ورب كلمة خير من ألف سطر!! / محمد الأمين ولد الفاضل
يمكن أن نقسم الكتابة في الشأن العام إلى ثلاث مستويات أو إلى ثلاث درجات، بين الدرجة والدرجة كما بين مدينتي “انبيكت لحواش” و”الشامي” من تفاوت في العمران. وإن هذه المستويات أو الدرجات الثلاث هي:
المستوى الأول : الكتابة التي تكتفي بالنقد، سواءً كان ذلك النقد موجها للسلطة الحاكمة أو للمعارضة، وهذا النمط من الكتابة ورغم أهميته، إلا أنه يبقى من أقل أنماط الكتابة في الشأن العام فائدة وأهمية. المستوى الثاني : الكتابة التي تقدم مقترحات أو حلولا لقضايا شائكة، وهذه أكثر أهمية من النمط الأول إلا أنها مع ذلك لا تعد شيئا ـ من حيث الأهمية ـ إذا ما قورنت بالنمط الثالث. المستوى الثالث: الكتابة الميدانية : وهذه هي أهم أنماط الكتابة في الشأن العام، وهي من أصعبها، ومن أكثرها ندرة، وهي تعني أنه بدلا من أن ننتقد، وبدلا من أن نكتفي بتقديم حلول أو مقترحات لقضايا شائكة، فإنه علينا أن ننزل إلى أرض الواقع لنسطر على صفحاته، وبما هو متاح لدينا من وسائل، تلك الأفكار والمقترحات التي كنا نكتفي بكتابتها على صفحات المواقع الالكترونية والجرائد.الورقية. إن كلمة واحدة نكتبها على صفحات الواقع لهي خير من آلاف السطور التي نخطها يوميا على صفحات المواقع والجرائد. فإذا ما أخذنا التعليم وفساده كمثال، فسنجد بأننا تحدثنا عنه وعن فساده كثيرا، وبأننا كتبنا عن مشاكله مئات المجلدات، ولكن ودون أن يفكر أي واحد منا في أن يقوم بأي جهد ميداني، ومهما كانت بساطته، من أجل الحد من انهيار التعليم في بلادنا. لا أحد منا فكر يوما في أن يتطوع مثلا بتقديم حصة تقوية في مجال تخصصه، ولو لمرة واحدة في العام، لمجموعة من أبناء الأسر الفقيرة في حيه. إننا في هذا البلد نتحدث كثيرا، وننتقد كثيرا، وننظر كثيرا، ولكن عندما يتعلق الأمر بالنزول إلى أرض الميدان، وبالكتابة على صفحاته البائسة فإننا نغيب ونتغيب جميعا. ولوضع حد لهذا السلوك المشين، ولهذه العادة السيئة، فإن كاتب هذا المقال قد حاول ومنذ فترة أن يكتب كلمة ميدانية في واقع التعليم المنهار. ويمكن قراءة تلك الكلمة من خلال متابعة أنشطة مبادرة “كنت طالبا في ثانوية لعيون”، وهي الأنشطة التي بدأت بتكريم المتفوقين في الباكالوريا من ثانوية لعيون، والتي لن تتنهي بالأنشطة التي تنظمها اليوم المبادرة في مدينة لعيون تزامنا مع الافتتاح الدراسي، وهي الأنشطة التي ستشمل يوما تفكيريا عن التعليم في المدينة، ودورة تدريبية لاكتشاف المواهب في ثانوية لعيون، هذا بالإضافة إلى توزيع بعض الحقائب المدرسية على بعض طلاب الثانوية. حفظ الله موريتانيا..