أزمة موريس بانك: البنك المركزي وسباق التناوب
خلال المتابعة و الدراسات و عملية جمع المعلومات حول أزمة موريس بانك الإسلامي توقعت سلسلة من الأحداث و التطورات و كانت التوقعات في محلها لقد أشرت أكثر من مرة أن الأزمة قد تخرج عن السيطرة و تتجه نحو أفق مسدود لتتشكل ملامحا جديدة و تظهر صورة البنك المركزي الحقيقية أمام الرأي العام و قد توصلت أثناء البحث و التحري في الأزمة على معلومات مدهشة و غاية في الأهمية و تأكدت من مصدر موثوق في موريس بانك عن صحة و تطابق المعلومات و هي كالتالي :
✓ مبالغ الودائع الشخصية 1.700.000.000 ( مليار و سبعة مائة مليون أوقية) ✓ ” ودائع المؤسسات 5.000.000.000 ( خمسة مليارات أوقية ) ✓ مبالغ المقاصة 4.500.000.000 ( أربعة مليارات و خمسة مائة مليون أوقية ) ✓ المجموع : 11.200.000.000 (إحدى عشر مليار أوقية) ما للبنك ✓ متأخرات 1.650.000.000 ( مليار و ستة مائة و خمسون مليون أوقية) ✓ ديون 1.900.000.000 ( مليار و تسعة مائة مليون أوقية) ✓ أرصدة 8.600.000.000 ( ثمانية مليارات و ستة مائة مليون أوقية) ✓ المجموع : 12.150.000.000 (اثنتا عشر مليار و مائة و خمسون مليون أوقية)
و النتيجة أن موريس بانك الإسلامي كان واعتمادا على المعطيات الإحصائية المحصل عليها أخيرا انه في وضعية صحية و عملية مرضية و هذا يعطي انطباعا ان البنك المركزي تباعا لحيثيات و مسار ألازمة يعاني من مأزق حقيقي و يحاول بشتى الوسائل الخروج من “عنق الزجاجة ” و التظاهر بمظهر المنتصر و لكن هل الانتصار في تدمير بنك من البنوك الوطنية الخالصة ؟ هل الانتصار في تصفية ممتلكات رجل أعمال خدم و قدم العمر و المال لخدمة موريتانيا و أبناء موريتانيا ؟ هل الانتصار في دعم و توسيع دائرة و نطاق سوق البطالة بأكثر من 250 كادر من خيرة الكوادر ؟ و هل الانتصار هو حبس ولد مكية و مدير بنكه دون محاكمة ؟ لقد برهنت المعطيات و حسب مصادر قضائية موثوقة ان قرار سحب الرخصة كان قرارا ارتجاليا و مخالفا للمساطر المعمول بها و مقتضيات القانون المنظم للبنك المركزي المرسوم رقم 04.2007 و كذلك الإجراءات التراتبية قبل السحب و المؤشرات تؤكد وجود أزمة سيولة و صعوبات جمة يعاني منها المركزي و أن هناك جهة ما نافذة ( اشرنا إليها في حلقات سابقة) تحاول و بكل الوسائل النيل من سمعة و مكانة ولد مكية …. أن خطوات المركزي المتسارعة و المثيرة للريبة و الحيرة و الشك تشير إلى أن هناك قضية ما يحاول المركزي التستر عليها و إخفاءها و إشغال الرأي العام الوطني بأزمة موريس بانك المفتعلة و يدعم هذا الاتجاه و حسب رأي بعض المحللين سلسلة الأحداث المتسارعة بالتصفية و الاستيلاء على ممتلكات موريس بانك الإسلامي و بطريقة غير شرعية و غير قانونية و غير مهنية و غير أخلاقية و الإبقاء على ولد مكية و معاونه ولد الخطاط قيد الاحتجاز رغم انتهاء التحقيق و إغلاق الملف وهذا يخالف شروط الحبس الاحتياطي ثم رفض الحرية المؤقتة رغم انعدام شروط الاعتقال حسب المادة 138 و بالتالي ثبوت الحرية
إن المخاوف التي اشرنا إليها في الحلقات السابقة قد تحققت فالتظاهرات المتكررة أمام القصر الرئاسي و في ازويرات و أطار و نواذيبو و شنقيط و بئر أم كرين ليست إلا انعكاسات لتلك التنبؤات و باتت مسالة فتح تحقيق مستقل حول أزمة موريس بانك من المطالب المطروحة ضمن خيارات أخرى اجتماعية و سياسية إن التكتلات من قبيل تحالف قبائل الشمال و مبادرات قبائل الركيبات و تكنة التي تنشط هذه اللحظات في ازويرات و نواذيبو و نواكشوط قد تعطي للازمة بعدا آخرا و مسارا مغايرا للأحداث و على وجه الخصوص الإضرابات العمالية المتواصلة و خسائر سنيم اليومية الفادحة و فشل المفاوضات بين المناديب و الوفد الحكومي ووضعية المنطقة و تضييق الاستيراد إلى نواذيبو مؤشرات و أمور ذات خطورة عالية على الوضع الاقتصادي الحساس الذي لا يتحمل الضربات المتتالية إن مبدأ التفاوض يقوم على قاعدة ” Something for everything & everything for something” ووجه المقارنة بين أزمة موريس بانك و المركزي و بين العمال و الحكومة هو تعنت طرف و استخدامه المفرط للسلطة و النفوذ ضد الطرف الآخر و الخاسر الأول و الأخير هو الاقتصاد الموريتاني و قلت سلفا أن البحث عن الحل أفضل من خلق المشكلة و هذا عبر وضع خطط استيراتيجية دقيقة و دراسات تقنية اقتصادية معمقة أن الحلول السياسية ليست هي العلاج المناسب و الوصفة الشافية للأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية الحرجة إن الوضع القائم ينبي بكارثة بل كوارث اقتصادية و اجتماعية و سياسية لقد اشرنا في عديد الحلقات إن ندرة السيولة أزمة عالمية و محاولة التستر عليها و إيهام الرأي العام بوضع اقتصادي جيد سوف تصطدم بحائط الواقع و هي حلقة مفرغة من حلقات القرقوز التي تضحك الأطفال ليبكوا في النهاية لان البطل دمية
وللأمانة العلمية قد توصلنا خلال البحث في أزمة موريس بانك أن مساهمات المصرف الإسلامي لا تقتصر على المرابحات و الضمانات و معاملات الصيرفة التقليدية بل تجاوزتها إلى الدعم الاجتماعي و الإعانات و الكفالات و الحج و العمرة و إحياء السيرة النبوية و دعم المساجد و الأئمة كما انه كان أول مصرف وطني يدعم قرابة 300 إطار من اطر الدولة المتدربين في المدرسة الوطنية للإدارة و القضاء ( قضاة – ماليون – إداريون … الخ) و كانت منحهم لا تتعدى 2.4 دولار لليوم وقد وفر لهم موريس بانك الإسلامي قروضا ميسرة و بمبالغ معتبرة.
إن ما نراه الآن من أزمات و اضطرابات و إضرابات و مفاوضات و تناقضات و تجاذبات ليست إلا انعكاسا غير مباشر لازمة موريس بانك الإسلامي و ما سياسة سباق التتابع و استباق الأحداث التي ينتهجها المركزي إلا خير دليل على العشوائية و التخبط في اتخاذ وصنع القرارات و الأيام القليلة المقبلة ستشهد تقلبات لا مثيل لها و إضرابات لن تشمل القطاع الفني و الإداري فقط بل تتجاوز تلك الحدود إلى قطاعات أخرى لان الأمور على فوهة بركان و تجاوزت الحد المعقول و تأزمت إلى أقصى الدرجات لقد صرح مسؤول حكومي ان نظام المالية متـآكل و تجاوزه الزمن و لا يفي بمضمون المتطلبات العصرية فهل البنك المركزي ضمن اللائحة المشمولة في المالية ؟ و سوف يعمل جاهدا على تطوير و تحسين الجهاز المالي و الإداري و ترقية الدراسات الاستيراتيجية ؟ الجواب مفتوح و الأيام المقبلة تحمل بين طياتها مفاجآت و توقعات اقلها وطأة شلل إنتاج سنيم أو عرضها للبيع ! و ان غدا لناظره قريب.
حلقة 6
أ.عبدو سيدي محمد – باحث
*ملاحظة للموضوع مراجع