن حرية وأمن تجارة الصمغ، واسعاف الغرقى، مقابل زيادة الرسم إلى 1500 قطعة من قماش “النيلة”، وقتل أعمر سالم ولد محمد الحبيب يوم “تغظفت” سنة 1893م، ليتأمّر أحمد سالم ولد اعلي “بيّاده” سنة 1893 .
تم تكليف كبولاني في سنتي 1898-1899 بمهمة في السودان الغربي، وقد تعرّف في مهمته الإستطلاعية على قادة بعض القبائل فى شرق المنتبذ، كرؤساء أولاد علوش، ومشظوف .. فالتقى بمحمد المختار بن محمد محمود بن أحمد محمود، أمير مشظوف حينئذ، ووصل ولاتة وتيشيت وآدرار سنة 1899، وقد استطاع كبولاني أن يطوّر معرفته بالمجتمع، وأن يتفهّم عقليته أكثر، وقدّم تقريرا مفصّلا ودقيقا عن مجتمع البيظان، وعن الطرق الملائمة لدخول فرنسا أرض البيظان، ورفع إلى وزير المستعمرات الفرنسية الذي أعجب بالتقرير؛ وقد قدّم كبولاني التقرير في ديسمبر 1899م بإسم “مشروع موريتانيا الغربية”، ويوضّح حدود “المنتبذ القصي”، إذ يحدّه غربا المحيط الأطلسي، وشمالا وادي درعة وتندوف، وشرقا حوض تاودني ومنطقة المبروك وتنبكتو، وجنوبا منطقة انيورو وخاي ونهر السنغال.
Xavier Coppolani
تعرّف كبولاني على بابا بن الشيخ سيديا من خلال مراسلاته المتعدّدة مع الإدارة الفرنسية بسان لويس، وكان بابا ولد الشيخ سيديا قلقا من الأوضاع الأمنية المتردّية والحروب وانتشار النهب والانقسامات القبلية الكثيرة.
وقد وجد بابا أن في التحالف مع الفرنسيين، وما يستلزم من أمن سيجلبونه معهم، نظرا لقوّتهم العسكرية والمادية، أولى من ترك البلاد أسيرة النهب والسلب والحروب القبلية. فوضع ثقله الإجتماعي ومكانته الدينية في جانب الفرنسيين، حتى تخرج البلاد من الفوضى، وتجد أمنا طالما اشرأبت إليه.
وكذلك كان الشيخ سعد بوه ولد الشيخ محمد فاضل، وهو من كبار الشخصيات الصوفية الموريتانية، وذو تأثير ديني واسع في السنغال، فكان له دور في عقد العلاقات مع كبولاني، ودعم شبكة العلاقات التي بدأ كبولاني ينسجها مع القوى الدينية وأشياخ قبائل الزوايا في موريتانيا، وخاصة منها منطقة الترارزة.
وقدّم كبولاني بين يدي دخوله السلمي للمنتبذ القصي سؤالا ..
هل ينبغي للمسلمين أن يجاهدوا النصارى في أرض هم بها غير معترضين لهم في شيء من دينهم، بل يساعدونهم على اتباع الدين بنصب القضاة، وما أشبه ذلك، وهذا مع علم المسلمين أن لا قوة لهم على الجهاد كأهل الجهة القبلية من أرض المغرب ؟
وكتب الشيخ بابه ولد الشيخ سيدي في الخامس من شهر شوال عام عشرين وثلاثمئة وألف للهجرة :
” فالجواب: أنه يتعين على المسلمين في هذه الحالة أن يهادنوا النصارى، ولا يقصروا فيما يجلب لهم العافية، ولا يتعبوا أنفسهم بالمحاربة لهم كما تشهد له قواعد الشريعة ونصوصها .. قال الشيخ خليل في مختصره ” وللإمام المهادنة لمصلحة إن خلا عن كشرط بقاء مسلم وإن بمال إلا لخوف، و لا حد، وندب ألا تزيد على أربعة أشهر، وإن استشعر خيانتهم نبذه وأنذرهم، ووجب الوفاء وإن برد رهائن ولو أسلموا كمن أسلم ، وإن رسولا كان ذكرا .. “
وقرّظ رسالة الشيخ بابه الجوابية، الشيخ سعد بوه، وكتب تسليما علي شكل تزكية وإشادة بمكانة باب وعلمه
“ما كتبه الشيخ عمره الله معافى، أعني الولي بن الوليين، العالم بن العالمين الشيخ سيديَ، صحيح،
وما حمله على كتبه والبحث هنا، إلا ما جعله الله في قلبه من الرحمة والرأفة بالمؤمنين،
والسياسة وحسن التدبير وراثة عن آبائه الكرام رضي الله عنه وعنهم وعنا بهم
قل للمحاول شأو الشيخ سيدي لا تتعب لنفسك ذات الزيغ والأود أتى بنبذة علم لا نظير لها كالدر إن برزت في سالف لأبد لأنها جمعت آي الكتاب وما سن النبي لنا في يومنا وغد فاشدد يديك على نصوصها وعلى نقولها وافشها في كل ما بلد
وتدخل رسالة الشيخ سعد بوه إلى أخيه الشيخ ماء العينين” النصيحة العامة والخاصة في التحذير من محاربة الفرانصة ” فى نفس السياق .
حضر توقيع اتفاقية 1902 مع كبولاني
دخل كبلاني المنتبذ القصي في 14 ديسبمر 1902 حيث حل بدگانة “Podor” وقد لقي بها أمير الترارزة أحمد سالم بن اعلي .. وقد وقّع معه اتفاقية مشتركة، دخلت بموجبها الترارزة تحت الحماية الفرنسية، وكان من أبرز الحضور .. الشيخ سيديا بابا، والشيخ سعد بوه، والترجمان السينغالي الشهير محمدن ولد أبنو المقداد، واخيارهم، وقد طلب كبولاني من الشيخ سيديا بابا، التوسّط لدى سيدي بن محمد فال، وكان معه معظم أولاد أحمد من دمان، للموافقة على الإتفاقية، نظرا للعلاقة المتميّزة بينهما.
وفي يوم 19 ديسمبر 1902 كان كبولاني في گرك، قرب روصو، وحلّ بسهوة الماء في 22 ديسمبر .. وقد قضى هنالك شهرا، التقى خلاله أغلب رؤساء ووجهاء القبائل في منقطة الترارزة.
وفي 24 يناير 1903 أسّس كبلاني مركزا عسكريا عند بئر خروفة، في وسط إگيدي، وفي 5 فبراير 1903 وافق سيدي على الإتفاقية.
في نهاية سنة 1903 تحوّل الأمير أحمد سالم بن اعلي “بيّاده” إلى صفوف المقاومة، واستمر كبولاني في توسّعه شرقا، حيث أسّس في منتصف مايو 1903 مركز ألاگ، بعد أن وقّع اتفاقا مع أحمد بن سيدي اعلي أمير البراكنة، مشابها لذلك الذي وقّعه قبل ستة أشهر مع بيّاده.
وما لبث أحمدُ بن سيدي اعلي أن ولى ظهره لكبولاني شأنه في ذلك شأن بياده.
وقد ثبّت كبولاني أقدامه في الترارزة والبراكنة، بإقامة مراكز عسكرية هنا وهناك “سهوة الماء، اخروفة، طرفايت المنصور وألاگ و مال و أميت، ولكن طموح كبولاني اتجه نحو تگانت، وشجّعه على ذلك خضوع الترارزة والبراكنة السريع، وقد أكمل العدّة للتوجّه إليها في منتصف فبراير 1905م .. وفي 20 من نفس الشهر، كانت الحملة الفرنسية عند درگل وهو أحد مداخل جبل تگانت .. وقد وقعت مصادمات بين الفرنسيين وبين جيش إدوعيش عند درگل .. وقد انسحبت إدوعيش بقيادة الأمير المسن بكار بن اسويد أحمد نحو افلّة .. وقد وجه كبلاني نحوهم الضابط فريرجان الذى التحق بالحلّة عند بوگادوم فجر ليلة فاتح أبريل 1905 حيث استشهد الأمير بكار.
اخيارهم ومذكرات لويس فرير جان “موريتانيا 1903- 1911 Mauritanie, 1903-1911 Mémoires de randonnées et de guerre au pays des Beidanes
مذكرات افريرجان هي انطباعات عسكري تتغير حسب مزاجه وافرير جان لقي اخيارهم على الهرم، وعمر اخيارهم حينها سبعين سنة، استنفد جميع طاقاته وأدواره..
ظن افرير جان انجليزيا وخاطبه بالإنجليزية
وبالعودة وفي 6 فبراير 1903 فإن النقيب افريرجان توجه بناء على تعليمات كبولاني لتأسيس مركز عسكري غير بعيد من الشاطئ الأطلسي، وقد اختار له منطقة “طرفايت المنصور”، قرب نواكشوط، ويتحدّث افرير جان عن أن اخيارهم ظنّهم انكليزا، فهتف بهم How do you do وأردف Very well
وحين عرف أنهم فرنسيين، طفق يحدّثهم عن ذكرياته فى فرنسا، وتحيّته للإمبراطور نابليون الثالث فى ميدان الإستعراض ..
لقّبه افرير جان “ذا اللحية الزرقاء”
افرير جان، حين نظر إلى العجوز اخيارهم، ولحيته الوضرى من النيلة، قفز إلى ذهنه بطل قصة الكاتب الفرنسي شارل بيرو، صاحب اللحية الزرقاء Barbe Bleue وسيطلق افرير جان على اخيارهم فى مذكراته “ذا اللحية الزرقاء”، ويقول جان، إن اخيارهم مثّل له نافذة على مجتمع البيظان، وعينا رأى من خلالها المجتمع بأدق تفاصيله، ويصف افرير جان اخيارهم بأنه ربعة من الرجال فارس قوي البنية رغم عمره السبعيني، وكان له “حولي” من النيله، كلما درس استبدله بآخر جديد، وكان يلفّه على رأسه بطريقة يغطّي بها فمه، وكان يتكلم الفرنسية بطلاقة، وبطريقة تختلف عن حنكية “إمالزن”، كما كان يتكلّم بلهجة البربر “اكلام آزناكه”.
كانت خيمة اخيارهم تنتصب عند طرفايت المنصور، وجاء تعيينه من كبولاني قائدا عاما لكوميات، وكان البيظان يتوافدون على خيمته، من شيوخ ومخبرين وكوميات وطالبي “راص من امّنيجه، أو صاك من السكّر، أو قبضة من الشاي”، وكان اخيارهم يأنف أن يذهب لإستلام التموين، فكان يكتفى بإرسال ابنه يحظيه، وقد نجح اخيارهم في مساعدة افرير جان أمنيا.
كانت فترة افرير جان واخيارهم فترة قصيرة، وعاصر اخيارهم تسعة أمراء من امراء الترارزة، وأدرك أربع سنوات من حكم محمد الحبيب، عند عودته من فرنسا سنة 1856 وبعده ابنه سيد 1871 الذى عيّنه مفاوضا، ثم أحمدسالم، ثم اعلي ولد محمد لحبيب الذى حكم زهاء 13 سنة، ولعب اخيارهم فى عهده دورا بارزا فى التفارض والرسوم “آمكبلْ”، ثم محمد فال ولد سيد، ثم أعمرسالم، وفى عهديهما ظل لأخيارهم دوره فى التفاوض وتعديل المعاهدات حسب أسهم الإمارة فى البورصة الإقليمية صعودا وهبوطا، وصولا الى احمدسالم ولد اعلي بيادة الذى حكم لمدة 7سنوات، ثم الأميرين أحمد سالم ولد ابراهيم السالم، وأحمد ولد الديد.
ذات مرة كان اخيارهم بالسينغال لجلب ” آمْكبلْ ” وتعدى أحد أولاد أحمد من دمان على خيمة اخناث طالبا بعض المؤن وكان الحي من أهل عبد الوهاب يتخذ من طرف المحصر مكانا لضرب خيامه على الدوام متميزا عن بقية الحي من أولاد أحمد من دمان غضب اخيارهم من صنيع الرجل و ” گعَدَ على آمكبل ” وأقسم لايتحرك حتى يقدم الرجل اعتذاره لأمه اخناثَ عن صنيعه فتمت تلبية طلبه من طرف الأمير أحمد سالم ولد ابراهيم السالم.
لعب دور رئيس الوزراء في الإمارة
لعب اخيارهم دورا محوريا فى عهد كل الأمراء الذين عاصرهم، بل لعب دورا موازيا كذلك فى إمارة لبراكنه وكان بمثابة الوزير الاول فى بلاط كل الأمراء، كان مفاوضا بارعا ثاقب الفكر ذكيا سريع البديهة يشع بريق الدهاء من عينيه، وكان يلقّب رجل المهمات الصعبة، فكل ما حدثتت أزمة كان لها.
معاهدة الحماية
سيد أحمد وببكر والمختار وأخيارهم وأعمر
متكلمون بأنهم جاعلون أمرهم بيد نائب الدولة الفرنسية في كل مافيه صلاح الأرض وعافيتها وكل مافيه زيادة منافعها بكل ما فعله النائب المذكور على الوجه المذكور فهو ماض عندهم مقبول. فعل النفر الخمسة الواضعون أسماءهم بأيديهم أعلاه ذلك بحضرة كاتب هذه الأسطر سيدي بن محمد بن سيدي.
للتوقيع سيدي بن محمد – كبولاني
أشهد لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة
وأشهد على كتب هؤلاء القوم المذكورين لأسمائهم وإمضائهم ما طلب منهم،
والسلام كتبه للشاهد عليه سعد بوه بن شيخه الشيخ محمد الفاضل القلقمي نسبا
X Ould XY