أوجه التشابه بين حركة “تواصل” و نظام “عزيز” / سيدي علي بلعمش
إسلامية تواصل مثل وطنية عزيز؛ الخيانة وجهة نظر و بيع المواد الاستهلاكية منتهية الصلاحية و الأدوية المزورة مهارات تجارية إسلامية و اللحية ماركة تجارية مسجلة ـ مثل الصليب ـ من وضعها كان في رعاية الرب و من لم يضعها لم تنفعه عبادته.
و المواطن عند عزيز هو من يدفع جباية امربيه ربو سواء كان موريتانيا أو لم يكن. و الوطني (و هي درجة دون المواطن) هو من ينضم إلى الاتحاد من أجل نهب الجمهورية أو لا يكون معارضا له على الأقل و لا من حمر هنود موريتانيا.
و الحوار مع عزيز مثل التحالف مع تواصل؛ امتحان للقدرة الافتراضية لتأثير الكذب مثل ابتكارات وسائل الإقلاع عن التدخين، تنجح غالبا في إقناع غبي واحد من بين عشرات الملايين و من النادر أن لا يكتشف مع الوقت أنه كان ضحية مغالطة سخيفة و يعود للتدخين بدافع الانتقام.
و أوجه التشابه بين عزيز و تواصل تكاد لا تنتهي؛ فمثل عزيز لا يترفع تواصل عن سوقية الأساليب السياسية: المراوغة و الانتهازية و الخداع و التحايل على المواقف و الهروب من الحقائق و التجبر لحظة القوة و التذلل لحظة الضعف. و تماما مثل تواصل، لا يتحرج عزيز من حرام و لا ممنوع و لا قبيح و لا مزري و لا تناقض و لا كذب و لا سمسرة و لا فضائح، إذا تعلق الأمر بما يمكن أن يجني منه أي نتيجة مادية مهما كانت تفاهتها.. و كل “نار” عنده أوقية و كل أوقية أفضل من “نار” .. و الوطن مجرد ساحة عرض إذا راجت تجارتك فيها أقمت و إذا كسدت فأرض الله واسعة..
و لا أتفق مع الأستاذ محمد فال ولد بلال في وصف تواصل بالمعارضة البراغماتية : فلا تواصل معارضة أصلا ، لا في سلوكها و لا في مواقفها و لا في ثباتها و لا في التزامها و لا في تحالفاتها و لا في يساريتها بالمفهوم التقليدي و لا الحديث. و قد عرفت البراغماتية كنهج سياسي يؤمن أو يفرض (على الأصح) بأنه لا توجد أي حقيقة في الوجود و إنما هناك طرق أفضل من أخرى، عند الأمريكيين و هي إحدى أكبر جرائم البشرية بتبريرها لكل شيء و عكسه، تبيحها أمريكا لنفسها بمنطق القوة و تمنعها على غيرها . و إذا كانت النسخة “الإسلامية” من البراغماتية تقول “لا توجد أي حقيقة في الوجود و لا طريقة أفضل من أخرى” فلا شك أن المصيبة أعظم. لا توجد معارضة في موريتانيا اليوم غير ما ينضوي تحت “المنتدى” أو من يناصره أو يتعاطف معه؛ ألم يدعم تواصل و التحالف الشعبي و الوئام لوائح الاتحاد من أجل نهب الجمهورية في نواذيبو و أطار و ازويرات و كرو و غيرها ، فما هو معيار المعارضة عند هؤلاء بل ما هو سقف ازدرائهم و استغبائهم للناس؟ و يخطئ من يعتقد أن في البلد أي قوة منظمة أخرى : الجيش لم يعد قوة منظمة بعد تحكم عصابة بازيب الخارجة على القانون و قلبها هرم الأوامر و الرتب و العبث بالتقاليد العسكرية و منظومة الضبط و الربط. و كان تصويت 40 في المائة من الجيش و الأمن في الانتخابات التشريعية، لحركة سرية متطرفة تناور بمكتب تنفيذي ممن تطلق عليهم في أدبياتها اسم “المحترقين” دليلا واضحا على أنه لم يعد جيشا جمهوريا و ليس الخطأ في الجيش طبعا و إنما في غياب الجمهورية نفسها .. و كان تصويت عدد مماثل منهم لحركة عنصرية متطرفة تنصب نفسها وصية على شريحة لم تنتدبها و تهدد سكينة المجتمع بكل أنواع الوعيد، إشارة واضحة ندير الظهر بجبن لخطورتها المداهمة …. و الأمن لم يكن في يوم من الأيام لا قوة و لا منظمة، لضعف التكوين و تهميش قياداته عند اتخاذ القرارات المصيرية للبلد و امتهان ممارسات دونية صاحبته منذ النشأة ؛ الرشوة و الوساطة و المحسوبية ، أسقطته من عيون الناس .. إن منتدى المعارضة هو القوة الوحيدة المنظمة اليوم في البلد و عليه أن يتحمل مسؤولياته للحفاظ على وحدة الوطن و حماية الشعب و الاستعداد لوضع حد للانهيار المتسارع و الممنهج للدولة.. لقد تغير الكثير في موريتانيا خلال السنوات السوداء الماضية، لكن وحدهم من يحتكون بكل الطبقات هم من يلاحظون ذلك بوضوح و سينصدم الكثيرون في المناسبات السياسية القادمة من وعي الناس و توجهاتهم و إحساسهم بالمسؤولية تجاه وطنهم و شعبهم… ربما لا تعطي المعارضة الموريتانية نفسها حق تصنيف الناس و ربما كان لا يخدمها أصلا وضع النقاط على حروف تواصل المكتوبة بالحبر السري، لكن المؤكد أنها لا تنخدع في حقيقتها و لن تثق يوما في أي التزام من طرفها. لقد أصبح امتهان تواصل أسلوب “العرض و الطلب” في السياسة، مكشوفا للجميع (و ربما كانوا معذورين في هذه)، فلم يعودوا يخيفون خصما و لا يفرحون حليفا.. و محاولات مسعود إنقاذ ماء وجه النظام بمبادراته المعدة على المقاس، لم تعد مجدية و لا مقبولة . و كان على بيجل أن يختار بين محو تاريخه الإداري كأحد أهم رموز فساد نظام معاوية أو مواصلته مع نظام ولد عبد العزيز “الأفسد” منه ، أما وقد اختار المشي على الحبلين ، فسنرى إن كانت رشاقته ستساعده على العبور إلى بر الأمان.. لقد دأبت النخبة الموريتانية على عدم محاسبة المفسدين لأنها ( و في هذا وجه إنصاف لمن كان التسامح طبعه) كانت تعتبر أن الأحكام هيكانت الفاسدة . أما اليوم فلا المفسدون يستحقون هذه السماحة و لا النخبة تملك هذا الحق الأخلاقي في البحث لهم عن مبررات جميلة : لقد أصبحت موريتانيا مهددة في تماسك لحمتها ،في بقائها، في وحدة أراضيها .. مهددة من الداخل بسبب سياسة هذه العصابة المثيرة للنعرات بتعمد لا تخفى أسبابه و أغراضه و مهددة من الخارج بسبب تبعية هذه العصابة لأوامر السياسة الفرنسية التخريبية في المنطقة التي جعلتنا أعداء لكل محيطنا و رأس حربة جيشها المحصن، في مواجهة إرهاب أعمى ، هي من تزرعه و من تحاربه.. موريتانيا اليوم مفلسة و محاصرة بالديون و الإرهاب و سوء العلاقات مع الجوار: المغرب، مالي، السنيغال و الحبل على الجرار…
و يتخبط ولد عبد العزيز اليوم مثل الممسوس بحثا عن أي مخرج من ورطته، بلا جدوى : ـ الدولة منذ وصوله إلى الكرسي، تنهب و لا تنتج.. ـ خزائن الدولة التي كان يدعي أنها ملأى، أصبحت خاوية على عروشها ، باعتراف جميع وزرائه .. ـ الدفعات الأولى من أقساط المديونيات التي ورط فيها البلد ونهبتها زبانيته، حلت من كل الجهات و ليس من عادة البلدان التسامح مع الأنظمة الفاسدة مهزوزة المصداقية و عليه اليوم دفعها بالتي و التيا. ـ كل شعاراته المسرحية أصبحت مواضيع تندر حتى لدى الدهماء : محاربة الفساد زادت المفسدين .. محاربة الفقر زادت الفقراء .. محاربة الإرهاب حولت موريتانيا إلى أفغانستان الغرب الإفريقي في تقارير جميع المختصين.. محاربة الإخوان ولدت القاعدة و الجهادية و داعش و بوكو حرام.. ـ الشركات الأجنبية ما بين من هرب و من يبحث عن طريقة للهروب بسبب تخيير النظام لها بين دفع الرشاوى باستمرار أو مضاعفة الضرائب الجائرة.. ـ تحمل الخطوط الفرنسية الركاب، البريد، السمك و البضائع (افريت) . و يعتبر توقفها عن الرحلات إلى موريتانيا منذ 12 أكتوبر ضربة كبيرة للاقتصاد الفرنسي، لا سيما أنها مهددة بالإفلاس، زيادة على كونها إحدى أهم رموز السيادة الفرنسية في إفريقيا مثل البنوك الفرنسية و آكور و توتال. و تعتبر أي مواجهة معها إعلان حرب على فرنسا. و مع أننا لسنا معنيين بضرب الاقتصاد الفرنسي و لا من المدافعين عن السيادة الفرنسية لا في إفريقيا و لا حتى على الترابي الفرنسي نفسه، إلا أننا لا بد أن نأسف لما حصل و للطريقة التي حصل بها و الأسباب الكامنة وراءه: كانت عصابة تهريب العملات الصعبة الصادرة من البنك المركزي، المعروفة من الجميع و المزودة بجوازات سفر دبلوماسية من قبل امربيه ربو ، تمر بشنطها الملأى من مطار الدار البيضاء و كان الأمن المغربي يغض البصر عنها لتعبر بها إلى دبي و تبيعها في السوق السوداء بأرباح خيالية . بعد تدهور العلاقات مع المغرب ، أصبح أمن مطار البيضاء يحتجز كل ما يمر عبره ، فكان الحل الوحيد هو محاولة فتح طريق فرنسا: و في 12 أكتوبر الماضي، تفاجأ الطاقم الأمني للطائرة بقدوم أحد الركاب يحمل شنطة يدوية كبيرة و معه حراسة أمنية حاولت إفهامهم أنه شخصية غير عادية يجب أن لا يخضع للتفتيش فرفض أمن الطائرة و حصلت مشادة بين الشرطة و الدرك الموريتانيين عند سلم الطائرة ، كاد البعض أن يلجأ إلى استعمال السلاح فيها. أغلقت الطائرة أبوابها و واصلت رحلتها. و بعد يوم أصدرت الخطوط الفرنسية قرارا بوقف رحلاتها إلى موريتانيا و لم تقل “حتى تشفى من جنونها” لكن لسان حالها لم يكن يخفي أقل من ذلك.
ـ كل طرق نهب المال العام التي كان ولد عبد العزيز يستخدمها تم كشف خيوطها و سنوافيكم بها تباعا لتفهموا بأنفسكم أن أكبر جريمة في حق موريتانيا هي التعاطي مع نظامه أما موالاته و الدفاع عنه فهي جرائم يعجز القانون عن ابتكار عقوبات لها.. ـ و قد تاجر ولد عبد العزيز بكل شيء في هذا البلد دون الوقوف عند حرام أو ممنوع أو مشين أو مزري أو قبيح : بيع السنوسي .. صناديق كومبا با.. بيت رملة .. معدات “توم براون” (Tom Brown)، بلوكات، باصات إيران، شاحنات الزبالة ، شاحنات الطرق المصبوغة بالحبر، سيارات الصين الصغيرة ذات الثلاث عجلات، الحزام الأخضر، الناحية الشرقية من مدرسة الشرطة، المطار القديم، الطائرات الوهمية .. يبتز ولد عبد العزيز المغرب بالجزائر .. يبتز الجزائر بالمغرب .. يبتز إيران بدول الخليج .. يبتز دول الخليج بإيران .. يبتز الإخوان بالوهابيين .. يبتز الوهابيين بالإخوان … ـ استحوذ ولد عبد العزيز على 50 مليون دولار ، كانت مساعدة من السعودية لسكان الطينطان، استحوذ على محتوى صندوق أجيال المستقبل الذي كان في حساب في فرنسا من عائدات النفط، استحوذ على أموال القذافي، حول خيرية “اسنيم” إلى وسيلة للنهب و الاحتيال ، حول الحالة المدنية إلى إدارة جباية يتجاوز دخلها كل قطاعات الدولة، حول جوازات السفر الدبلوماسية إلى حصانة لمافيا العملات الصعبة و تبييض الأموال التي تدير عصابتها زوجته تكيبر و مصمم مخططاتها النائب ولد البوه ، حول البنك المركزي إلى صندوق عائلي يتلقى الأوامر من تكيبر و أحمد ، حول وزارة النقل إلى محصل تجاري لدخل شاحناته، حول شركة استصلاح الأراضي الزراعية “سنات” إلى شأن أسري داخلي لا يعني وزارة و لا رقابة مالية ولا رأي عام. لا يتورع ولد عبد العزيز عن أي شيء و لا يتجاوز أي شيء و لا يترفع عن أي شيء… لقد أفلست الدولة اليوم على جميع المستويات : كل الموظفين الأكفاء تم طردهم من الإدارة، كل الإداريين ذي الخبرات تم تهميشهم، كل الكفاءات العلمية تم إبعادها أو وضعها تحت إمرة مدراء من الشارع و من الأقارب فأعرضوا عن العمل بأوامرها .. ـ ميزانية 2015 ستكون كذبة كبيرة مفصلة على المقاس، لن تستطيع أجهزة الدعاية إخفاء عجزها.. لا يمكن اليوم أن تلقى أحدا من أغلبية ولد عبد العزيز لا يتترب من جشعه و صغر نفسه و سوء سريرته.. لا يمكن أن تلقى أحدا من أغلبيته لا يفضل حلول الفوضى على بقاء نظامه.. و حين عرف الجميع ولد عبد العزيز على أدق تفاصيل حقيقته و لم يبق إلا العمل على إزاحته، رفع “الإخوان” فيتو تضامنهم معه و هرول مسعود إلى مكتبه المغبر لرسم خارطة طريق لبقائه و سيزأر بيجل غدا من عرينه “من ذا يستطيع الحديث باسم المعارضة غيري..؟
يقولون إنني أحرض على العنف و هي تهمة تشرفني؛ نعم أحرض على العنف، على العصيان المدني، على الانفلات، على الخروج على القانون، على الثورة ، على الانقلابات العسكرية، على الانتحار.. أعترف بكل هذه التهم إلا ما كان يستشف منه الاعتراف الضمني بأي قدر من شرعية ولد عبد العزيز؛ لا يوجد في هذا الكون ما هو أسوأ أو أكثر خجلا أو أدعى إلى الانتحار من نظام ولد عبد العزيز . و قد يسجنوا (مؤقتا) إراداتنا، لكنهم لن يجعلوننا نؤمن بشرعية حكم عصابتهم و لن نحترم قانونا يحميه حراميه و لا قضاء هو من ينصب نفسه رئيسا أعلى له.. لقد حطمت معاول فساد ولد عبد العزيز كل شيء في هذا البلد المستباح الذي يموت شعبه جوعا و مذلة: نهب المال العام، إفساد سمعة البلد، سقوط هيبة الدولة، إثارة النعرات العرقية، إفساد الجيش و الأمن و تحكم العصابات الحاقدة في كل شيء… لم يبق أمام ولد عبد العزيز ما يمكن الاستفادة منه غير ملف “الإخوان” ؛ فعمل على تغذيتهم و رعايتهم مثل كبش “تاباسكي”: حضور قوي في البلديات و البرلمان، زعامة المعارضة، صراخ قنواتهم الإذاعية و التلفزيونية و تعرض مواقعهم الالكترونية و جرائدهم الورقية، لإيهام السعودية و الإمارات و السيسي و فرنسا أيضا التي أصبحت قطر (بدعم و إملاء الأمريكيين) تناور بتعرض لمنافسة حضورها في المنطقة، أن مواجهتهم لم تعد أمرا سهلا ، معتقدا أنهم سيضاعفون له فاتورة مواجهتهم .. و قد أصبح من الواضح الآن أن هذه الدول فهمت ألاعيب ولد عبد العزيز و أعرضت حتى عن مواجهة الإخوان في موريتانيا، فجن جنونه. و لا يستبعد الآن أن يفكر ولد عبد العزيز في البحث لدى قطر و تركيا عن ثمن الحرب على الوهابية المتنفذة في موريتانيا منذ بداية الستينات ، لضرب السعودية بسبب تراجعها عن دفع ثمن كبش “تاباسكي” الذي أنفق عليه إهمالا كبيرا ليبني قواعده و خلاياه السرية حتى في الجيش و الأمن .. و هما ورقتان سيقدمهما للمزايدة و سيمشي مع من يدفع أكثر ليبيعه بعد القبض و يتحول إلى الطرف الآخر ليقبض ثمنيهما ثم يبيعهما معا ليقبض ثمنهما من إسرائيل و مجرتها الجاهزة.. لقد كرس الفينزويلي إليتش راميريز (كارلوس) حياته للدفاع عن القضية الفلسطينية، تحت قيادة وديع حداد في الجبهة الشعبية، ضمن مجموعة أصدقاء الثورة الفلسطينية و قاد عملية “وزراء “أوبيب” وعملية استاد ميونيخ و أورلي سيد و البنك الوطني الفرنسي (BNP) ليبيعه حسن الترابي للمخابرات الفرنسية و تحمله مخدرا في طائرة خاصة من الخرطوم إلى باريس حيث يقبع الآن في زنزانته ، فمتى تخجلون ؟؟؟ و صنع الترابي وحيد القرن حسن البشير و مكنه من مقاليد السودان ليتنازل عن نصفها مقابل بقائه على الكرسي، فبماذا يستمد اليوم نفوذه بينكم غير الجرائم في حق العرب و المسلمين؟؟ لماذا تفتون بخراب ليبيا و سوريا و لا تحملون أسلحتكم للدفاع عن أطفالها و نسائها الذين يذبحون اليوم بدم بارد على أرصفة الجنون؟ ما حقيقتكم ؟ ما عقيدتكم ؟ و أي أياد خفية تحرككم لإراقة دماء العرب و المسلمين؟ أما كان “الكفر” الإسلامي أرحم من “الإسلام” الكافر؟ هل تدركون ما تلحقه أعمالكم بالإسلام من تشويه في وجدان البشرية غير المؤدلجة؟ هل تتقنون العمليات الحسابية المبسطة لوضع حصيلة تقريبية لإنجازاتكم مقابل ما تركتم من آلام و خراب؟ و تعيش حركة الإخوان المسلمين في موريتانيا منذ فترة حراكا داخليا ـ سينفجر قريبا ـ ينم عن تراكم أزمات بلا حلول تماما مثل تراكم أزمات النظام، أوقعتهم ـ مثل ولد عبد العزيز ـ في حقل ألغام بلا خارطة ، من التناقضات و الحلول الارتجالية و التخبط غير محسوب العواقب: ـ صراع نفوذ داخل الحركة ؛ تمثل في البداية في شبه صراع بين جناح الحركة الراديكالي بقيادة محمد غلام و جناح الحمائم بقيادة جميل منصور .. ثم تطور إلى صراع جهوي بين جناح الترارزة و جناح الشرق .. فلماذا ضنت الحركة على نائب رئيسها النائب محمد غلام، برئاسة المعارضة، لتعطيها لعمدة أكبر مقاطعة في البلد، بلا خبرة و لا تجربة ؟ لماذا اختارت شابا لم يقف يوما أمام ميكروفون و لم يعرفه أي أحد لتولي أصعب مهمة سياسية في تاريخ الحركة ؟ لماذا اختارت أحد أقارب الغزواني و أحد منحدري المناطق الشرقية لهذه المهمة ، رغم سيطرة جناح الترارزة البينة على الحركة؟ ألم يكن من الواضح أن الحركة كانت تحاول ـ قبل تدخل الترابي ـ من خلال هذا الاختيار، دفن رؤوسها الكبيرة في الرمل، تفاديا للصدام مع النظام ؟ ألم يكن من الواضح أنها كانت تحاول من خلال هذا الاختيار، جعل جناح ولد الغزواني في مواجهة مع السلطة و إضعاف جناح الشرق ؟ كيف ستوفق زعامة المعارضة ـ في حالة قيام حوارـ بين جناح المعارضة المقاطعة ، الذي لا يعترف بشرعية النظام و جناحها المحاور، المدافع عنها ؟ هل أدخل ولد داداه الحركة الإسلامية في مأزق لا مخرج منه، بتنازله عن زعامة ، ما كان يهمه موقف نظام لا يعترف به منها، لو أراد الاحتفاظ بها؟ لماذا هذا الضعف القاتل في أداء الحركة الإسلامية، ذات الوسائل الضخمة والبرنامج الإلهي ؟ كان ترنح الحركة “الاسلامية” بين النظام و المعارضة.. بين المطالبة بالرحيل و المشاركة مع النظام في الانتخابات التشريعية .. بين خيار مواجهة النظام و خفض جناح الذل له .. بين صراخ خروتشوف فوق الطاولة و الهمس الخجول تحتها، كافيا لكشف كل أوراقها : لا شك أن ارتطام “الربيع العربي” بالجدار السوري أفسد كل حسابات الحركة على الصعيد الدولي قبل المحلي. و لا شك أن الفيتوهات الروسية و الصينية كانت كفيلة برد السيوف في أغمادها و البحث عن طريق عودة ما كان في الحسبان و هي أخطا تنتج عادة عن سياسة الإملاءات و الوقوع في فخ سوء التقديرات؛ فلم يكن الإسلاميون يعرفون إلى أين ستوصلهم قفزتهم على موجة “الربيع” و لا كيف سيحافظون على مكتسباتها . و المصيبة الأكبر أنهم أرغموا على طريق العودة ، بعد كشف كل أوراقهم و خروج عفاريت عوالهم السرية إلى العلن. و على الصعيد المحلي ، توالت ضربات قاسية على “الإسلاميين” ؛ فبعد أن قبضوا ثمن الثورة من الحركة الأم، بدؤوا يبحثون عن مبررات للالتفاف على التزامهم لأنهم أخفوا مخمليتهم عنها حين كانوا يتعهدون لها بإسقاط النظام بثورة، للحصول على مزيد من المساعدات المادية التي كانوا يحولونها إلى محلاتهم التجارية .. ـ على الصعيد الشعبي أصبح الجميع يصفهم بالانتهازية و المتاجرة بالدين و حمل شعارات هم أكثر من يسيء إليها .. وبخفتهم و اضطراب مواقفهم و تحولهم عدة مرات خلال عام واحد بين المعارضة و الموالاة و البرزخ (المعاهدة) فقدوا ثقة الجمهور و أصبح همهم الأكبر هو الحفاظ على بعض مكاسبهم دون أي طموح في التمدد .. و بعد تولي مرسي قيادة مصر و انتداب سفير جديد له في موريتانيا ، اعتقدت الحركة أن أبواب التاريخ فتحت أمامها فانكبوا عليه و أودعوه كل أسرارهم و نسقوا معه على كل المستويات ليتفاجؤوا بعد انقلاب السيسي و عدم تغيير سفير مصر في البلد أنهم وقعوا في فخ خطير . و كان قرار حذر أهم مؤسسة جلب تمويلات خارجية و أقربها إلى زعيمها الروحي نتيجة تلك العلاقة (الفخ). و كان حضور جميل منصور مؤتمر “افلام” الذي طالبت فيه بالانفصال، رصاصة الرحمة التي أخرجت الحركة من حسابات و وجدان كل موريتاني غيور على الدين و الوطن .. لم يعد لتواصل أي مكان محتمل في صف المعارضة و لا لخطابها أي تأثير في الناس و لم يبق أمامها اليوم سوى نظام ولد عبد العزيز المفلس مثلها و سنرى أيهما سيتحمل نفقات رحلتهما إلى نقطة الصدام الحتمية؟