العرب بين تكالب الأعداء وكبوة الجواد وأهمية الكنز/ باباه ولد التراد
لايزال أعداء الأمة العربية من الأمم الحاقدة ، والشعوبيين الأغبياء من داخلها ، يشنون حملة هوجاء على هذه الأمة حسدا وكراهية ويصفونها بأبشع النعوت ،سيما في أوقات ضعفها ـ كما هوحاصل الآن ـ بسبب كثرة الأعدا ء والتحالفات الخبيثة .
رغم أن هذه الأمة هي مهد الحضارات ومهبط الرسالات ، ومثوى المقدسات ، كما أن الله سبحانه وتعالى قد خصها بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي أعاد صياغة الإنسان ووضع الأساس لبنائه في فترة من التاريخ كانت البشرية فيها بأمس الحاجة إلى رسالة من السماء تنقذ المجتمعات من الانهيار، وتصفي القلوب من شوائب الشرك، وتوجه العقول نحو عقيدة الوحدانية .
وهو ما جعل العرب ينضوون تحت لواء العقيدة الإسلامية التي أفرزت بطولات نادرة، وجعلت المسلمين ينتصرون على كثير من الأمم ، إلى أن بلغ الإسلام أقصى أنحاء العالم ،وبنى قادته العرب دولة حضارية متينة للدين والدنيا معًا ، أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، بفضل القرءان الكريم واتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
ومما زادني شرفا وتيـــــها وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك ياعبادي وأن صيرت أحمد لي نبيــا
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “اقتضاء الصراط المستقيم ” (ونعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها ونحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق”. ولا نقول بقول الشعوبية وأرذل الموالي، الذين لا يحبون العرب، ولا يقرون بفضلهم، فإن قولهم بدعة وخلاف.”
كما أكد ذلك أحمد البدوي المجلسي العالم الكبير والنسّابة الشهير، الذي نظم غزوات النّبيّ صلى الله عليه وسلم نظما جيدا، يدل على تبحره في السيرة ، وأحيا أنساب العرب، بنظمه “عمود النسب” الذي يقول في مستهله :
حمدا لمن رفع صيت العرب … وخصّهم بيـن الأنـام بالنّبي وعمّهم إنعامـــــه بنسبتـــه .. . فدخلوا بيمنها في زمرتـه
ودوّخوا بسيفهم غلب العــــجم … إذ هم بنـو أب وأم بالحـرم إذ الخيول البلق في فتوحهم .. والرعب والظفرفي مسوحهم هم صفوة الأنام من أحبّهــــم … بحبّـــه أحبّـــهم وودّهـــــم كذاك من أبغضــهم ببـــغضه … أبغضهم تبّا له من معضـه أئمّة الديـــن عماد السنّـــــــه … لسانهم لسان أهل الجنّـــــه.
مع أن هذه المواهب كلها لم تكن منحة للعرب من حركة سياسية قومية أو إسلامية ، بحيث يمكن أن تنزعها منهم وتدفعها لأمة أخرى ، تركية كانت ، أوفارسية .. وإنما هي هبة من الله العلي القدير، للأمة العربية ، التي لايقبل الحاقدون أن ينسب لها فضل ، كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى : ( أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ) ،وقوله : (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وماكان عطاء ربك محظورا ) صدق الله العظيم.
ـ تكالب الأعداء على الأمة العربية :
استطاعت إسرئيل عن طريق اللوبي الصهيوني،في الولايات المتحدة ومغريات “القرن الآمريكي الجديد” والإستغلال الخبيث لأفكار”صموئيل هنتنغتون” االمتشائمة والتي حرفت رؤية د. مهدى المنجرة حول صراع الحضارات ، أن تقنع الولايات المتحدة بشن حروب متواصلة على دول بعينها في المنطقة نيابة عنها ، لأن ذلك يجعل من إسرائيل حجر الزاوية، ويتحقق من خلاله إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط التي بشر بها المستشرق اليهودي “برنارد لويس” في مشروعه “الشرق الأوسط الكبير”الذي يعد أخطر وثيقة أقرها الكونغرس الأمريكي سنة 1983 حيث نجم عنها ما بات يعرف اصطلاحا ب ” الفوضى الخلاقة” .
فقدتم طرح هذه الوثيقة الإستعمارية بغية تفتيت الشرق الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة اثنية ومذهبية ،من أجل أن تتسنى فرصة حقيقية لفدرالية تقودها إسرائيل باعتبارها الدولة المركزية الوحيدة التي ستحكم المنطقة سعيا منها لتحقيق حلم ” إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات” بعدما تضعف دول الجوار.
كما أن إسرائيل نفسها لازالت ترتكبت الجرايم والمجازربحق الشعب ، الفلسطيني وتغتصب الأراضي العربية وتملأ السجون بالأسرى والمعتقلين ، فضلا عن قيامها بدور كلب الحراسة في المنطقة .
وعلى غرارأفكاروتطلعات الدولة الصفوية ،اتبع الإيرانيون سياسة تصدير الثورة إلى خارج الحدود ، عن طريق استنهاض الروح الطائفية في العديد من الدول العربية ، غير أنما فشلت طهران في تحقيقه بالحرب مع العراق لمدة ثماني سنوات ، قد حققته إيران بعد الغزو الأميركي للعراق سنة 2003 ، وبذلك أصبح العراق محتلا من طرف تحالف خبيث يتقن لعبة التقية .
ولكن استنادا إلى سيرة الأمة العربية مع أعدائها ، وتاريخ بعض الأمم الحية التي تستعيد ألقها بعد المحن ،فإننا نجد أن أمتنا تنهض باستمرار بعد كل كبوة خطيرة ، فقد انتصرت هذه الأمة انتصارات باهرة بعد احتلالها من طرف كل من الفرس والروم ، والأحباش والصليبيين والمغول والأتراك ، والفرنسيين والإنجليز ،والإيطاليين ـ وقبل أن يكون ذلك الإحتلال بسبب الحركات القومية أوالإسلامية التي لايتورع البعض عن اتهامها اليوم بأنها هي سبب البلاء على الأمة العربية ـ !
وفي المقابل فقد خضعت عشرات الأمم للإحتلال هي الأخرى ، لكنها نهضت بعد ذلك ، مثل الولايات المتحدة ، وفرنسا وألمانيا واليابان والصين والهند ..
غير أن سياسة التثبيط التي ينتهجها الشعوبيون في كل المناسبات ينبغي أن يتم التصدى لها من طرف الكتاب وأصحاب الضمائر الحية ، رغم أننا ندرك خطورة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأمة العربية من طرف أعدائها الحاقدين الذين تكالبوا عليها من كل فج إلى أن تم تغييب العديد من العواصم العربية .
ومع ذلك فإن الأمة العربية تمتلك روح المقاومة وحتل موقع القلب من الجغرافيا العالمية ولايمكن القضاء عليها ولا تدجينها مهما بلغت شراسة الأعداء ، لذلك تقول إحدى الفسطينيات :
“ولكني لاأعرف السقوط ولا الإنحناء ،لاأعرف التصفيق ولا الهتافات
أنا فلسطينية أنا من قلت للصمود اصمد وللصبر اصبر أنا فلسطينية
أسيرة لاتذل للسجان “.
وفضلا عن ذلك فإن أمتنا يقف وراءها تراث العروبة والإسلام ، وزادها تقوى الله ، خلافا لأمم أخرى يقتدي بها الكثيرمنا ، مع أنها لاتؤمن بالله الواحد الأحد ، وأبناؤها لم يكتبوا حرفا من سورة المائدة ،وبناتها لم يحفظن ءاية من سورة النور، و”نحن أمة أعزنا الله بالإسلام ولانبتغي العزة بغيره”، ومحيطنا من الدول الإسلامية متفاعل مع المركزمحبة وإخلاصا بعيدا عن “رؤية الفضل على الغير”.
ـ المساعي الغربية للسيطرة على منابع النفط العربي :
إن النفط هو أهم سلعة في العالم لذلك يسميه البعض بالذهب الأسود. أوشريان الحياة ، ويزيد استخدام النفط عامًا بعد عام، وإمدادات العالم منه تنفد بسرعة. ولو استمرت معدلات الاستهلاك الحالية على ماهي عليه ، فسيصبح النفط شحيحًا في أواسط هذا القرن .
ولتجنب نقص واسع النطاق في الطاقة، يختبر العلماء ضروبًا اصطناعية من الزيت، وكذلك مصادر أخرى للوقود. ولكن حتى لو ظهرت سريعًا مصادر أخرى للطاقة، سيضطر الناس للاعتماد على النفط لسنوات عديدة، فقدعجزت بدائل البترول التي طرحت للبحث عن بلوغ الهدف الذي حاولت تحقيقه ، والتي كان من بينها :
1ـ محاولة استغلال طاقة الرياح وأمواج المحيطات التي تعد غير اقتصادية .
2ـ الكيمياء الصناعية كالكحول المستخرج من الذرة والشعيروالذي أثبت أنه غير فعال.
3ـ استخراج الطاقة النووية الذي تأكد أنه غير مأمون بعد حادثة “تشرنوبيل” التي وصلت إلى حد الكارثة .
4ـ العودة إلى استخدام الفحم الذي لم يعد يتلاءم مع كل الإعتبارات الجديدة ، كما أنه خطوة إلى الوراء في تكنلوجيا الإنتاج .
غيرأن المستهلك الأمريكي لم يهتم بهذه البدائل، فالسيارات مثلا في الولايات المتحدة تستهلك 14 مليون برميل يومياً من الوقود.
وبينما تقول الإحصاءات أن بقية المنابع التقليدية للبترول تتراوح مدة عطائها الباقي إلى ما بين 25 أو 30 سنة ، فإن بترول العرب أمامه مابين 50 إلى 70 سنة .
كما أن الوطن العربي يتوفر على احتياطيات ضخمة تقدربحوالي 67% من احتياطي البترول العالمي .
ومع ذلك فإن النفط سيبقى سببا حقيقيا ومباشرا في العدوان على الأمة العربية، لأن معظـم البلـدان الصناعيــة تعتمـد بدرجــة كبــيرة على النفـط العربي لاستيفـاء حاجاتها من الطاقة . وقد اعترف بعض القادة الآمريكيون بأن أحد دوافعهم الحقيقية وراء عدوانهم على العراق سنة 1991 هو استمرار السيطرة على منابع النفط والمحافظة على تدني أسعاره.