تحركات مشبوهة للسفير الأمريكي!!
لقد احتلت تحركات السفير الأمريكي في الأيام الماضية حيزا كبيرا من الأخبار التي نشرتها المواقع، وقد ظهر هذا السفير في صور مثيرة، منها صورة وهو يأكل اللحم المشوي في محل شعبي في مقاطعة عرفات، ومنها صورة أخرى جاءتنا هذه المرة من مهرجان شنقيط، حيث ظهر لنا فيها هذا السفير وهو يلبس دراعة بيضاء ويلف رأسه بعمامة سوداء.
كان يمكن لنا أن تجاهل تلك الصور رغم ما تثير من أسئلة، ولكن المشكلة أن الأمر لم يتوقف عند تلك الصور بل امتد ليصل إلى بعض الاتصالات واللقاءات المشبوهة التي قام بها السفير الأمريكي في بلادنا، والتي شملت شخصيات عديدة من حركة الحر، وأخرى من نجدة العبيد وإيرا، هذا فضلا عن لقاءات أخرى منها لقاء جمعه برئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
ما يميز لقاءات السفير الأمريكي هو أنها تتشابه تماما مع لقاءات السفير الفرنسي السابق في بلادنا، فهي لقاءات تركز دائما على المنظمات الغير مرخصة، وتتجاهل دائما الأحزاب والهيئات المرخصة، وهو ما يعد انتهاكا سافرا لسيادة بلادنا. لقد كان رئيس حركة “أفلام” الغير مرخصة، هو أول شخصية “سياسية” يلتقي بها هذا السفير الأمريكي في بلادنا بعد لقائه برئيس الحزب الحاكم!!
ولقد كشف السفير الأمريكي بعد هذه السلسلة من اللقاءات عن مبادرة سياسية لديه قال بأنه سيعرضها على الأطراف المعنية بقضية الرق، والتي يبدو أنها تقتصر على : السلطة ـ إيرا ـ حركة الحر ـ نجدة العبيد. إن مما يثير القلق هو أن السفير الأمريكي صاحب هذه التحركات والاتصالات المشبوهة قد أعطي لنفسه الحق في تحديد من هو معني بملف الرق في موريتانيا، وبمن هو غير معني بهذا الملف. ما على السفير الأمريكي أن يعلمه هو أنه ليس له الحق في أن يقدم للموريتانيين مبادرة في قضية من قضاياهم الخاصة بهم، ثم إذا ما سكتنا وتغافلنا عن غلطة السفير الأمريكي التي جعلته يتجرأ على تقديم مبادرة سياسية في قضية وطنية داخلية لا تعني إلا الموريتانيين، فإذا ما سكتنا عن ذلك، فإن الشيء الذي لا يمكن السكوت عنه هو أن نترك للسفير الأمريكي الحق في تحديد من هو المعني بملف
العبودية، ومن هو غير معني بهذا الملف. فلماذا أقصى السفير الأمريكي رئيس حزب التحالف الشعبي في مشاوراته حول هذا الملف؟ ولماذا أقصى هذا السفير المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة والذي يضم أحزابا كثيرة مهتمة بهذا الملف، والذي يضم أيضا نقابات ومنظمات في المجتمع المدني وشخصيات مستقلة مهتمة أيضا بالملف، ومن بينها “محمد سعيد ولد همدي” الذي يرأس ميثاق لحراطين . ما يؤسف له حقا هو أن هذه التحركات المشبوهة للسفير الأمريكي لم تجد من يتحدث عنها، ولا من يستنكرها، وكأن ولايات نواكشوط الثلاث قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من الولايات المتحدة الأمريكية التي يحق للسفير الأمريكي أن يتحرك فيها متى شاء، وكيفما شاء، وأن يصرح فيها بما يشاء كقوله إن ملف العبودية يشكل تهديدا جديا لوحدة البلاد، وانسجام مكوناتها الاجتماعية، في ظل غياب أي حلول مقبولة من مجمل الأطراف.
بالمناسبة أين هم أهل الموالاة، فهل ابتلعنهم الأرض، وأين هي غيرتهم على سيادة البلد، فنحن هذه المرة لم نسمع لهم تنديدا، ولو همسا، بهذا التدخل السافر الذي يقوم به السفير الأمريكي في قضايانا الداخلية؟
ما على الرئيس الموريتاني أن يعلمه هو أن كبرياءه الزائفة تكاد تدمر البلد، وأن هذه الكبرياء الزائفة التي يحاول من خلالها أن يقصي كل الأطراف السياسية قد تسببت في ترك فراغ سياسي كبير يحاول اليوم السفير الأمريكي ـ الذي يصول ويجول في مقاطعات نواكشوط الثلاث دون حسيب أو رقيب ـ أن يملأه، وأن يستغله على حساب سيادة وأمن بلادنا.
على الرئيس ولد عبد العزيز أن يعلم بأنه قد أصبح من الضروري جدا أن نفتح حوارا داخليا واسعا يشارك فيه جميع الموريتانيين، ويناقش كل القضايا التي تهدد أمن وتماسك البلاد، وعلى رأس تلك القضايا قضية الرق، وهو إن لم يفعل ذلك، وعلى وجه الاستعجال فإن هذا الملف مع ملفات شائكة أخرى سيخرج من بين أيدينا، وسيتم تدويله على حساب وحدتنا وتماسكنا.
وما تحركات السفير الأمريكي، وما توصية البرلمان الأوروبي، وما متابعة سفراء الدول الغربية لمحاكمة “روصو” أولا بأول، إلا شرارات خطيرة في هذا الاتجاه الخطير.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل