كيف يتم فحص الصندوق الأسود للطائرة؟
حصلت بي بي سي على فرصة نادرة للدخول إلى واحد من ثلاث مراكز خاصة بفحص تسجيلات الصندوق الأسود للطائرات في أوروبا. وفيما يلي نلقي الضوء على كيفية كشف الأسرار التي تكمن وراء حوادث الطائرات، مثل حادث تحطم طائرة إير آسيا الماليزية. زارت بي بي سي مركزا بريطانيا لفحص الصناديق السوداء في مدينة فارنبورو.
ويشبه المختبر شديد السرية المكان الذي سيتم فيه فحص الصندوق الأسود للطائرة الماليزية التابعة لشركة إير آسيا، والتي كانت تقل الرحلة رقم QZ8501.
ويميز المختبر الغرف العازلة للصوت ذات الأقفال المغناطيسية، لكي تمنع التنصت الإلكتروني المحتمل. ووفقا للقانون الدولي، فإن الأشخاص المصرح لهم بالاستماع إلى التسجيلات هم المحققون وأفراد طاقم الرحلة.
وتعمل مكبرات صوت موزعة على أربعة جدران على خلق الأجواء مماثلة لما نجده على متن الطائرات. وتُحمَل تسجيلات كابينة الطائرة، بما في ذلك الضوضاء الخلفية والمحادثات، على أجهزة كمبيوتر ليدققها الخبراء. وهناك بعض الخطوات المتبعة في التحقيقات الخاصة بحوادث الطيران.
في حالة حادث طائرة إير آسيا غمر الخبراء أجهزة التسجيل أولا في الماء لتقليل الصدأ. ثم يتحقق الخبراء بعد ذلك من أن لوحتي الدوائر الكهربائية المعروفتين بـ”الصندوقين الأسودين” جافتان تماما، وتكون هاتان اللوحتان عبارة عن شرائط ممغنطة في الطائرات الأقدم طرازا.
ويتم ذلك عبر وضع “الصندوقين الأسودين”، ويحتوي أحدهما على البيانات الفنية للرحلة والآخر على التسجيلات الصوتية، داخل كبائن تجفيف لمدة قد تصل إلى ثلاثة أيام.
وتمتص تلك الكبائن أية رطوبة في لوحتي الدوائر الكهربائية، بما يمنع أي فقدان محتمل للبيانات. وبمجرد أن يبدو أن هذه الأجهزة الإلكترونية يمكن استخدامها بأمان، يبدأ المحققون في الاستماع إلى التسجيلات.
وقال مارك فورد من إدارة تحقيقات الحوادث الجوية البريطانية: “يمكن أن تقدم تسجيلات كابينة الطائرة معظم الإجابات الفورية على بعض الأسئلة التي قد يطرحها المحققون”. لكن بالإضافة إلى ذلك، يستمع المحققون بمنتهى العناية إلى الضوضاء الخلفية.
وأضاف مارك فورد لبي بي سي: “نحن ندقق أيضا في الأصوات التي تصدر خلف الأصوات الرئيسية، ومن خلال ذلك يمكننا التقاط معلومات مرتبطة بأداء المحركات على سبيل المثال”.
ويقول فورد إن تحليل البيانات الفنية للرحلة المسجلة بواسطة الجهاز الثاني تستغرق وقتا أطول. وحينما تكون هذه البيانات جاهزة، يجمع الخبراء بينها وبين المعلومات التي تم جمعها من التسجيلات الصوتية ومعلومات الملاحة الجوية، لرسم صورة لما يحتمل أنه حدث خلال الرحلة وتسبب في الحادث. وفي حالة طائرة إير آسيا التي كانت تقل الرحلة رقم QZ8501 فإن هذه العملية قد تستغرق عدة أيام.