إنهم يستحقون أكثر من بطاقة حمراء!!

سألني العديد من الأصدقاء عن سر هذه الصورة التي أظهر فيها وأنا أرفع البطاقة الحمراء، فلماذا اخترتها لأن تكون هي صورتي الشخصية على صفحتي في “الفيسبوك”؟ ولماذا ظهرت هذه الصورة في مثل هذا الوقت بالذات؟ وفي وجه من أرفع هذه البطاقة الحمراء؟ ولماذا لم أرفع بطاقة صفراء من قبل رفع هذه البطاقة الحمراء؟

بدءا أقول ورغم أني لا افهم الشيء الكثير عن قوانين لعبة كرة القدم بأن الحكم قد يضطر في بعض الأحيان لأن يرفع البطاقة الحمراء دون المرور بالبطاقة الصفراء إن ارتكب أحد اللاعبين خطأ فادحا، ونحن اليوم أمام “قائد فريق” قرر أن يلعب بشكل خشن جدا، وأمام “حكم” قرر أن ينزل إلى الميدان ليلعب مع فريق ضد فريق آخر، فكيف لا نرفع بطاقات شديدة الاحمرار بعد كل هذه الممارسات المخلة بقوانين اللعبة؟

البطاقة الحمراء أرفعها في وجه المدير، وفي وجه الرئيس، وأرفعها أيضا في وجه كل متفرج من الجمهور قرر أن يتابع هذه المباراة الخشنة بشيء من عدم الاكتراث وببرودة أعصاب مستفزة.

لقد رفعتُ البطاقة الحمراء على أرض الميدان لمرتين، كانت الأولى أمام القصر الرئاسي، وفي وقفة تضامنية مع عمال “اسنيم” المضربين، وهي وقفة لم يشارك فيها سوى أربعة أشخاص، وكنتُ أنا خامسهم . أما البطاقة الحمراء الثانية فقد رفعتها خلال مسيرة انطلقت مساء الثلاثاء الماضي من أمام دار الشباب القديمة وانتهت بوقفة أمام ممثلية شركة “اسنيم”، وقد شارك فيها العشرات من المتضامنين مع عمال “اسنيم” المضربين، وبالمناسبة فإنه ـ وحسب علمي ـ لم تنظيم أي نشاط تضامني آخر مع عمال “اسنيم” في العاصمة “نواكشوط” خارج هذه الوقفة التي شارك فيها خمسة أشخاص، أو تلك المسيرة التي لم يصل عدد المشاركين فيها إلى المئات.

أيعقل هذا؟

وأي جمهور كسول كهذا؟

أَوَ ليس في تجاهلنا اليوم لمعاناة “اسنيم” شيء من لؤم، خاصة وأن “اسنيم” هي الشركة الموريتانية الوحيدة التي لا تكاد تجد أسرة موريتانية إلا ووصلها شيء من خيرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؟

إنه على الجميع أن يعلم بأن الانهيار والإفلاس لا يهدد اليوم دكان الحي، حتى يكون بإمكاننا أن نواصل تفرجنا المعهود، وإنما الأمر يتعلق بعصب الاقتصاد الموريتاني وبمصير أكبر شركة في البلاد، إنه يتعلق بمصير الشركة التي تشغل الآلاف من العمال، والتي تغذي ميزانية الدولة الموريتانية بعشرات المليارات من الأوقية كل عام (مائة مليار في العام 0132)، فهل يعقل أن نواصل تفرجنا على هذه الشركة وهي تنهار؟

إن شركة “اسنيم” قد أصبحت في خطر، ولا توجد اليوم أي طريقة لحمايتها سوى أن نقف صفا واحدا مع العمال المضربين، وذلك من أجل إجبار السلطات على أن تفتح باب الحوار الجدي معهم.

فلا يعقل أن يستمر الإضراب لشهر كامل وتظل السلطات تتجاهله بحجة كاذبة وهي أن الإضراب لم يؤثر سلبا على إنتاج الشركة.

فكفى خداعا..

كفى عنادا..

كفى غطرسة..

فالآليات والمعدات الثمينة لهذه الشركة قد بدأت تتعطل، وإن ذلك مما لا يبشر بخير على مصير هذه الشركة.

حفظ الله موريتانيا..

محمد الأمين ولد الفاضل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى