بعض العرب بألف وجه / نبيل الفارس
إن كان هناك من حسنات وفوائد لما يعيشه الإقليم من أحداث وتداعيات لما عرف ب( الربيع العربي ) ، وهو بعينه العبث بحاضر ومستقبل شعوب المنطقة ومقدراتها لصالح التحالف الصهيوأمريكي الوهابي السلجوقي الأوردغاني …
أقول ، إن كان هناك من حسنات لكل هذه المآسي التي تعيشها شعوبنا العربية ، هو أنها كشفت وفضحت وأزالت الأقنعة عن وجوه الكثيرين من الكتاب والإعلاميين والمفكرين والسياسيين ، وحتى أصحاب القرار ممن انخدعت بهم شعوبنا لحقب طويلة من الزمن … ولن أتطرق في هذه العجالة إلا لبعض الكتّاب والإعلاميين الذين طالما صفّقنا لهم ولخطابهم الثوري والتقدمي اليساري والقومي ، ولطالما اعتبرناهم قدوة وأصحاب مدارس في الفكر والثقافة والموقف السياسي الملتزم والمسؤول … وقد كنت أطلقت على أمثال هؤلاء في أكثر من مقال سابق لي صفة يستحقونها عن جدارة ، وهي … ” المثقفون المفخخون ” ، وهم بالمناسبة أخطر بآلاف المرات من السيارات المفخخة مهما كانت قوة تدميرها وعدد ضحاياها … ولا ارى من داع لأن أذكر إسم أيّ منهم بالتحديد ، لأن القاريء الذكيّ والمتابع يستطيع معرفتهم واحدا واحدا دون كثير عناء … ** أولهم :
زعيم فصيل فلسطينيّ مسلّح والمفروض أنه فصيل مقاوم … لم يجد الحضن الدافيء لاحتضانه واحتضان قيادات فصيله ( المقاوم ؟ ) عندما ضاقت بهم الأرض بما رحبت سوى سورية والقيادة السورية والشعب السوري … ولهذا ( الزعيم ؟ ) من مفردات وتعابير الإحترام والتقدير والمحبة والشكر والتبجيل للرئيس بشار الأسد والشعب السوري ما تنوء به الجبال … ولكنه سرعان ما انكشف عاريا كما ولدته السماء أمام جماهير شعبه الفلسطينيّ أولا وجماهير الأمة العربية والعالم بموقفه المشين مما تتعرض له سورية وجيشها وشعبها ودورها في محور المقاومة … ارتدّ بخنجره المسموم لينال من اليد التي طالما امتدت اليه بالمال والسلاح والغذاء ، وقد رأى بثاقب نظرته المتآمرة أن يكون في الخندق المعادي لسورية العربية انسجاما منه وتماهيا مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي ينتمي وفصيله إليه … ** ثانيهم : حامل شهادة الدكتوراه … أكاديمي وسياسي … و … ( مفكر ؟ ) … كان شيوعيا وانقلب على الشيوعية ليصبح قوميا وزعيما لتنظيم قوميّ يناضل من خلال العضوية فيه الكثير من أبناء فلسطين المحتلة ( عرب 48 ) … ثم ، فجأة غادر الأرض المحتلة التي كان يشغل فيها مقعدا في الكنيست الصهيوني ، ولم يجد الحضن الدافيء إلا في سورية التي أطعمته من جوع وآمنته من خوف … ويستطيع القاريء بمنتهى السهولة واليسر أن يجد عبر محرك البحث ( جوجل ) العديد من قصائد المديح بسورية وشعبها وقيادتها الملهمة ( حسب تعبيره هو ) وبالرئيس بشار الأسد شخصيا …. ثم ، وعند ابتداء المؤامرة ، صدرت له الأوامر من أسياده القطريين والتحالف الصهيوأمريكي لينقلب على سورية ، ففعل … وها هو الآن ( برغي ) تافه وصغير في الماكينة الإعلامية الضخمة المعادية للدولة الوطنية السورية … ** ثالثهم : وربما أخطرهم … أقول أخطرهم لأنه بألف وجه ، وله ألف خطاب وألف مقال لألف مقام … فهو مسيحي مشرقي عندما يخاطب الجنرال عون ، وهو مقاوم وممانع عندما يتحدث الى حزب الله ، وهو قومي اجتماعي أو بعثي عندما يتحدث الى إخواننا السوريين … والأنكى من ذلك أنه خلال لقاءاته مع الإيرانيين محبّ لآل البيت ومؤمن بولاية الفقيه !!! … وعلامات التعجب هذه ، لأني نسيت ( في الزحمة ) أن أذكر أنه شيوعي ومفكر ماركسي كما يحب مريدوه أن يصفوه … أما في بلده ، فإنه إقليمي حتى النخاع ضد أحد أهم مكوّن من مكوّنات الشعب في ذلك البلد … ويمارس أقسى وأبشع أنواع الإقصاء والتهميش ضد ذاك المكوّن … أكتفي بهذه الأمثلة على بؤس بعض ( مثقفينا ) و ( كتّابنا ) و ( مفكّرينا ) … وعلى ازدواجيتهم وتقلّب وجوههم وانعدام ضمائرهم … هؤلاء أخطر من الألغام والقنابل الموقوتة والسيارات المفخخة … إنهم بشر من لحم ودم … ولكن … مفخخون . نبيل الفارس ( الأردن ) السبت 21/2/2015 م …